" الفرار" حلم مقاتلي داعش الغربيين

الحدث الأربعاء ٠٨/يونيو/٢٠١٦ ٢٠:١٩ م

عواصم – ش

قال دبلوماسيون غربيون إن المئات من مواطنيهم ممن التحقوا بتنظيم داعش كمقاتلين قد عادوا إلى بلدانهم فى أوروبا، بينما يقوم عدد آخر بالتواصل مع حكوماتهم طلبا للمساعدة لمغادرة المناطق الواقعة تحت سيطرة التنظيم، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.
ونقلت الصحيفة عن مسئولين يمثلون ستة بلدان غربية، بالإضافة إلى شبكة سورية معنية بمساعدة المنشقين عن التنظيم، أن بعض المواطنين الغربيين فى التنظيم المعروف بداعش قد نجحوا فى الوصول إلى تركيا وقاموا بزيارة سفارات بلدانهم، بينما قام البعض الآخر ببعث رسائل سرية مسربة من داخل سوريا أو قام باتصالات تليفونية هامسة، ولكن على هؤلاء الهروب إلى تركيا بشكل أو بآخر، وهى رحلة قد تكون مروعة.
وتأتى المحاولات المتزايدة لغربيين للهروب من داعش فى ظل تقلص رقعة الأراضى التى يسيطر عليها وهجمات جديدة ضد معاقله فى الرقة بسوريا والفلوجة بالعراق، إلا أن الدبلوماسيين قالوا للصحيفة إنه ليس كل من يحاول الهروب هو مقاتل، فبعض الغربيين تم إغوائهم لإعلان ولاؤهم للتنظيم والعيش بالأراضى التى احتلها والآن يشعرون بعواقب قرارهم.
وقال منسق المخابرات الوطنية الفرنسية ديدييه لو برت فى مؤتمر مؤخرا إن "قواتهم قد بدأت فى المغادرة، هناك العديد من الفرنسيين العائدين لديهم شعور أن الأمور لا تسير على ما يرام"، مضيفا أنه هناك عائدون من جنسيات أوروبية أخرى.
وأكدت الصحيفة أن طلبات العودة تمثل تهديدا أمنيا للدول الغربية، فما أن يظهر مواطن غربى عائد من داعش فى تركيا يقوم مسئولون أتراك وغربيون بتقييم وضعه وما إذا كان يعد عنصر خطر، خاصة بعد هجمات باريس وبروكسل. وألقت السلطات الألمانية القبض على ثلاثة سوريين بأراضيها لانتمائهم لتنظيم داعش، وواحد منهم كان قد وصل إلى ألمانيا على أنه لاجىء.

ارهاب
ذكر عدد من المقاتلين الألمان ضمن تنظيم "داعش" والذين عادوا من سوريا مؤخرًا إلى ألمانيا، أن التنظيم يمارس الإرهاب مع أعضائه بأقصى درجة، حسبما ذكرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونج".
وأضافت الصحيفة، أن هناك حوالي 200 من الجهاديين الإسلاميين عادوا إلى ألمانيا، تعاون خمسهم تقريبًا مع سلطات الأمن الألمانية وأدلوا خلال الاستجوابات التي أجريت معهم بمعلومات عن الفترة التي قضوها بين أعضاء تنظيم "داعش".
وقالت الصحيفة، إن العديد من العائدين صوروا مناخًا من الخوف والريبة والقسوة يسود بين أعضاء التنظيم، وقال أحدهم إنه وضع في "مجزر" لأنه لم يسلم جواز سفره لقيادات التنظيم، مبينًا أن جدران المكان كانت ملطخة بالدماء، وأن جثة بلا رأس ألقيت داخل الحجرة التي كان ينام فيها. وأوضح التقرير، أن التنظيم يقوم بتعذيب من يشك في قيامهم بالتجسس عليه أو يقتلهم رميًا بالرصاص أو بقطع رقابهم. وقالت الصحيفة الألمانية، إن أحد العائدين ذكر أن وافدًا جديدًا على التنظيم أعدم لأنه خبأ هاتفه المحمول فقط، مبينًا أن رجال التنظيم كانوا يخشون فيما يبدو من قدرة الطائرات بدون طيار على تحديد المواقع التي بها هواتف محمولة.

مخاوف
منذ عدة ايام فائتة نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية مقالا للكاتبة ماري جيفسكي بعنوان "الصراع في العراق وسوريا لايمكن أن يحله مقاتلون غربيون".
وتقول الكاتبة إن الصراع في البلدين الذي يضم نحو 25 ألف مقاتل "جهادي" لايجب أن يجر الغرب لإرسال مقاتلين أو قوات برية، لكن ينبغي أن أن تركز أوروبا على تفادي التهديد الذي يشكله العائدون من هذه المناطق.
وتضيف أن أعداد الجهاديين المنضمين للصراع تتزايد حسب إحصاءات الأمم المتحدة التى تؤكد أن مقاتلين من أكثر من 100 دولة حول العالم يصلون إلى سوريا والعراق للمشاركة في القتال بشكل مستمر.
وتوضح أنه إذا لم يكن الصراع في العراق وسوريا دوليا أو يؤثر على العالم، فإنه من الكافي أن ننظر إلى الخطر الذي يشكله أفراد تشبعوا بالأيديولوجيات المختلفة وتمرسوا على القتال وحصلوا على تدريبات وخبرة عسكرية إذا قرروا العودة إلى أوطانهم في أوروبا.
وتعتبر جيفسكي أن إحصاءات الأمم المتحدة والتقرير الصادر عنها حول المعارك في العراق وسوريا يعطي دعما أكبر لمخاوف الأجهزة المخابراتية الغربية وعلى رأسها "إم أي-5" و"إم أي-6" البريطانيان من التهديد الذي يشكله المواطنون الغربيون العائدون من هذه المناطق.

محاربة داعش
في اغسطس الفائت نشرت تقارير حول ساحات القتال في العراق وسوريا والتي باتت تجذب نوعا جديدا من المتطوعين، هؤلاء هم جنودٌ سابقون ومواطنون من أوروبا والولايات المتحدة هالتهم الفظائع التي يرتكبها متطرفو داعش فجاءوا إلى المنطقة للانضمام إلى الجماعات المسلحة التي تواجه التنظيم.
وتستمر موجة انتقال المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق، لكنها أصبحت تتخذ اتجاها معاكسا، حيث يسافر عشرات الأوروبيين والأميركيين إلى مناطق النزاع ليس للإنضمام لداعش ولكن لمحاربته.
وقد حمل عدد من الرجال على عاتقهم مسؤولية محاربة تجاوزات التنظيم المتطرف من قتل وذبح وتشريد لآلاف العوائل، خوفا من تداعيات تمدد داعش وأفكاره، ودفاعا عن الأقليات التي تشهد إبادة في المناطق المستولى عليها من قبل التنظيم.
وبحسب هؤلاء المقاتلين فإن فشل المجتمع الدولي في وضع حد لداعش دفعهم إلى ترك عائلاتهم وأحبائهم والانضمام إلى ميليشيات وجماعات للمحاربة والمساعدة في تدريب الراغبين في التصدي لبطش داعش.
ورغم عدم وجود أرقام رسمية لأعداد المقاتلين الأجانب ضد داعش أو "المقاتلين في سبيل الحرية" كما يعرف عنهم، إلا أن غالبيتهم من المحاربين القدامى إلى جانب بعض المتطوعين الذين لا يملكون خبرات عسكرية، ومن مجالات وأعمار مختلفة، بينهم أميركيون وكنديون وألمان وبريطانيون.
ومع تزايد أعداد الأجانب في صفوف داعش وتصاعد المخاوف من التهديدات التي يشكلونها مستقبلا على أوروبا وأميركا في حال عودتهم، يسعى الأميركيون والأوروبيون بشتى الطرق لوضع حد لهذه التهديدات.

غضب
وسط الاشتباكات وسقوط القنابل، يبدو أن المسلحين الغربيين يواجهون مشاكل تتجاوز تعطل أجهزة الآيبود أو ضياع أمتعتهم. هكذا تستهل صحيفة التايمز البريطانية تقريرها الذي أعده جون سمسون مراسل الشؤون الجنائية وتوم كوغلان مراسل الصحيفة في بيروت بعنوان " فجوة بين المسلحين الغربيين والمحليين في " داعش "حول المسلحين الغربيين في صفوف " داعش ".
ويتضح من التقرير أن مغني الراب وطلاب المدارس السابقين الذين تركوا أوروبا والولايات المتحدة من أجل المشاركة في ما يسمونه "الجهاد" في سوريا بدؤوا يتململون. ويقول معد التقرير إنه بينما يتحمل المسلحون العرب أعباء الحرب، يشكو المسلحون الغربيون من البرد في الشتاء، ومن سرقة أحذيتهم وغضب عائلاتهم من انضمامهم إلى " داعش ".
وقد كتب مسلح بريطاني في مدونته إنه يحس "بصدام ثقافي" بين الغربيين والمسلحين المحليين، الذين يصفهم بأنهم "عديمو التهذيب وكسالى وسريعو الغضب".
كما تقول الصحيفة إن المسلحين المحليين يشكون من أن المسلحين الأجانب يحصلون على مواقع أفضل وبيوت أفضل، بينما يعين السوريون خدما وحراسا لهم. كذلك كانت هناك شكاوى من هرب الغربيين من جبهات القتال.
المدعو عمر حسن كان يعمل حارسا أمنيا في متجر في بريطانيا وطُرد من وظيفته قبل أن يلتحق بتنظيم " داعش ". وقد عبر على مدونته عن إحساسه بالبؤس بين مسلحي " داعش ". واشتكى حسن من أنه بحاجة لخادمة من أجل أن تساعده في تقشير البطاطا، ومن أن المتسولين "محتالون".