عدن – إبراهيم مجاهد
ما أن دقت طبول الحرب أبواب البلد الأشد فقراً في منطقة الشرق الأوسط حتى قضت الحرب على كل شيء جميل في اليمن الذي لم يعد ذلك البلد السعيد؛ فلا أمن ولا استقرار ولا خدمات، واقتصاد اقترب من الانهيار التام، إن لم يكن قد تم.
ولأن أن اليمن بات غير سعيداً فمحافظة الحديدة الساحلية لم عروس البحر الأحمر أيضاً، تعيش منذ أكثر من عام تعيش ظرفاً استثنائياً نتيجة الحر الشديد الذي يلفح جسد هذه العروس، وأجساد جميع قاطنيها، إذ يصل المتوسط الشهري لدرجة الحرارة العظمى في فصل الصيف إلى (42.5 درجة مئوية) والصغرى إلى (20.6 درجة مئوية)، أما في فصل الشتاء فأن المتوسط الشهري لدرجة الحرارة العظمى تصل إلى (24ْ مئوية) والصغرى إلى (14ْ مئوية)".
طلاب المدارس بلا ملابس
أما نسبة الرطوبة فتعتبر نسبة عالية إلى حد كبير إذ أن متوسط درجة الرطوبة النسبية يتراوح بين (70ْ - 85ْ مئوية)، كما أن معدل التبخر مرتفع يزيد عن معدل التساقط.
ومع ارتفاع درجة الحرارة ونسبة الرطوبة المرتفعة تقبع الحديدة وسكانها تحت معاناة شديدة فالكهرباء مقطوعة عن هذه المحافظة منذ قرابة العام، كمعظم المدن اليمنية التي تعيش في ظلام دامس.
وما يزيد معاناة أبناء الحديدة ارتفاع درجة الحرارة التي أجبرت السكان على النوم في الشوارع أو في أسطح المنازل، علهم ينعمون بشيء من الرياح الباردة رغم نسبة الرطوبة العالية. في حين يلجئ طلاب المدارس خلع ملابسهم داخل الصفوف الدراسية والإبقاء على ما يستر عوراتهم، نتيجة انقطاع الكهرباء والحرارة الشديدة.
الحديدة مدينة منكوبة
وأمام هذا الوضع أطلق ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة الحديدة مدينة منكوبة وذلك من أجل لفت أنظار العالم ومنظمات الأمم المتحدة والحكومة الشرعية وسلطات الأمر الواقع في صنعاء إلى الاهتمام بهذه المحافظة التي تشهد ارتفاعا كبيرا في درجة الحرارة في ظل غياب تام للتيار الكهربائي منذ ما يزيد عن 270 يوما.
وقال الناشطون إن محافظة الحديدة تشهد موجة حر شديدة تصل إلى 47 درجة مئوية علما أن فصل الصيف لا يزال في البداية لا يستطيع الإنسان التعايش معها بدون الكهرباء لتشغيل أجهزة التكيف والمراوح الكهربائية .
وعبر الناشطون عن استيائهم من تهميش سكان الحديدة وتركهم يواجهون موجة الحر الشديدة والأوبئة الموسمية كحمى الضنك والملاريا والطفح الجلدي ناهيك عن توقف مراكز الغسيل الكلوي عن العمل وهو ما ينذر بكارثة إنسانية حقيقية، يحدث كل هذا دون أدنى اهتمام من جانب سلطات الأمر الواقع في صنعاء، أو الحكومة الشرعية المتواجدة في الرياض.
ويهدف الناشطون من خلال منشورات لهم على مواقع التواصل للفت السلطات والمنظمات الدولية الغائبة تماما عن المدينة والضغط عليها والتواصل معها وكذلك إيصال الرسالة لكل رجال الأعمال بغرض تقديم المساعدة لسكان المحافظة في مواجهة الحر و الأوبئة المصاحبة لها.
ويعاني سكان الحديدة إضافة إلى مشكلة الكهرباء من انقطاع للمياه وتوقف المرافق الصحية نتيجة انقطاع التيار في مدينة ساحلية تعرف بطقسها الحار وسط صمت مطبق من الجميع.
وكان مكتب الصحة بالحديدة قد أطلق نداء استغاثة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية ذكر فيه أن توقف الخط الساخن الذي يزود أهم مرافق صحية بالكهرباء متوقف منذ أكثر من أسبوعين، مضيفاً أن ذلك قد يؤثر على تقديم الخدمات التي يستفيد منها نحو 3 ملايين شخص.
*-*
الحديدة.. محافظة منسية وعروس البحر الأحمر
يرى مختصون في القطاع الصحي أن استمرار هذا الوضع في الحديدة دون تحرك جاد من السلطة المحلية بالمحافظة ينذر بوقوع كارثة صحية تتسبب في تردي الأوضاع الصحية لآلاف المرضى و تعريض حياتهم للموت بعد انقطاع الخط الساخن القادم من محطة الكثيب، الأمر الذي فاقم معاناة المواطنين بهذه المحافظة المنسية. وتقع مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر، وتبعد عن العاصمة صنعاء بمسافة تصل إلى حوالي (226) كيلو متراً. وتعد من أجمل المدن اليمنية وهي مركز محافظة الحديدة . ويشكل سكان عروس البحر الأحمر ما نسبته (11%) من إجمالي سكان الجمهورية اليمنية تقريباً، وتحتل المرتبة الثانية من حيث عدد السكان بعد محافظة تعز، وعدد مديريات المحافظة (26) مديرية، ومدينة الحديدة مركز المحافظة. وتعد الزراعة النشاط الرئيسي لسكان المحافظة، حيث تحتل المركز الأول بين محافظات الجمهورية في إنتاج بعض المحاصيل الزراعية وبنسبة تصل إلى (28.6%) من إجمالي الإنتاج، ومن أهم المحاصيل الزراعية الخضروات والفواكة والأعلاف فضلاً عن نشاط الاصطياد السمكي، بحكم أن المحافظة تطل على شريط ساحلي طويل غني بالأسماك والأحياء البحرية كماً ونوعاً. والنشاط التجاري في الحديدة متميز من خلال عمليتي (الاستيراد والتصدير) لثاني ميناء رئيس للجمهورية اليمنية، كما يوجد في المحافظة العديد من المنشآت الصناعية من أهمها مصنع أسمنت باجل، وبعض الصناعات الغذائية والمشروبات الغازية. وأهم المعادن الموجودة في أراضي المحافظة هي: الجرانيت، الرمال السوداء، الأصباغ، السيراميك، الملح الصخري، الجبس وبعض المعادن الطينية الأخرى.