
تم مؤخراً إطلاق سوق الشركات الواعدة، حيث عقدت جلسة نقاشية بمشاركة عدد من الجهات المختصة مثل بورصة مسقط ووزارة المالية وبعض الصناديق الاستثمارية. وقد شرفت بالمشاركة في حضور الفعالية، واستمعنا إلى شرح وافي عن هذه السوق ومزاياها والعوائد المتوقعة من الدخول إليها، ودورها في تطوير بيئة الاستثمار وسوق رأس المال. وغاب عن منصة الحوار المؤسسات صاحبة العلاقة، وربما العديد من رواد الأعمال وأصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة لا يعرفون كثيراً عن هذه السوق ومزاياها، ولم يفكروا أبداً في التوجه نحو الاستثمار في سوق الأسهم.
وقد نشرت وزارة المالية تفاصيل المرسوم السلطاني رقم (2025/18) بإنشاء سوق فرعية في بورصة مسقط بمسمى “سوق الشركات الواعدة”، وذلك لتعزيز دور قطاع سوق رأس المال. وحسبما ورد في المرسوم، فإن “سوق الشركات الواعدة” هو سوق فرعي في بورصة مسقط يتميز بمتطلبات وشروط إدراج مرنة، ويستهدف الشركات الخاصة ذات قيمة سوقية تتجاوز 500 ألف ريال عماني، ومخصص للمستثمرين المؤهلين.
وكما جاء في الحلقة النقاشية، فإن الدخول إلى سوق الشركات الواعدة يوفر خياراً تمويلياً جديداً للشركات الناشئة، الصغيرة والمتوسطة، والشركات الخاصة والعائلية، مما يمكنها من الإدراج وتداول أسهمها بمتطلبات إفصاح مخففة وتكلفة أقل، لتسهيل انتقالها لاحقاً إلى السوق الرئيسية. كما أن الدخول إلى هذا السوق يوفر خيارات تمويلية للشركات المستهدفة، بالإضافة إلى تعزيز السيولة للمستثمرين، وتسهيل عمليات التخارج، وتعزيز الحوكمة والاستدامة، وتمكين مؤسسات القطاع الخاص، مع توسيع قاعدة المستثمرين وتعزيز موثوقية الشركات عبر الإفصاح عن بياناتها.
وأكد المشاركون في الحلقة على وجود برنامج تحفيزي، وهو عبارة عن مبادرة وطنية تهدف إلى تشجيع مؤسسات القطاع الخاص على الاستفادة من الخيارات التمويلية المتاحة في سوق رأس المال، وذلك لمدة خمس سنوات عبر ثلاثة مسارات، يضم كل منها مجموعة من الحوافز. وكما أشار المشاركون في الحلقة النقاشية، فقد خصص المسار الثاني لدعم الشركات المدرجة في سوق الشركات الواعدة، حيث يشمل استرجاع ضريبي وإعفاء من أفضلية سعرية في ضريبة التقسيط، وإسناد عقود المشتريات والمناقصات، والإعفاء من رسوم وكيل التحويل، والتسويق للشركات المدرجة، ومسار تمويل سريع من بنك التنمية، بالإضافة إلى الإعفاء من رسوم الإدراج ونشرات الإصدار.
جميع هذه الحوافز والمزايا مشجعة للشركات الواعدة، ولكن في الوقت نفسه قد تتردد هذه الشركات في الدخول إلى هذه السوق خوفاً من فقدان خصوصيتها وفقدان التحكم في القرار. ومن الأسئلة التي طرحت من قبل الحضور موضوع الشركات العائلية، والتي لا تزال مترددة في الدخول إلى السوق والتحول من شركات مغلقة إلى شركات مساهمة عامة، رغم وجود تجارب ناجحة في دول المنطقة لشركات عائلية تحولت إلى مساهمة عامة وأصبحت ناجحة.
وربما لو خطت الشركات العائلية هذه الخطوة، فسوف يكون ذلك حافزاً للشركات الواعدة للدخول إلى السوق. ومن هنا ينبغي على سوق مسقط وهيئة الخدمات المالية تشجيع وحث الشركات العائلية أولاً على الدخول إلى هذا السوق، على اعتبار أنها شركات معروفة ولديها خبرة كبيرة في الأنشطة التي تمارسها، على أن يقوم السوق بتقديم حزمة من الحوافز والإغراءات لهذه الشركات لدفعها لذلك.
وهناك نماذج ناجحة في المنطقة لشركات عائلية دخلت إلى سوق المال وتحولت بعد فترة إلى شركات مساهمة عامة، وكانت فرصة لها للتخارج وتحقيق أرباح جيدة، والتوسع في الأنشطة والمجالات، والوصول إلى أسواق خارجية.