علي المطاعني يكتب: البيت والمدرسة تكاملٌ أم تنافرٌ!

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٣١/أغسطس/٢٠٢٥ ١٤:٢٤ م
علي المطاعني يكتب: البيت والمدرسة تكاملٌ أم تنافرٌ!

يتوجّه أكثر من 817 ألف طالب وطالبة إلى 1306 مدارس حكومية، وإلى جانبهم 233 ألف طالب وطالبة في 1223 مدرسة خاصة ورياض أطفال وفق إحصاءات 2024/ 2025 م في مشهد وطني يبعث على الأمل، ويؤكد على أن العلم هو طريق المستقبل، وأن الرهان على التعليم هو رهان سلطنة عُمان الأكيد. ونقف في هذا المنعطف المهمّ وقفة مهيبة عنوانها أن نكون جميعا يدًا واحدة، وصفًّا واحدًا، ورؤية ورؤيا واحدة، عونًا وعضدًا وسندًا وذخرًا لفلذات الأكباد وهم يبدأون دراستهم بآمال عريضة للسير في الطريق المفضي لمستقبل وضّاء انطلاقًا من رياض الأطفال وصولًا بحول الله وقوّته وتوفيقه إلى مقام الجامعات والكليات. إذ لا يمكن ليد الحكومة وحدها ممثلة في وزارة التربية والتعليم أن تصفّق، بل ينبغي مشاركة المجتمع بفاعلية، عندها يمكننا القول إن التكامل في معناه الأوضح قد جعله ربي حقا، وعندها يمكننا القول بثقة إن العملية التعليمية والتربوية تسير قُدمًا للأمام بكلتا قدميها، وبدون هذا التلاحم والتعاضد والتآزر فإننا ندور في حلقة مفرغة.

على ذلك لا بدّ أن يسود التكامل والتوافق بين أطراف المعادلة حتى يتسنى النهوض بالعملية التعليميّة كما ينبغي، ونمضي بها ومعها إلى مبتغاها وإلى غاياتها شاهقة العلو، الأمر الذي يتطلب منا جميعا الإسهام الفاعل في استكمال ما تقوم به الوزارة والمدرسة من جهد خارق لبناء الأجيال القادرة على الولوج لرحاب المستقبل بكل أريحية وثقة.

فاليوم وفي ظل ظروف وإمكانات الدولة، يجب أن نكون أكثر صراحة وشفافية إزاء حقيقة أن إصلاح التعليم ليس بيد الحكومة وحدها كما أشرنا ممثلة في الوزارة، بل هو همٌّ يحمله الجميع لتجاوز التحديات، فبعض المدارس تدير أكثر من 1500 طالب، والمعلم يدير ويشرف على أكثر من 40 طالبًا في الصف الواحد في المتوسط، فماهي استطاعة معلم أن يعمل في مدرسة تصنع أجيالًا في ظل هذه الكثافة؟، فهو واقع يجب أن نتغلب عليه من جانبنا أيضا كأولياء أمور.

وفي المقابل إذا ألقينا نظرة موضوعية على سبيل المقارنة بين ما يحدث في البيت، نجد أن الأب أو الأم أو ولي الأمر لا يستطيعون أن يراجعوا أو يتابعوا أبناءهم أو بناتهم بالدّقة المطلوبة، وقد يقلّون في العدد عن أصابع اليد الواحدة. وقياسًا عليه، كيف لنا أن نلقي المسؤولية كلّها أو جلّها على المدرسة والمعلم، ونكيل عليهم باللوم بغير وجه حق أصلا، فهل هذه هي العدالة والإنصاف الذي أمر به الله عز وجل؟

ومع بداية العام الدراسي، هناك أبناء وبنات لم يتم تسجيلهم في المدارس للأسف، وربما هناك فجوة بين عدد الطلبة المفترض أن ينتظموا في الفصل الأول والواقع الفعلي المسجل كفاقد تربوي ربما تبلغ نسبته 10%، فمن المسؤول عن هؤلاء الأطفال الأبرياء الذين لا يعلمون ماذا يخبئ لهم القدر؟ وبعض الآباء لا يعرفون أبناءهم في أي صف أو في أي مرحلة يدرسون، والبعض الآخر لا يسأل عن تحصيل ابنه أو ابنته في المدرسة طوال العام، ولا يدري إن كان قد نجح أو رسب، وآخرون رغم استدعاء المدرسة لهم للحضور والوقوف على مستوى أبنائهم التعليمي والتربوي يتجاهلون ذلك ولا يشرّفون المدرسة بحضورهم الكريم.

وهناك آخرون أتوا بما لم يأت به الأوائل لا يتورعون عن جرّ المعلمين والمعلمات الأجلاء إلى الادعاء العام ومراكز الشرطة بزعم أن أبناءهم تعرضوا لضرب تربوي هيّن وليّن كضرب أيوب عليه السلام لزوجته عندما أمره الله تعالى أن يأخذ قشًّا ويضربها به حتى لا يحنث في وعده وهو النبي التقي.

وهناك المزيد من المشاهد والصور على هذا النحو الذي لا يسع المجال بالمرور عليها جميعا، فهل بهذا التعاطي الموغل في السلبية تستقيم العملية التعليمية والتربوية أم أنها كما نرى من طرف واحد فقط، غير أن الشطارة والإغارة تكمن في إلقاء اللوم ثم الهروب ركضًا والاختباء خلف أقرب منعطف.

فاليوم جيل الآباء والأمهات وأولياء الأمور والذين لديهم أبناء في المدارس كلّهم من جيل النهضة ومتعلّمون، غير أن (بعضهم) يكون في انتكاسة غير مبررة ولا يبالون بمستقبل أبنائهم للآسف، وآخرين الذين هم في الولايات ولا تبعد المدارس عن بيوتهم إلا بضع أمتار أو كيلومترات لا يكلفون أنفسهم ولو خطأ أو سهوًا بزيارة المدرسة والسؤال عن أبنائهم وتحصيلهم العلمي، وفي المقابل يلقون اللوم على المدرسة والمعلم والوزارة.

بالطبع هناك وعي متزايد لدى شرائح معتبرة في المجتمع تسهم بإيجابية في إعانة المدرسة على تحمل هذه الهموم التربوية التعليمية المتزايدة، ولكنهم قلة قليلة.

نأمل أن يكون هذا العام بداية تغيير حقيقي في قناعاتنا القديمة وفي التعاطي مع العملية التعليمية، والإيمان الكامل بأنها مسؤولية مشتركة تتطلب التعاون الوثيق بين البيت والمدرسة لبناء مستقبل باهر وزاهر لأبنائنا وللوطن.

علي بن راشد المطاعني