
مسقط - ش
أكدت الدكتورة وفاء العلواني، أستاذ الاعلام بجامعة الاسكندرية، المقيمة في سلطنة عمان للاشراف على بعض البرامج التدريبية ان للإعلام الجامعي مكانة خاصة في المنظومة الإعلامية الشاملة. فهو ليس مجرد نافذة لنقل أخبار المؤسسة التعليمية، بل يمثل منبرًا يعكس نبض الطلبة، ويعبر عن تطلعاتهم، وهمومهم، وإنجازاتهم.
وإذا ما أُحسن توظيفه، يمكن للإعلام الجامعي أن يتحول إلى مدرسة تطبيقية حقيقية، يكتسب فيها طلبة الإعلام مهارات التحرير، والإنتاج، والنقد، والعمل الجماعي. بل إن العديد من المؤسسات التعليمية العالمية تعتبر الإعلام الجامعي ركيزة أساسية في تهيئة جيل من الإعلاميين المحترفين.
وأضافت قائلة:من هنا، تأتي الدعوة لتفعيل منصات الجامعات الإعلامية – من إذاعات ومجلات ومواقع إلكترونية – بطريقة مبتكرة، تدمج بين التعليم الأكاديمي والممارسة العملية، وتشجع على حرية التعبير المنضبطة بالمسؤولية.
الإعلام التقليدي والإعلام الرقمي.. من التأثير إلى التشارك
وقالت العلواني: شهدت السنوات الأخيرة تحولات جوهرية في المشهد الإعلامي، تمثلت في صعود الإعلام الرقمي وتراجع نسب المتابعة للإعلام التقليدي لدى الشباب.
ورغم هذا التحول، إلا أن الإعلام التقليدي لا يزال يحتفظ بمصداقيته، خاصة في التغطيات الرسمية والتحليل العميق. بينما يتميز الإعلام الرقمي بسرعة التفاعل، وسهولة الوصول، وانفتاحه على المستخدم العادي كمصدر وصانع محتوى.
ومن المهم أن يُدرّب الشباب الجامعي على التفريق بين المحتوى الموثوق والمضلل، وبين الإعلام المؤسسي والإعلام الجماهيري العشوائي، وعلى مهارات التفكير النقدي التي تمكّنهم من التفاعل الواعي لا التلقي السلبي.
تحصين الطلبة ضد الشائعات.. مقترحات عملية
وأشارت إلى أنه تنتشر الشائعات غالبًا في البيئات غير الواعية أو في الأوقات التي تفتقر للمعلومة الرسمية. لذا، فإن مواجهة الشائعات لا تكون فقط بنفيها، بل بـ:
1. تفعيل المنصات الرسمية للجامعات لتكون المصدر الأول للمعلومة.
2. تنظيم ورش تدريبية للطلبة حول أساليب التحقق من الأخبار، مثل استخدام مواقع التحقق أو مقارنة المصادر.
3. إشراك طلبة الإعلام في إنتاج محتوى توعوي لمواجهة الشائعات على مواقع التواصل.
4. تعزيز التعاون بين الجامعات ووسائل الإعلام المحلية لضمان تدفق المعلومات الصحيحة من مصادر موثوقة.
الإعلام التنموي.. تجارب ملهمة
وأكدت د. وفاء أن الإعلام التنموي أثبت نجاحه في عدد من الدول العربية والأجنبية خاصة في إحداث تغييرات مجتمعية ملموسة، خاصة حين تم دمجه مع برامج تعليمية أو مجتمعية.
فعلى سبيل المثال:
أطلقت إحدى الجامعات الماليزية منصة إعلامية طلابية تعزز ريادة الأعمال وتربط الطلبة بسوق العمل.
وفي مصر، ساهم الإعلام التنموي الجامعي في حملات التوعية الصحية والمجتمعية التي نظمتها كليات الإعلام بالتعاون مع وزارات الدولة.
أما في تونس والمغرب، فتم استخدام الإعلام الجامعي لمكافحة التطرف الرقمي، عبر مبادرات يقودها طلبة الإعلام أنفسهم.
هذه التجارب تؤكد أن الإعلام ليس طرفًا خارجيًا في التنمية، بل هو شريك رئيسي فيها.
وفي كلمة أخيرة قالت: إننا أمام مفترق طرق حقيقي في علاقة الإعلام بالشباب الجامعي. فإما أن يستمر في كونه قوة تأثير غير موجهة، أو أن نعيد توجيهه ليصبح قوة بناء وتنمية ووعي.
وهنا، تبرز الحاجة إلى إعلام يثق بالشباب ويمنحهم المساحة لصوتهم وأفكارهم، إعلام يُعلّم ولا يُلقّن، يُحفّز ولا يُحبط، يُواجه الشائعات بالوعي لا بالصمت، ويقدّم النموذج لا فقط النقد.
فلنصنع معًا إعلامًا يكون شريكًا في صناعة العقول، لا مجرد وسيط بين الأحداث والمشاهدين.