علي المطاعني يكتب: أكياس البلاستيك إلى الزوال

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٤/يوليو/٢٠٢٥ ١١:١٩ ص
علي المطاعني يكتب: أكياس البلاستيك إلى الزوال
على بن راشد المطاعني

لا أعرف دواعي ومسبّبات الضجة التي تُثار حول منع استخدام أكياس البلاستيك في المحلات التجارية والهايبر ماركت من قبل المستهلكين وأصحاب المحلات، وهل الجميع على دراية كاملة ومتابعة للخطوات المتدرجة التي اتخذت فيها هذه القرارات لحماية البيئة من التلوث وصون الموارد الطبيعية وصحة الكائنات الحية البحرية لضمان استدامة هذه الموارد كجزء من مستهدفات رؤية عُمان 2040؟، الأمر الذي يتطلب منا جميعا التعاون في سبيل الحفاظ على البيئة وعدم وضع بعض العراقيل من جانب أصحاب الهايبر ماركت أمام المستهلكين في بيع الأكياس.

بلا شك إن المبررات التي تم إيضاحها وبموجبها صدرت قرارات منع استخدامها كانت واضحة تمامًا ولا لبس فيها، وسبقتنا إليها أكثر من 90 دولة حول العالم إيمانًا بخطورتها على النظام البيئي الدقيق برمّته، فهي بطيئة التحلل وتنتج عنها غازات سامة مثل الميتان والايثيلين مما يفاقم تأثير الاحتباس الحراري وإسهاماتها في قتل الكائنات البحرية عند ابتلاعها الأكياس التي تطفو في البحر، فضلًا عن ما تشكله من تلوث بصري نتيجة انتشارها الواسع على سطح البحر.

فعلى الرغم من القرارات التي صدرت عام 2022 بحظر أكياس البلاستيك ابتداء من يناير 2023، وحظر استيرادها منذ سبتمبر 2024، إلا أن البعض يمتنع عن تطبيقها باعتبار أنها سوف تنسى مع مرور الوقت، وفي المقابل فإن الذي يتعين إبرازه في مواجهة تلك القناعات الواهية هو الحزم في التطبيق من خلال الجولات التفتيشية التي تقوم بها وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وهيئة البيئة للتأكد الميداني من عدم بيع الأكياس المحظورة وضبط المخالفين، وعلى هذا سمعنا أصواتا عالية تصرخ مندّدة بهذه الإجراءات الرامية لتطبيق الحظر رغم أنها كما نعلم في مصلحة الجميع وطنًا ومواطنين ووافدين.

وعلى الرغم من أن التوجيهات قد صدرت بتوفير أكياس صديقة للبيئة في المحلات بعضها مجانًا وبعضها الآخر مدفوع القيمة وفقًا لأسعار المشتريات إلا أن البعض يمانع من شراء الأكياس الصديقة للبيئة ويتهكم على القرارات التي تنظم هذا الجانب.

وقطعًا لدابر الشدّ والجذب في هذه النقطة فإن الوزارة وهيئة حماية المستهلك وانطلاقًا من مسؤوليتهما فقد وجّهتا جميع المنشآت التجارية العاملة في قطاع التجزئة والمراكز التجارية بتوفير أكياس مجانية صديقة للبيئة كجزء من الخدمة الأساسية المقدمة للمستهلك، ويجوز توفير خيارات إضافية من الأكياس مقابل رسوم مناسبة ومعقولة للمستهلك على أن يراعى عدم إلغاء أو استبدال خيار الكيس المجاني كونه جزءًا من الخدمة الأساسية.

في الواقع إن إيجاد ثقافة عامة واعية ومسؤولة بعدم استخدام أكياس البلاستيك يجب أن يسود في المجتمع الذي يرغب في الحفاظ على البيئة وعدم التأثير على مكوناتها في خضم الجهود الهادفة إلى تحقيق الاستدامة من كل الأطراف، وخاصة المستهلكين.

على المصانع القائمة على صناعة أكياس البلاستيك أن تتحول إلى إنتاج أخرى صديقة للبيئة وأن تتكيف مع هذه التطورات، ولا تقف مكتوفة الأيدي، فهم على وعي وعلم بهذه المستجدات باعتبارهم جزءًا من العملية، وهم بالطبع على دراية أكثر من غيرهم بخطورة أكياس البلاستيك وأنها آيلة للزوال حتما من منظومتنا الحياتية والاجتماعية، وذلك يتطلب منهم التفهم الإيجابي ومواكبة التطورات والعمل على استحداث خطوط إنتاج بديلة صديقة ومتسامحة ومنسجمة مع البيئة أخذًا وعطاءً.

بالطبع إن مقاومة هذه القرارات نحسبه طبيعيًّا كجزء من المقاومة التلقائية لكل تغيير جديد، وهذا ما نراه في المجتمع بين الفنية والأخرى، إلا أن ترسيخ هذه الثقافة يعد أمرًا بالغ الأهمية، فلا يمكن أن ننشد المستقبل من جانب ونهمل جانبًا آخر، أو نطالب بحماية البيئة وفي الوقت ذاته نصرخ بأعلى الأصوات شجبًا لخطوات حمايتها، وعندما يأتي التطبيق الميداني والحاسم تتعالى أصوات النحيب والبكاء باعتبار أن القرارات قاسية وأحدثت ألمًا أفضى لذلك النحيب، فما نراه تناقضًا مرعبًا بكل المقاييس.

نأمل أن نتعاون جميعًا في تنفيذ هذه القرارات وأن ندرك بوعي أهميتها وجدواها، في وقت نتجه إلى التوازن بين الأعمال والأنشطة الاقتصادية، وحتمية الحفاظ على الموارد الطبيعية سليمة من الأذى، وهذا لا يتأتى إلا بتعاون الجميع في الشأن البيئي باعتباره المُفضي لسلامتنا جميعًا من كلّ المكاره والخطوب.