بقلم : محمد الرواس
منذ قديم الزمان كانت ولا تزال شجرة اللبان الأسطورية تخلببمادتها العطرية الألباب عبر رائحتها الزكية الساحرة قلوب الجميع ومنهم الملوك والملكات بمشارق الأرض ومغاربها، وتشير الكتابات الفرعونية ان الملكة المصرية (حتسبشوت 1500 قبل الميلاد) كانت مغرمة بهذه الرائحة الفاتنة فكان يُجلب لها اللبان من عُمان لتعطر به غرفها و أروقة قصورها هذا بجانب استخدامه بالمعابدودور العبادة قديماً وحديثاً، ومن أجلنقل سلعة اللبان أنشئت الموانئ وعبرت السفن غمار البحار العاتية من اجل نقله من عُمان الى العالم، وتبادله الملوك والامراء والاميرات كهدايا بدءاً من الصين الى بلاد ما بين النهرين وصولاً الى مصر الفرعونية. إن شجرة اللبان المباركة ترمز الى الصلابة والإلهام وكانت مصدر للتواصل بين الحضارات ومن أجلها خصصت طرق بحرية وبرية يذكر لنا التاريخ منها طريق البخور الذي يربط بين موانئ العالم شرقاً وغرباً والذي من خلاله تُحمل الاف الاطنان من المواد العطرية وفي مقدمتها اللبان، وبسبب هذه السلعة النادرة ارتبطت أسواق عُمان بأسواق العالم القديم قبل الإسلام حيث كان اللبان سلعة تجارية ذو قيمة عالية يعادل الذهب وذو فوائد متعددةحيث يستخدم في المستحضرات الطبية والعلاجية والتجميلية هذا بجانب كونه سلعة تقليدية رائجة، واليوم تتجدد الرحلة التاريخية لشجرة اللبان في معرض اكسبو دبي 2020 حيث اختارت السلطنة جناحها بأن يكون على شكل شجرة اللبان التي تُعد احدى مفردات الهوية العُمانية الطبيعية المستدامة لما لها من إرث تاريخي تشاركت فيه عُمان مع حضارات العالم واتصلت بها تجارياً وثقافياً فوصفته كتب التاريخ ووثقته المخطوطات الصينية والفرعونية والبابلية. واليوم جاءت مشاركة السلطنة المتميزة بمعرض اكسبو دبي 2020بهذا المجسم الرائع الذي يرمز الى شكل شجرة اللبان والذي يحوي بين اروقته وثناياه سرد مسيرة تاريخ الأمة العُمانية وتتجسد بين جنباته الإنجازات الحضارية والإنسانية والتطلعات لمستقبل زاهر للسلطنة، هذا بجانب العديد من الفعاليات والأنشطة والندوات العلمية والفنية والثقافية والاقتصادية، وعلى مدى ستة اشهر سوف تستمر المعارض المتخصصة - بمشيئة الله- سواء كانت معرض للمنتجات العُمانية الحرفية او معرض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وغيرهما من المعارض، وتتوالى بعد ذلك بالجناح أسابيع مثل أسبوع الاستثمار وغيره من الفعاليات سواء داخل المعرض او خارجه، ومنها تنظيم رحلة بحرية لسفينة شباب عُمان لتعبر عن واحدة من رسائل الثقافة الدبلوماسية العُمانية التي كانت تنتهجها السلطنة عبر التاريخ. ختاماً كانت ولا تزال ايقونة شجرة اللبان ذات الشكل الفريد العطر النادر والجودة الفارهة هوية عُمانية عالمية بامتياز تستمر رسالتها التاريخية كونها رمز للتواصل الحضاري.