بقلم: علي المطاعني
مشاركة الدول في المحافل الدولية يعكس قيمتها الحضارية وعراقة ارثها التاريخي في كافة المجالات ، كما تهدف لإطلاع الشعوب والأمم التي تعمر تلك المحافل بعاداتها وتقاليدها وثقافة شعبها، ذلك ماستجسده مشاركة السلطنة في إكسبو 2020م دبي الذي سينطلق أواخر الشهر الجاري كتجربة عالمية تتبارى فيها دول العالم في إبراز مكنوناتها وقدراتها وموروثاتها ورؤاها للمستقبل وإمكانياتها البشرية القادرة على تحقيق التقدم والازدهار.
بلاشك أن مشاركات السلطنة في معارض إكسبو لها دلالة كبيرة في هذا الحدث العالمي الذي يزوره الملايين من كافة دول العالم للاطلاع على مكنونات الدول وثرواتها وتجاربها في التنمية وربط ذلك بإرثها التاريخي وكيفية توظيف مورثاتها وتطويرها مواكبة للمتطلبات المستقبلية وبما يتماشى مع أنماط الحياة المتجددة.
ففي معارض إكسبو منذ انطلاقها في لندن عام 1851 تحت عنوان (المعرض العظيم لمنتجات الصناعة من دول العالم) تتسابق الدول للفت الأنظار بما تقدمه من معروضات وتجارب تؤكد علي عراقتها وإرثها من جانب ونهضتها التنموية من جانب آخر، ونجاحها في المزاوجة بين الأصالة والمعاصرة في بوتقة واحدة لتقدم للعالم قدراتها على توظيف مورثاتها العريقة مع توضيح مسار خطواتها لرحاب المستقبل في مزيج فريد من المبتكرات والإبداع الهادف لإظهار قدرات أبناءنا في تطويع المقدرات التي نمتلكها.
فمشاركة دولة بحجم السلطنة تاريخا وحضارة وجغرافيا ومكانة دولية في المعرض له ما يبرره كما اوضحنا ، على ذلك لابد وأن يغدو الجناح بحجم وبمستوى يليق بها من كافة الجوانب ولتراعى فيه العديد من الاعتبارات الجيوسياسية وليحمل أبعادا وطنية وإقليمية لاينبغي لعين ان تتجاوزها وإن ارمدت.. ولعل من اهمها تشريف أبناء الوطن وترحيبهم بمشاركة بلادهم وفق المسوغات التي اوردناها لتكون هذه المشاركة فخرا لهم وسط تلك الجموع الهادرة ، على ذلك لابد وأن يعكس الجناح معالم السلطنة في مجالات التعليم منذ أن بدأ من الكتاتيب مرورا بمراحل تطوره وصولا لما آل اليه من جودة عالية ، وإظهار قدرات أبناءنا في تطويع التحديات والنهوض بالامكانيات إلى ما نتطلع اليه في ماراثون المنافسة العالمية.
فهذه المشاركة ليست عابرة او لمجرد التواجد المتواضع إنما تحمل دلالات كبيرة يجب أن تبقى راسخة ابدا في ذهن كل زائر ومن ثم لابد من توظيف هذه المشاركة للترويج للسياحة في البلاد خاصة وأننا نملك مقومات وامكانات سياحية لايشق لها غبار، ونحن على ثقة بانها ستنتزع الآهات من الصدور من اول زيارة ، بعدها لايملك السياح من سبيل غير العودة مجددا لاستكشاف المزيد من الروائع السياحية العمانية وبعد ان يقدم السائح والزائر تقريرا ووصفا ايحابيا لمن يليه في بلاده.
فاليوم وكما نعلم فان تركيزنا منصب على تنمية القطاع السياحي بإعتباره أحد مكونات رؤية عمان 2040 واحد مرتكزات التنويع الاقتصادي الذي تسعى إليه السلطنة لتنمية القطاعات غير النفطية وبالتالي يجب استغلال هذه المناسبات الدولية المهة في ابراز ما تزخربه بلادنا من مقومات وإرث تاريخي تليد.
ان الحديث عن المشاركات الدولية الكبيرة وضرورة التواجد الكامل فيها والمعبرة بلسان مبين عن هذا الوطن العزيز وحتمية عدم اجترار اي مشاركة أو اختزالها لظروف مادية أو غيرها ، ذلك إن حدث لاقدر الله يعد انتقاصا من هيبة وكبرياء وطن بجحم عمان التاريخ والمستقبل، فلايجب أن نبخل على الوطن ابدا في هذا الشأن ، فهذه مسلمات يجب أن تعيها الأجيال جيدا حتى لايحاسبنا عليها التاريخ ، فهل لا يرحم كما نعلم ولايجامل او يهادن في هكذا مبادئ وطنية شاهقة المستوى.
فاليوم ابراز السلطنة بكل ما تملكه من مقومات هو أحد الواجبات التي يجب أن تنهض بها كافة الجهات المختصة كما انها امانة عظيمة في أعناق المسؤولين، فالدول مستويات وأحجام وتاريخ وحضارة ، على ذلك فكل إناء بما فيه ينضح ، والاناء العماني يتضح عبقا في كل مكان يتواجد فيه وباعتبار ان على قدر أهل العزم تاتي العزائم .
بالطبع نتفهم بعض التعليقات التي لاتعي معنى المشاركة وقيمتها المعنوية وأهميتها الاستراتيجية والاقتصادية ومكاسبها المادية والمعنوية العائدة على الاستثمار في هذه المحافل، ولكن من الأهمية بمكان أن نسبر اغوار هذه المشاركات ونتطلع لعلو كعب حجم العمل والإنجاز في إظهار عمان بما يليق بها كدولة محورية في العالم وذات حضارة ضاربة في اعماق الأصالة.
نأمل أن تكلل مشاركة السلطنة في إكسبو دبي العالمي في إظهار مكنوناتها وإظهار قدارت أبناءها علي مواكبة التطورات وتسخير قدراتها للولوج لرحاب مستقبل أفضل ، والاطلاع على كيفية المزج بين الماضي والحاضر والتوليف بينهما لإضفاء تجارب تعكس قدرات الدول على توظيف مورثاتها لتقدمها للعالم بديعة كما ينبغي .