في خدمة الوطن حتى الموت..كورونا يختطف الممرضة شنونة

بلادنا الاثنين ١٧/مايو/٢٠٢١ ٠٨:٣١ ص
في خدمة الوطن حتى الموت..كورونا يختطف الممرضة شنونة

مسقط-علي البادي
كانت شنونة الممرضة العمانية التي توفيت مؤخراً بسبب فيروس كورونا تعمل بإخلاص وتفان لخدمة مرضاها، حيث كانت تغادر منزلها في الساعة السادسة والنصف صباحا وتعود في الساعة الرابعة والنصف عصرا كل يوم، وكانت تعتني بما يتراوح بين خمسة وثلاثين إلى أربعين مريضا يوميا.
قالت عائلة شنونة بنت محمد النعمانية، التي توفيت بسبب الفيروس يوم الجمعة الفائت عن عمر يناهز 58 عاماً: إن تفانيها الشديد في رعاية مرضاها لم يسمح لها بأخذ إجازة من العمل يوماً واحداً، وكانت غالباً ما تتجاوز ساعات عملها المقررة لتقوم بكل ما تستطيع القيام به لخدمة المرضى ورعايتهم.يقول زوجها، سواد بن سليم السناوي لـ»الشبيبة»: «كان يحق لها التقاعد من العمل وفقاً للقانون ولكنها قالت « لن اتقاعد حتى تنتهي جائحة كورونا في السلطنة».
وكانت دائما تقول إن بلدي عمان وجميع زملائي في العمل والمرضى يحتاجونني الآن أكثر من أي وقت مضى». وأضاف: «إن إنكارها للذات خفف عني آلام رحيلها كثيرا، لأنها كانت معروفة بين زملائها بالحب الذي طالما كانت تقدمه لمرضاها. وفي البيت، أيا كانت المشاكل، كانت دائما مبتسمة. أنا فخور جدا بزوجتي لخدمتها للوطن ومساعدتها التي كانت تقدمها لزملائها في رعاية المرضى». وقد ذكّر سواد الناس بأن موت زوجته لم يكن بلا فائدة، بل كان في خدمة وطنها.
ولدت شنونة في مارس 1963 في رواندا، وأكملت دراستها في أوغندا قبل أن تعود إلى وطنها عمان في عام 1982 حيث عاشت في الخوض. وحصلت شنونة على درجة التمريض من معهد التمريض بالوطية، وتضمنت دراستها التدريب في ثلاثة مستشفيات هي مستشفى خولة ومستشفى النهضة والمستشفى السلطاني. وبعد انتهاء تدريبها، اختارت شنونة العمل بقسم تمريض الأطفال بمستشفى خولة لأنها كانت محبة جدا للأطفال، واستمرت في العمل هناك لمدة 37 عاما حتى لفظت أنفاسها الأخيرة. تزوجت عام 1991 وأنجبت أربعة أطفال، هم شيماء 26 عاما، وسارة 27 عاما، وولدين أكبرهما صلاح 24 عاما.
وقد أصيبت شنونة بفيروس كورونا بعد أن انتقل إليها من أحد زملائها. وعندما زادت حدة الأعراض عندها، تم إدخالها إلى مستشفى خاص في 17 فبراير الفائت، قبل نقلها إلى المستشفى السلطاني بعد أربعة أيام، حيث دخلت بعد ذلك بقليل في حالة غيبوبة، وتم منع الأسرة من زيارتها في ذلك الوقت. وبعد شهر تم نقلها إلى القسم متعدد التخصصات بالمستشفى، ثم جناح النساء بقسم الطب الباطني. وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلها زملاؤها لم يتمكنوا من إنقاذ حياتها، ورحلت شنونة عن عالمنا في تمام الساعة 1:46 من صباح يوم 14 مايو. ابنها صلاح مليء بالفخر والاعتزاز بها لتفانيها وتضحيتها التي قدمتها، حتى أنها رفضت أخذ إجازة لحماية نفسها مع ارتفاع أعداد المصابين بالفيروس في البلاد. قال ابنها صلاح: «لقد حثها والدي على أخذ إجازة لتجنب الإصابة مع ارتفاع أعداد الحالات لكنها رفضت وصممت على الوقوف إلى جانب زملائها وزميلاتها خلال هذه الأوقات العصيبة، وكانت تقول لا أحب أن يسجل في تاريخ خدمتي أنني تراجعت عن خدمة بلدي وهي تمر بهذه الفترة الحرجة». وأضاف صلاح: «أصيبت والدتي بفيروس كورونا في وقت كانت الحالات تتزايد فيه، لذلك كنت أعلم أنها ستمر بمرحلة خطيرة.
كنت أتوقع نتائج كثيرة، منها وفاتها، لأن وزارة الصحة أعلنت وجود ارتفاع كبير في عدد الإصابات والوفيات وأعداد المنومين بالمستشفيات منذ منتصف فبراير الفائت».