دعوة لقراءة رؤية عمان2040

مقالات رأي و تحليلات السبت ٠٥/سبتمبر/٢٠٢٠ ١٥:٥٨ م
دعوة لقراءة رؤية عمان2040

محمد بن رامس الرواس

mramis@ssds.co.om

" لقد حرصنا على أن يكون المجتمع بمختلف شرائحه وفي كافة محافظات السلطنة حاضراً ومساهماً في أعداد مشروع الرؤية "

السلطان هيثم بن طارق ال تيمور

لاحظت من خلال متابعتي لوسائل التوصل الاجتماعي مؤخراً ، وجود بعض التفسيرات الغير دقيقة لرؤية عمان 2040، فالبعض يعتقد انها مخططات تفصيلية ، بينما هي في الواقع سياسات عامة تشمل القطاعات المستهدفة ، والتنوع الاقتصادي المطلوب ، وبعدها يأتي التنفيذ عبر تعيين جهاز حكومي اعضاءه ممن شاركوا بصياغة الرؤية وهذا ما تم بتاريخ 18 أغسطس ، مناط به تنفيذ الخطط التفصيلية بمؤسسات الدولة .

اقتصاد حديث ومعاصر في ظل خطة استراتيجية ورؤية واضحة ، هذا ما سيجعل الاقتصاد الوطني العماني بمشيئة الله سبحانه وتعالى يتحول الي خطط وبرامج بكافة مؤسسات الحكومة وبمواكبة من القطاع الخاص الشريك الاهم في الرؤية 2040.

جاءت رؤية عمُان 2040 لتستهدف الانتقال بالسلطنة نحو مرحلة جديدة ،وأفاق ارحب بكافة المستويات والاصعدة ،أهمها الاجتماعية ،والاقتصادية ، والبيئية، ولقد تم رسم معالم الرؤية واطارها العام بمشاركة مجتمعية واسعة ، و تم مناقشة تحديد أهم الاولويات الوطنية ومحاورها ،وذلك من خلال الزيارات والمحطات الميدانية لمختلف المحافظات والولايات التي قام بها مكتب الرؤية ، من اجل مشاركة مجتمعية واسعة ورصد تطلعات المواطنين، والتي جاءت في أهم مطالبها ،الطاقة المتجددة وراس المال البشري، والمدن الذكية والتقنية، والتنوع الاقتصادي، والتعليم والبحث العلمي والابتكار، والصحة ، الحوكمة والموقع الاستراتيجي للسلطنة .

ولقد جاء المؤتمر الوطني للرؤية الذي اقيم بمركز عمان للمعارض بتاريخ 27 يناير 2019م ليتم بلورة الصورة النهائية للرؤية بمراحلها المتعددة وانشطتها المختلفة ، فتم مناقشة صياغة المرحلة الاخيرة للرؤية، ولقد اعتمدت اللجنة الرئيسية لرؤية عمان 2040 نتائج المؤتمر الوطني وتوصياته ، ببرنامجه ، وحواراته ونقاشاته، ووضعت بحمد الله وفضله الوثيقة النهاية للرؤية .

ممكنات تحقيق الرؤية 2040 اوصى بها المؤتمر من اجل العمل على تحقيق أهداف الرؤية من خلال سن القوانين ، والسياسات ، والاستراتيجيات بمؤسسات الدولة للتوافق مع برنامج التحولات الوطنية ، لتحقيق الرؤية وادارة التغيير وبرامج التحول الاليكتروني ، وتحقيق الاستدامة المالية .

والرؤية في مجملها استشراف شامل لمستقبل عماني واعد، لمرحلة هامة تتضمن طموحات المجتمع العماني بكافة طموحاته و اولوياته من تطوير، ونماء، وتعليم وبحث علمي ، ورعاية صحية ،وإدارات اقتصادية للسلطنة ، من أمن غذائي وتشغيل، ودمج الاقتصاد الوطني بالاقتصاد العالمي ، والاستدامة البيئية ، واستغلال الموقع الجغرافي للسلطنة ، وتنمية قطاع اللوجستيات، والشراكة المجتمعية، وتكامل الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص ، هذا مع أهمية الاحتفاظ بهوية الوطن والتاريخ والتراث والثقافة ، بما تضمنته من تشريعات ملائمة ،وتطوير برامج تحول وطني لإدارة التغيير والاستدامة المالية والتحول الالكتروني وغيرها من الرؤى.

لماذا نقرأ الرؤية وخططها الاستراتيجية ؟ لان الرؤية تجربة مستمرة، من المستحب لنا جميعاً أن نقرأ رؤية عمُان 2040 لغرضين أولهما أن نتعرف على وثيقتها، وما تم صياغته من قبل لجان الرؤية وفرق العمل والمشاركين واعتمدوا المحاور الاربعة الاساسية للرؤية وهي : محور الإنسان والمجتمع وأهم ركائزها ، ركيزة تعزيز الرفاه الاجتماعي، وتهدف هذه الركيزة إلى إرساء مبدأ العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع العُماني، بحيث ينعموا بالرعاية الاجتماعية ويكونوا قادرين على التعامل مع المجتمعات الأخرى، وذلك من خلال تمكين الأسرة ودعم المرأة والاهتمام بالشباب ، محور الاقتصاد والتنمية و له عدة ركائز أولها ركيزة تحقيق الثروة من خلال اقتصاد متنوع وتمكين القطاع الخاص، وتهدف هذه الركيزة إلى بناء اقتصاد متنوع وديناميكي ومتفاعل مع معطيات العولمة وقادر على المنافسة وتلبية احتياجات المواطنين في الحاضر والمستقبل ، ومحور الحوكمة والأداء المؤسسي وسيادة القانون، يهدف من خلال ركائزه إلى تعزيز فعالية الحوكمة ، وسيادة القانون، بالإضافة لرفع كفاءة الأجهزة الحكومية ، وزيادة درجة التنسيق بينها ،وتعزيز ثقة المواطن فيها وذلك من خلال إطار مؤسسي يعمل على تفعيل القوانين والممارسات التي تحدد الصلات والتفاعلات بين ذوي العلاقة، ويساعد في إيجاد نظام مساءلة فاعل وشفاف، ويحدد أولويات التوزيع الأمثل والعادل للموارد، واخيراً استدامة البيئة : تهدف إلى ضمان حماية الموارد الطبيعية واستخدامها بطريقة آمنة وسليمة، وحماية الإنسان من الآثار البيئية الضارة، بالإضافة لإدارة البيئة بشكل فعال لإيجاد بيئة آمنة للمجتمع لكي يزدهر، كذلك يهدف إلى توليد الفرص الاقتصادية الكامنة عبر الاستفادة من البيئة.

أن الرؤية شبه مستوفية كخارطة طريق لكن القراءة مطلوبة ، ففي القريب العاجل سوف يأتي التطبيق، وهذه مرحلة لا يتأتى المشاركة فيها الا من خلال من استوعب الرؤية وقام بقراتها بتأني ، فهناك فرقٌ كبير بين من يزاول العمل كيفما اتّفق وبين من يزوله وهو مطلع وقارئ . وليس فنّ القراءة يوازن بكثرته، ولكن بدقته ، لا بطول وقته ، ولكن بقيمته .

إن اختيار الخمس القطاعات المحورية كأهداف عبر الاستفادة المثلى من موقع السلطنة الاستراتيجي، والثروات العمانية غير النفطية ، وتم التركيز على السياحة، واللوجستيات، والتصنيع، وصيد الاسماك ، والتعدين، كما أن من الأهداف المرصودة خلال السنوات القادمة وحصول السلطنة على مراكز متقدمة في المؤشرات العالمية والإقليمية منها الابتكار، والكفاءة الحكومية ،والحوكة والإداء، والبيئة وزيادة الناتج المحلي وزيادة دخل الفرد وتوفير فرص التشغيل وغيرها من الأهداف المتوخاة والنتائج المرجوة بمشيئة الله تعالى .

ختاماً إن الجهاز الاداري للدولة ، والمحافظين الجدد بصلاحياتهم الجديد والحاق البلديات بمهامهم ، واعطاء الشباب وزارة تهتم بشؤونهم ، وترسيخ سياسة عمان الخارجية ،وفتح باب الاستثمارات العالمية جميعها كانت بالأمس القريب من أهداف الرؤية واليوم بفضل الله قد تحققت على ارض الواقع ، والقادم ينبي بفضل الله بالمزيد من التطورات .