من خلال مجموعة من الرسومات التي تصور امراة تتمتع بالثقة بالنفس وبالتصالح مع الذات، أُطلق عليها "المرأة البدينة"، رُسمت بألوان الماء، عبّرت غيدا يونس عن شخصيتها البديلة أثناء رحلتها في إنقاص الوزن،والتي بدأت في صيف 2013 وبدأت معها هذه السلسلة الفريدة للسيدة البدينة في أوضاع وحركات وتصرفات مختلفة. كانت غيدا يونس تحمل هم التبعات السلبية التي قد يسببها فقدانها للوزن، خاصة وأنها كانت ممتلئة الجسم معظم حياتها.
تشرح الفنانة اللبنانية فكرة "المرأة البدينة" فتقول:
"عندما بدأت في فقدان وزني الزائد، كنت أخشى أن أفقد معه هويتي، والشخصية التي بنيتها مع كل كيلو غرام زائد اكتسبته. كان رسم شخصية "المرأة البدينة" نوع من العلاج بالنسبة لي. لقد أصبحت شخصيتي البديلة التي تعبّر عن رغباتي، وأحلامي، وطموحاتي، وكل ما أحب. أحسست بالحاجة إلى تبجيل هذه الثنايا الزائدة في جسمي، والاحتفاء به من خلالها. ما فقدته من وزن كان سببًا في ميلادها العزيز."
كانت رسومات "المرأة البدينة" مدوية، ليس فقط في لبنان وإنما عبر المنطقة كلها. عُرضت الرسومات لأول مرة في 2016 في معرض أقيم في بيروت، وتبعه معرض عن حقوق المرأة في الكويت، كما عُرضت في معرض دبي في عامي 2018 و2019. وتُرجع غيدا تفاعل النساء العربيات في المنطقة مع رسوماتها إلى العبء الذي تحملنه النساء في محاولاتهن للوصول إلى معايير الجمال التي يفرضها المجتمع. تقول غيدا يونس:
"أحتفي في رسوماتي بالثنايا الممتلئة في جسد كل امرأة، وبجسد كل امرأة. حتى أكثر النساء نحافة كن يجدن أنفسهن في هذه الشخصية ويقلن: "يا إلهي، إنها تشبهني كثيرًا!" تخيلوا إلى أي حد صرنا نكبّل أنفسنا بالأحكام، ولا نرضى أبدًا بما تبدو عليه أجسامنا. أما هي (في الرسومات)، وعلى العكس منّا، تتباهى بجسمها بكل فخر وبثقة متناهية في أنوثتها!"
غير أن غيدا لم تكن تشعر بالتوافق مع حجم جسمها طوال الوقت. فقد عانت الكثير في فترة نموها لاختيار الملابس المناسبة واضطرت إلى اتباع حمية غذائية دائمة لإنقاص الوزن. تتذكّر الفنانة جولات الشراء مع والدها وكيف أنه كان يطلب لها دائمًا أكبر مقاس في المتجر لشراء بنطال من الجينز. كانت تقارير مدرستها الطبية دائمًا ما تشير إلى ضرورة اتباعها لحمية لإنقاص الوزن نظرًا لثقل جسمها. غير أن هذا لم يمنعها من الاستمتاع بالحياة بكل ما فيها.
تقول غيدا يونس: "ما نعتبره نقطة ضعف في الصغر، هو ما يبني قوتنا ونحن نتقدم في العمر."
بقدرة فطرية في فن القصص والحكي، بدأت الفنانة اللبنانية حياتها المهنية في كتابة المواد الترويجية في وكالة ’ليو بيرنت‘ للإعلان في بيروت في 1997، وذلك قبل الانتقال إلى نيويورك في 2010 للالتحاق ببرنامج دراسي في كتابة السيناريو في أكاديمية نيويورك لصناعة الأفلام، New York Film Academy. وعندما عادت إلى بيروت بدأت في إنتاج برنامجها التلفزيوني الخاص والذي كان يمنح الفرصة لأشخاص الحياة اليومية العاديين لرواية حكاياتهم الخاصة.
في هذه الأثناء، بدأت غيدا في رسم سلسلة شخصية "المرأة البدينة". قصدت الفنانة في كل رسمة تقديم رسالة. وبغض النظر عما تقوم به السيدة من نشاط كممارسة الرياضة، أو الأكل، أو الاستعداد للذهاب إلى الشاطئ، فإن "سيدتي البدينة" تبدو دائمًا حرّة، ومرحة، وسعيدة في هذا الجسم الممتلئ. وتصف غيدا شخصيتها قائلة: "إن سلوكها الإيجابي تجاه جسمها، وطريقة تفكيرها تلهم النساء بكل ما تفعله. فهي تحب الحياة بالألوان."
تطمح غيدا يونس إلى كسر الصورة النمطية للجسم ’المثالي‘ التي تروج لها وسائل الإعلام المختلفة سواء شاشات التلفاز أو السنيما، وأغلفة المجلات ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي. وهي تشجّع النساء أيضًا على تحرير أنفسهن من محاولات الوصول إلى معايير الجمال التي تشعرهن بالعجز، والبدء في تقبّل أنفسهن بلا قيود أو شروط. تتساءل الفنانة اللبنانية: "من الذي يملي مقاييس الجسم المثالي؟ أنا أحاول تحرير نفسي مع كل رسمة أرسمها، وعلى يقين من أننا نستطيع جميعًا أن نفعل ذلك، عن طريق حب هذا الجسم الذي نمتلكه، وإظهار هذا الحب له كما يستحق. سيجعلنا هذا نبدو ونشعر بأننا مكتملين بالفعل."
مهتمة بالتنمية وريادة الأعمال