علي المطاعني يكتب: إعادة شراء الأسهم تعكس ثقة الشركات بأدائها ..

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٧/يوليو/٢٠٢٥ ٢١:٠٩ م
علي المطاعني يكتب: إعادة شراء الأسهم تعكس ثقة الشركات بأدائها ..

على الرغم من أن الاستثمار في الاكتتابات العامة بشكل عام يُعدّ من الأصول التي يحتفظ بها المستثمرون لأمد طويل من الزمن وتعود عليهم بأرباح مجدية ومجزية كعوائد سنوية مضمونة على استثماراتهم خاصة للشركات التي لديها أصول واستثمارات واضحة وتتمتع بضمانات كبيرة، إلا أن هذه الشركات تتجاوز التزاماتها مع المستثمرين آليات البورصات وتقلبات الأسعار بين العرض والطلب والعوامل النفسية التي تؤثر على المستثمرين خاصة الصغار منهم سواء لجني أرباح بالبيع مباشرة بعد الاكتتابات أو من خلال تأثيرات الإشاعات وعوامل الأسواق، فهذه الشركات تعمل مع كل ذلك على معالجة هذه التأثيرات الجانبية من خلال انتهاج سياسات تعزيز ثقة المستثمرين والإسهام في تخفيف الصدمات التي قد تحدث للبعض من خلال آليات إعادة شراء أسهمها من البورصة كجزء من مسؤوليتها تجاه المستثمرين فيها وتأكيدًا على الثقة بمجالات عملها واستثماراتها وتميز قدراتها التشغيلية وأدائها المالي.

ولعل إعلان شركة أوكيو للاستكشاف والإنتاج الرائدة في مجال الاستكشاف والإنتاج في سلطنة عُمان عن برنامج إعادة شراء أسهم الشركة بعد الحصول على موافقة هيئة الخدمات المالية يُعدّ نموذجًا لهذه الشركات التي لا تغفل عن مستثمريها والمكتتبين فيها حتى بعد الإدراج وتحرص على الاهتمام بهم من خلال منظومة خدمة المستثمرين والشركاء، الأمر الذي يبعث على الارتياح لهذه الخطوات التي تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك على أن خدمات ما بعد البيع جزء من فلسفة هذه الشركة واهتمامها المتزايد.

فبلا شك إن إعادة شراء الأسهم تهدف إلى تعزيز قدرة الشركة على تقديم القيمة لمساهميها وبناء صلات مباشرة وإيمانًا بأن الشراء ورفع حصتها من الأسهم سوف يأتي لها بأرباح كنتيجة طبيعية للنتائج المالية التي تحققها حيث تتجاوز أرباحها السنوية الأساسية الحالية البالغة 600 مليون دولار أمريكي وأرباحها المرتبطة بالأداء نصف السنوي. بل إنها الشركة الوحيدة التي التزمت بتوزيع الأرباح لعامين في طرحها رغم متغيرات الأسواق وتقلباتها وتبعات ذلك، لأن ثقة الشركة بأعمالها وأدائها على هكذا خطوات جعلها تتجاوز أحلام وتوقعات المستثمرين في الاكتتابات والأسواق المالية، وهذه الضمانات في العادة لا تُمنح من الشركات في العالم، بل تترك لآليات الأسواق التي تحكم على مسارات الاستثمار ولا تراعي المستثمرين مثل ما نشهده من أوكيو للاستكشاف والإنتاج التي نزجي لها التحية لما تبذله من جهود لتعزيز ثقة المستثمرين ومراعاتهم بشكل لم يسبق له مثيل.

فعلى الرغم من أن أنظمة الشركات المدرجة لا تتيح خاصية شراء الأسهم مباشرة، إلا أن الشركة ووفقًا للوائح هيئة الخدمات المالية وبورصة مسقط، ووفقًا لقرارات الجمعية العامة غير العادية للشركة، لذا فان الشركة سعت إلى تعديل نظامها الأساسي لتمكينها من إعادة شراء أسهمها في خطوة مقدرة لإعادة شراء ما بين 45 و60 مليون سهم لمدة ستة أشهر من تاريخ بدء البرنامج أو لحين إتمام عملية شراء الأسهم المستهدفة.

فهذا البرنامج يعكس الثقة التي تتمتع بها الشركة ومجلس إدارتها والأسس القوية التي بنيت عليها، وآفاق نموها على المدى الطويل، والمكاسب التي سيحققها المساهمون من برنامج عائد رأس المال الذي يتضمن توزيعات أرباح أساسية بقيمة 231 مليون ريال عُماني (600 مليون دولار أمريكي)، وبرنامج توزيعات الأرباح المرتبطة بالأداء وإعادة شراء الأسهم. ومع ذلك تواصل شركة أوكيو للاستكشاف والإنتاج تركيزها على تحقيق النمو، والتميز التشغيلي، وتحسين محفظة استثماراتها، وتوليد تدفقات نقدية قوية يمكن التنبؤ بها، وضمان تحقيق قيمة طويلة الأجل لمساهميها.

فمع كل هذه الجهود لتعزيز ثقة المستثمرين والاهتمام الذي توليه شركة أوكيو للاستكشاف والإنتاج التي تأسست عام 2009 كشركة حكومية وذراع استثمارية لحكومة سلطنة عُمان تعد من أكبر مالكي احتياطات النفط والغاز في سلطنة عُمان، حيث أنتجت ما يقارب 16.3% من إجمالي إنتاج عُمان من النفط والغاز والمكثفات في عام 2024. وهذه الإمكانات دليل على أن الاستثمار مضمون بما فيه الكفاية في حسابات المستثمرين الكبار والشركات الاستثمارية، ومع ذلك يبقى حرص إدارة الشركة على تعزيز الثقة وبل فلسفتها في التعاطي مع المستثمرين بكافة شرائحهم.  

 فهناك شركات عالمية عملت على شراء أسهمها مثل شركة أبل المعروفة وشركة ألفابيت وميتا ومايكروسوفت... فهذه شركات تكنولوجية أمريكية ضخمة، تشترك جميعها في أنها تحتل المراكز الأربعة الأولى في قائمة الشركات التي تعيد شراء أسهمها عالميًّا بمبالغ ضخمة تخطت ال 80 مليار دولار على مدار 12 شهرًا وحتى سبتمبر 2023 كما في حالة "أبل" لدعم المساهمين و"مكافأتهم" على الاستثمار من خلال "خلق" طلب على الأسهم، وكلما كان هناك طلب على أسهم الشركة، ارتفع سعر السهم.، بما يحقق أهم أهداف الشركات بشكل عام وتعظيم القيمة للمساهمين.

كما قامت أرامكو في نهاية الربع الثالث 2021، بشراء 92 مليون سهم من أسهمها. وهكذا دواليك تعمل الشركات المحلية والعالمية على شراء أسهمها لدعم المساهمين من جانب والاحتفاظ بالأسهم من جانب آخر كخزينة وبعضها يكون سعرها في السوق غير عادل مع نتائجها وتوزيع أرباحها لذا تستثمر في شراء أسهمها. 

 بالطبع نؤكد على أن الاستثمار في الأوراق المالية مثل غيره من الاستثمارات التي تتطلب أن نؤمن بأنها تتعرض لتقلبات الأسواق ونفسيات المستثمرين وغيرها من الأسباب وليست لها علاقة بأداء الشركات، ومع ذلك فمثل هذه الخطوات تؤكد على حرص الشركة على دورها في كل الجوانب. 

نأمل أن يحقق هذا البرنامج ما يأمله جميع المستثمرين وخاصة الصغار الذين ربما تأثرت مشترياتهم من الاكتتاب بعض الشيء ولكن نؤكد على أن التعويض يكون في الأرباح التي ضمنت توزيعها الشركة على مدى عامين بعوائد مجزية وثابتة.  

علي بن راشد المطاعني