بكتك السماء قبل المآقي

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢١/يناير/٢٠٢٠ ١٢:٥٧ م
بكتك السماء قبل المآقي

محمد أحمد سلامة

كما قال أحدهم بأننا كنا نقول والآمال تدفعنا إبشري قابوس جاء فلتباركه السماء وأسعدي والتقيه بالدعاء وبتنا نقول الآن ونحن أكثر أملاً يا ملائكة السماء إبشري قابوس جاء فإلتقية بالدعاء ، حيث أن ثقتنا لا تحدها حدود بأن من بكته السماء بأمطار لم نشهد مثلها من قبل ستحتفي بمقدمه اليها وهو محفوف بدعاء الملايين من أبناء شعبه والشعوب الأخرى التي كان حزنها على فقده أكبر من أي تصور ، فجاء نعيه والدعاء متلازمان بكل اللغات واللهجات ، والتضرع له بكل ما أنُزل في الكتب السماوية ، وتحت قٍباب المساجد والكنائس والمعابد.

لقد كان يوم العاشر من يناير 2020م يوما حزيناً في حياة البشر حيث فقدت فيه الدنيا رجلا من أنقى الرجال وأشجع الرجال وأطهرهم ، رجل تقاس كلماته بميزان الذهب وتُعادل افعاله الحكمة وما فيها والفطنة وما حوتها والكرم وما يعنيه ، رجل كان رمزٌ للسلام في وقت كثرت فيه الحروب والأزمات ورمزٌ للأمان في زمن عشعش فيه الخوف والإحتراب ورمزٌ للجمال في زمنٌ كثر فيه القبح.

نحن نعلم بأن الموت حق وإنه سبيل الأولين والآخرين وأنه وجب علينا مقابلته بالصبر والجلد إلا أن الله سبحانه وتعالى قد عظم لحظات الفراق ، وها نحن قد وجدنا أنفسنا أمام هذه اللحظات في عزيز قد سكن حنايا قلوبنا وإستوطنها وقريب كان أباً واخا للجميع وحاكماً نشر العدل في ربوع بلاده فبادله شعبه والقاطنين فيها حباً بحب ووداً بود ودموع عند الفراق.
لقد بكتك يا صاحب الجلالة السماء بماء نزل على قبرك برداً وسلاما ، وبكاك البحر في سكونة وهيجانه والجبال في عليائها هبطاتها ، فقدتك عمان من صلالة الي مسندم بل فقدك الوطن العربي كلة والعالم أجمع يا من مددت يدك بالخير لكل محتاج وعملت على تقريب وجهات النظر بين الأضداد وضمدت جراح الصراعات ونشرت ثقافة التسامح في كافة بقاع الأرض وعملت على نشر الثقافة الإسلامية في أقصى بقاع الدنيا.
تسمرت الأعين أمام أجهزة التلفاز وهي تودع مقامك الرفيع ماضٍ الي مقرة الأخير ووقفت الجموع على الطرقات وهي تتابع آخر مواكبك بعيون دامعة ونحيب مكبوت في الصدور بعد أن كانت تلك المواكب تنثر الفرح والطمأنينة ، وإحتشد الألوف في مسجدك الأكبر من أجل إلقاء النظرة الأخيرة على جسدك المسجى أمامهم في أكبر إستفتاء في كيفية محبة الشعوب لقائدها ، وعلا صوت الملايين في كافة بقاع الدنيا وألسنتهم تدعو لك حبا وكرامة لشخصك العظيم.
لم يهون علينا لحظات الوداع تلك إلا كلمات جلالتكم رحمكم الله وهي تدعو إلي ضرورة التمسك بالوحدة والاصطفاف خلف قائد المسيرة الذي تم إختياره بعناية من قبلكم ، والذي سيكون خير خلف لخير سلف بإذن الله فلقد رأيتم فيه القوي الأمين الذي سيحمل الرسالة من بعدكم ويؤدي الأمانة ، وسيمضي في طريق بدأتموه ونهج إختطوه ومسيرة سلكتموها رغم الصعاب.
ألا رحم الله حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد-طيب الله ثراه- بقدر ما قدم لبلاده وأمته العربية والإسلامية وطرح البركة فيمن تم اختياره لمواصلة المسيرة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد حفظه الله وابقاه وأعانه على تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه والتي هو أهل لها.