طهران-فيينا-وكالات:
حذرت إيران الأوروبيين من وضع أي عقبات أمام صادراتها النفطية، معتبرةً أن ازدياد الحوادث في هذا الإطار يقوّض الجهود القائمة لإنقاذ الاتفاق النووي المهدد بسبب الانسحاب الأميركي منه.
وأعلن نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في ختام اجتماع في فيينا حضره ممثلون لفرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، أنّ "أي عقبات أمام سبل تصدير إيران لنفطها ستتعارض مع خطة العمل المشتركة"، في إشارة إلى الاتفاق النووي.
وأشار الدبلوماسي الإيراني بشكل صريح إلى احتجاز ناقلة نفط إيرانية في مضيق جبل طارق بداية يوليو، والذي أدى إلى تدهور إضافي في ظل تصاعد التوترات في الخليج.
وكان عراقجي قال قبل اجتماع فيينا إنّ "تطورات مثل احتجاز ناقلة النفط الإيرانية تشكّل انتهاكاً" للاتفاق.
وأضاف "ينبغي على الدول الاعضاء في الاتفاق ألا توجد عقبات أمام صادرات النفط الايرانية".
وعند توقيعه قبل أربع سنوات، اعتبر الاتفاق النووي نجاحاً دبلوماسياً دولياً، لكن النص الذي فاوضت عليه إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ضعف جراء انسحاب إدارة دونالد ترامب منه في مايو 2018. وأتبعت واشنطن هذه الخطوة بإعادة فرض عقوبات قاسية جدا على ايران أنهكت اقتصادها.
ورداً على العقوبات الأميركية، أعلنت إيران في مايو أنها ستبدأ بالتنصل من بعض التزاماتها الواردة في الاتفاق النووي، وهددت باتخاذ تدابير إضافية إذا لم تقم الأطراف المشاركة في التوقيع على الاتفاق، خصوصاً الأوروبية، بمساعدتها في الالتفاف على العقوبات الأميركية.
"جو جيّد"
وقال عراقجي إنّ مباحثات فيينا جرت في ظل جو "بناء"، ولفت إلى أنّ كل الأعضاء الذين لا يزالون ضمن الاتفاق النووي "لا يزالون مصممين" على إنقاذه.
هذه الاجواء عكسها ايضا مكتب وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني في بيان صدر في بروكسل.
من جانبه أعلن ممثل الصين أنّ المباحثات اتصفت ب"توترات" ولكنّها جرت في "جو جيّد".
وأشار عباس عراقجي إلى انّ جميع الأطراف اتفقت على مواصلة الجهود لإيجاد "حلول عملية" بغية السماح لإيران بمواصلة النشاطات التجارية مع بقية العالم.
وكشف أنّ آلية انستكس الأوروبية للمقايضة التجارية مع إيران بغية الالتفاف على العقوبات الأميركية من خلال تفادي استخدام الدولار، "لم تعمل بعد ولكن يجري حالياً وضع اللمسات الأخيرة عليها".
وافاد بيان مكتب موغيريني أنه بهدف ايجاد مخرج "تم الاتفاق على الدعوة الى اجتماع على مستوى وزاري في مستقبل قريب"، فيما اوضح عراقجي أن هذا الامر "لا يزال يتطلب تحضيرات".
وتأتي هذه الجهود للحفاظ على الاتفاق النووي على خلفية تصاعد التوترات في الخليج فيما سبق لبريطانيا أن دعت إلى تنفيذ مهمة بحرية أوروبية في المنطقة.
واعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني أن مهمة أجنبية ستكون "السبب الاساسي" في توتر الاوضاع. وقال روحاني إن "تواجد القوات الاجنبية لا يدعم أمن المنطقة بل يعد ايضا السبب الاساسي للتوتر فيها".
وجاء الردّ الفرنسي بارداً على الاقتراح البريطاني، إذ قالت وزيرة الجيوش فلورانس بارلي في مقابلة نشرت الجمعة إنّ باريس وبرلين ولندن تعتزم "تنسيق" إمكاناتها و"تقاسم المعلومات" بينها من أجل تعزيز أمن الملاحة، لكن بدون نشر تعزيزات عسكرية إضافية. وشددت بارلي "لا نريد المشاركة في قوة يمكن النظر اليها كقوة تفاقم التوتر".
ومنذ مطلع يوليو، لم تعد ايران تتقيد بكمية اليورانيوم المخصب التي يحق لها امتلاكها، كما زادت من تخصيب اليورانيوم في منشآتها ليتجاوز نسبة 3،67% الواردة في الاتفاق، وهي خروقات تعتبر هامشية ويمكن الرجوع عنها في هذه المرحلة.
واكدت طهران على الدوام أن برنامجها النووي مدني صرف رغم الشكوك الاميركية والاسرائيلية.
تنديد
واعتبرت إيران الدعوة إلى إرسال مهمة بحرية أوروبية إلى الخليج أمراً "استفزازياً"، وسط توتر متصاعد في هذه المنطقة الاستراتيجية.
وكان وزير الخارجية البريطاني السابق جيريمي هانت دعا بإلحاح الاثنين إلى إرسال "مهمة حماية بحرية يقودها الأوروبيون" في الخليج وذلك بعد احتجاز ايران ناقلة نفط ترفع العلم البريطاني في مضيق هرمز.
ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا) عن المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي قوله "سمعنا أنهم يريدون إرسال أسطول أوروبي إلى الخليج "، مندداً ب"الرسالة العدائية" وبالخطوة "الاستفزازية" التي "ستفاقم التوتر".
ولم يشر ربيعي مباشرةً إلى تصريح هانت.
وكرر موقف إيران لجهة وجوب الحفاظ على أمن الخليج من قبل دول هذه المنطقة الغنية بالنفط.
وأكد ربيعي "نحن أهم من يمكنه توفير أمن للملاحة في الخليج الفارسي".
-توترات في الخليج-
وكان الجيش الأميركي اعلن أنه يراقب مضيق هرمز أصلاً ويعمل على تطوير "مبادرة بحرية متعددة الجنسية" تحت اسم "عملية سانتينيل" من أجل رفع مستوى الرقابة والأمن في الممرات البحرية الأساسية في الشرق الأوسط.
وارتفعت حدة التوتر في منطقة الخليج منذ انسحاب الولايات المتحدة في مايو 2018 من الاتفاق النووي الايراني واعادة واشنطن فرض عقوبات اقتصادية شديدة القسوة على ايران.
وتصاعد التوتر في الاسابيع الاخيرة مع هجمات استهدفت ناقلات نفط في الخليج، نسبتها واشنطن الى طهران التي نفت ذلك.
وفي 19 يوليو احتجز الحرس الثوري الإيراني في مضيق هرمز ناقلة نفط ترفع العلم البريطاني وطاقمها من 23 بحارا.
واعتبرت لندن أن احتجاز طهران للسفينة رد إيراني على احتجاز السلطات البريطانية أوائل يوليو ناقلة نفط إيرانية قبالة سواحل جبل طارق.
وقال روحاني أيضاً إن "الحوادث المؤسفة والتوتر الحالي في المنطقة سببه أساساً الانسحاب الأحادي الجانب للولايات المتحدة من خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي الإيراني) والتصورات الواهمة لإدارتها".
وأضاف، بحسب وكالة إسنا، أن "إيران تعارض تماماً أي نشاط غير قانوني وأي عمل مستهجن يهدد أمن الملاحة في الخليج الفارسي ومضيق هرمز وبحر عمان".
من البرازيل
وأرجأت واحدة من سفينتي شحن إيرانيتين كانتا عالقتين في البرازيل منذ مطلع يونيو، إبحارها ليوم واحد بسبب مشكلة تقنية، حسبما علمت إدارة مرفأ باراناغوا (جنوب) والشركة البرازيلية المستأجرة لها.
وقال ناطق باسم الشركة المصدرة للمنتجات الكيميائية "إيليفا كيميكا" التي استأجرت السفينتين، لوكالة فرانس برس أنه بعد "مناورات أولى" تبين أن وضع السفينة "باوند" يتطلب "صيانة أوسع" بسبب توقفها لفترة طويلة بلا محروقات.
وكان يفترض أن تغادر السفينة "باوند" المحملة بالذرة البرازيل صباح الأحد. لكن تم تأخير إبحارها.
أما السفينة الثانية "ترمه" فقد أبحرت ظهر السبت متوجهة إلى مرفأ برازيلي آخر حيث يفترض أن يتم تحميلها بالذرة قبل أن تنطلق إلى إيران.
وبأمر من المحكمة العليا في البرازيل اطلعت عليه وكالة فرانس برس الخميس، زوَدت مجموعة بتروبراس النفطية العملاقة بالوقود سفينتي الشحن المملوكتين للشركة الإيرانية "سابيد شيبينغ" والمتوقفتين منذ الثامن والتاسع من يونيو في البرازيل.
وكانت "بتروبراس" المدرجة في بورصة نيويورك، بررت قرارها عدم تزويد السفينتين بالوقود بوجود الشركة المالكة لهما على لائحة سوداء للوكالة الفدرالية الأميركية "مكتب مراقبة الأصول الأجنبية" المكلف متابعة العقوبات المالية.
وقالت المجموعة النفطية إنه في حال "تزويدها السفينتين بالوقود، فإنّها قد تواجه خطر إدراجها على اللائحة نفسها، ما سيسبب أضراراً فادحة".
وردا على ذلك، هددت إيران بتعليق صادراتها من الذرة والمنتجات البرازيلية الأخرى إذا لم تزود بتروبراس السفينتين اللتين كانتا متوقفتين في باراناغوا بولاية بارانيا (جنوب) بالوقود.