في الوقت الذي أثبتت الدراسات في علم الإدارة إن تفويض الصلاحيات من الموقع الإدارية العالي إلى ما دونها إنها من أكثر الأساليب الحديثة نجاحا في إدارة المؤسسات والشركات شرط توفر متطلباتها. وهناك مدراء يرون أن عملية التفويض لا تستحق المخاطرة، وبعضهم عزا إخفاق مؤسسته لأسلوب التفويض ، لذلك فهم غير مستعد ين لخوضها مرة أخرى ، والمدراء الذين يفكرون بهذه الطريقة إما أنهم لا يدركون فوائد هذه السياسة أو أنهم لا يعرفون سبل تحقيقها بنجاح، ففكرة تفويض شخص بأداء مهمة لا تقتصر على تفويض شخص بعينه للقيام بهذه المهمة بطريقة أفضل، ولكن الأمر له أكثر من مغزى، فهو يوفر على المدير الوقت والمجهود اللذين عليه أن يستثمرها في أنشطة أخرى.
والتفويض ( Empowerment ) كإحدى المهارات التي يقوم بها المدير الناجح، تمتاز بأن لها أصول وقواعد، وكذلك مراحل، وتتصف بأنها سيف ذو حدين، بمعنى أن لها العديد من السلبيات والايجابيات، علاوة على أن ليست كل صلاحية قابلة للتفويض بل إن هناك أمورا لا يجوز فيها إجراء تفويض، والبعض الآخر من الممكن إجراء التفويض فيها.
* أما أنواع التفويض باعتباره إجراء يقوم به المدير من أجل تخفيف الأعباء الملقاة عليه، وذلك بإعطاء غيره صلاحيات التصرف واتخاذ القرارات المناسبة في شأن محدد ومعين. ومن خلال التعريف السابق نستخلص السمات الأساسية للتفويض والتي تتمثل فيما يأتي:
1 ـــ أن التفويض هو إجراء وقتي، بمعنى أنه محدد في مدته، وبالتالي لا يتسم بالإطلاق لأجل غير محدد، بل ينتهي بانتهاء المهمة التي تم إجراء التفويض بشأنها.
2 ـــ إن الهدف من إجراء التفويض هو الإقلال من العبء الملقى على عاتق المدير، والذي قد يأخذ منه الوقت الكثير، الأمر الذي قد يقلل من مهارة التركيز من قبل المدير في اتخاذ العديد من القرارات التي يقوم المدير باتخاذها.
3 ـــ أن التفويض يوفر عنصر الوقت للمدير، وذلك نتيجة لتخفيف الأعباء الملقاة عليه، وبالتالي يتيح له متسعا من الوقت، الأمر الذي ينعكس إيجابيا على التركيز على الاختصاصات الرئيسية والهامة للمدير، وبالتالي الدخول في تفاصيلها، وتقديرها قبل اتخاذها.
4 ـــ يمتاز التفويض بأنه محدد بخصوص صلاحيات معينة، وليست شاملة، لأنه إذا كان شاملا فإنه سيكون سالبا لمنصب صاحبها، بل هو محدد بمسائل معينة على سبيل الحصر.
5 ـــ التفويض يصدر عمن يملك التفويض، وبالتالي فإنه لا تفويض لمن ليس له الحق في إتخاذه.
* أما شروط التفويض باعتباره إجراء وجد للتخفيف من العبء الملقى على عاتق المدير، ولإتاحة التفرغ له كي يجد متسعا من الوقت للقيام بالمسؤوليات الهامة له فهي:
1 ـــ إرتباط السلطة بالمسؤولية، حيث لا يمكن إعطاء المرؤوس سلطة دون تحميله بالمسؤولية عن ممارسة تلك السلطة.
2 ـــ إرتباط السلطة المفوضة بقدرات المرؤوس وخبرته، حيث لا يمكن تحميل المرؤوس أباء ممارسة السلطة في أمور غير مدرب عليها، ولا تتوفر له الخبرة فيها .
3 ـــ إرتباط التفويض بخطة متكاملة وواضحة في ذهن المدير الماهر لتنمية مرؤوسيه، ولإعدادهم للوظائف والمسؤوليات الأكبر، كما أن التفويض يجب أن لا يكون قرارا إنفعاليا غير مبنى على تقييم موضوعي لقدرات المرؤوس وإمكانياته، وتصور خط التقدم الوظيفي المناسب له.
4 ـــ استمرار مسئولية المدير الذي فوض سلطته إلى بعض مرؤوسيه، فلا يزال هو المسئول الأول والأخير عن مباشرة تلك السلطات، وما يترتب عليها من نتائج.
5 ـــ أن التفويض هو إجراء مؤقت، ومن ثم لا بد من تحديد المد الزمنية التي يفوض فيها المرؤوس بعض صلاحيات رئيسه، وفى حالة الرغبة في استمرار التفويض يكون الإجراء السليم هو نقل السلطة من المرؤوس لتصبح مرتبطة بوظيفته هو، وليس بوظيفة رئيسه.
6 ـــ أيضا يجب أن يكون التفويض محدد من حيث مدى السلطة ومجالات استخدامها، فليس التفويض تصريحا مفتوحا للمرؤوس باستخدام الصلاحية المفوضة بلا قيد أو حد، بل هو محدد بالمجالات والقواعد التي ينص عليها في قرار التفويض
* وقد تترتب على التفويض بعض السلبيات :
ــ فقدان السيطرة :فالمدير الذي إعتاد على أن يقوم بنفسه بإنجاز كل شيء مع الاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على كل المجالات، وكذلك على النتائج، فإنه يشعر أنه سوف يفقد هذه السيطرة إذا ما قام بتفويض شخص أخر يحل محله في أمر من الأمور.
*ضياع الوقت : فالمدير عندما يقوم بالعمل بنفسه، فذلك لأنه لا يثق بمرؤوسيه، فهو يؤمن بأن تفويض بعض المهام لموظف أخر ليس سوى مضيعة للوقت، لأنه سيكون عليه أن يعلمه ويدربه أولا، وكذلك عليه أن يتقبل أخطاءه، فلذلك يشعر المدير أنه من الأفضل أن يقوم بإنجاز العمل بنفسه توفيرا للوقت والجهد، أما إذا كان لزاما عليه أن يفوض، فهو يشكو ويلقى باللوم على الآخرين لتسببهم في ضياع وقته.
*فقدان التحكم والنفوذ :فعندما يتخلى المدير عن أداء بعض الأعمال ليقوم بها شخص أخر، فإنه يشعر بأنه سوف يفقد قوته، ونفوذه على مرؤوسيه، وفى نفس الوقت يؤمن بأن فقدان القوة والنفوذ قد يؤدى به إلى أن يفقد وظيفته.
*ضياع المكافأة والتقدير:يشعر المدير أنه سوف يفقد كل التقدير والمكافآت التي كان يحصل عليها عندما يؤدى عمله بنفسه، بينما إذا قام بتفويض الآخرين أداء بعض المهام فإنه يرى فقدانه بعض الجوانب التي يتمتع بها في عمله سواء أكان مكافأة معنوية أو مادية.
*الخوف من اللوم : يخشى المدير أن يلام من رؤساءه إذا ما فوض إلى أحد عمل ما، ولم يقم هذا الشخص بالعمل على ما يرام، وهو سيشعر أنه يستحمل عبء اللوم وحده، وأنه سيدفع ثمن أخطاء غيره.
وإذا كانت للتفويض بعض السلبيات فإن إيجابياته أكثر فإنه
يحقق العديد من الفوائد التي تتمثل في ما يلي:
1 ـــ إن التفويض يعمل على تخفيف العبء عن المدير، وبالتالي فإنه يوجد أمامه متسعا من الوقت الذي من الممكن أن يستثمره المدير في إنجاز الشيء الكثير من الأمور الهامة والمتعلقة بمسؤوليته.
2 ـــ أن نظام التفويض يعد بمثابة فرصة كبيرة لتوفير الكوادر القادرة على الإدارة والقيادة، فهي ميدان لثقل مهارات الإدارة والاعتماد على النفس بحيث يساهم هذا النظام في توفير قادة لمستقبل المؤسسة أو الشركة.
3 ـــ يعد التفويض من أهم الوسائل التي تؤدى إلى تحفيز الموظفين، وحث معنوياتهم ، لأن المدير عندما يقوم بتفويض شخص أو أكثر من الموظفين ، بعض الصلاحيات ، فإن ذلك سيعمل على قيام الموظف الذي تم تفويضه- في كثير من الأحيان- ببذل قصارى جهده لإثبات الوجودية،والكفاءة، من أجل إعطاء صورة مشرفة عنه، يساهم ذلك في توليه المناصب الإدارية القيادية في المستقبل.
4 ـــ يعد نظام التفويض بمثابة المتنفس للمدير، وذلك لأن من شأن هذا النظام أن يقلل من الأعباء، والمسؤوليات الملقاة على عاتقه ، وبالتالي فإن ذلك يساهم في تقليل الضغوطات التي يشعر بها ، وإعطاءه متسع من الوقت للتفكير في أمور الإدارة الأخرى، واتخاذ القرارات الملائمة للمواقف المختلفة.
5 ـــ يوفر التفويض نوع من الإدارة يتصف بالقدرة على ضبط الأمور الأخرى، والسيطرة عليها، نتيجة لتخفيف العبء عنه، وبالتالي سيسمح له ذلك بحصر الأمور الأخرى، والسيطرة على مختلف جوانبها ومتابعتها بدقة أكثر مما مضى.