عندما تنهش الكلاب الضالة طفلا

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٣/أكتوبر/٢٠١٨ ٠٣:٣٠ ص
عندما تنهش الكلاب الضالة طفلا

علي بن راشد المطاعني

ليس هناك إحساس باللوعة والفجيعة لدى كل ولي أمر أقسى من أن يقال لك أن طفلك الصغير والذي بالكاد يمشي قد نهشته كلاب ضالة وجدته في الطريق، وهذا بالضبط ما تعرض له الطفل يعقوب الحسني، بمنطقة العذيبة بالعاصمة مسقط، نسأل الله له عاجل الشفاء.
الحادثة هزت أركان المجتمع بطبيعة الحال، وألقت بظلال قاتمة على كفاءة الإجراءات المتخذة من قبل السلطات المختصة للحفاظ على سلامة الأطفال عندما يلعبون ويمرحون خارج المنازل، كما أن الواقعة أوضحت أن الكلاب الضالة قد تجرأت ولم تجد الرادع الكافي وأنها وفيما قبل ذلك وجدت البيئة المناسبة للتوالد بعيدا عن أعين السلطات المختصة وهذه نقطة توضح أن في العاصمة أماكن بعيدة عن الأعين ومنها تنطلق جحافل الكلاب لترويع الآمنين.
هناك شكاوى من مواطنين أن أطفالهم لا يستطيعون النوم ليلا نتيجة لنباح الكلاب الذي يروعهم، وهذه صورة لاتشبه العاصمة مسقط المعروفة في بلاد العرب بأنها الأجمل والأنظف والأبهى.
وبما أن الحادثة كانت بمثابة السابقة الخطيرة فإنها فتحت في ذات الوقت هذا الملف المسكوت عنه والخاص بتربية الكلاب ووجودها في الأحياء السكنية والفائدة المرتجاة منها، من ناحية عامة فإن الكلاب قديما كانت تربى لاستخدامها للصيد وفي الحراسة، ولا نعتقد أن هذه المهنة لا تزال ملحة في ظل تطور المجتمعات المدنية، كما أن هناك اعتقادات تقول بأنها لا يصلح وجودها في منازل تقام فيها الصلوات المفروضة هذا رغم وجود اختلافات في هذا الشأن، كما أن البعض يقتني الكلاب والقطط كهواية وكحب لها وباعتبارها رمزا للوفاء الذي بات سلعة نادرة لدى بني الإنسان للأسف، والبعض الآخر يربيها اعتقادا منه أنها مظهر حضاري ودليل على الرقي الراسخ في سويداء النفس، والبعض الآخر يربيها اقتداء بالأجانب فقط.
وفي مطلق الأحوال لنا أن نتفق أن وجود الكلاب وهي تتبختر على الشواطئ وفي الأحياء حتى ولو كانت برفقة أصحابها فيه خطر داهم على سلامة الناس، رغما عن أن هناك ضوابط واضحة في هذا الشأن ربما لا يتم الالتزام بها حرفيا، وبالتالي فإن المتفق عليه أنها مهدد للسكون والدعة والطمأنينة في أي مكان تشاهد فيه، هذا فضلا عن إنها السبب الرئيس في داء السعار المعروف رغما عن أن الحالات المسجلة في السلطنة ليست كبيرة غير إنها ستبقى هاجسا.
البعض وفي إطار إيجاد حل وسط لهذه المعضلة أقام فندقا للكلاب، وهذا ما فعله أحد المواطنين، الذي أوضح أن من أسباب إقامته هو التغيير في الفكر والثقافة لدى الجيل الجديد من الشباب، وقد تكون الفكرة مقبولة اجتماعيا فهي على الأقل تبعد هذه الحيوانات عن الأحياء السكنية وفي ذات الوقت تلبي رغبة الذين لديهم هوايات لتربيتها والاعتناء بها، وهناك اتجاه لدى هؤلاء في استخدامها في مسابقات ومهرجانات ربما يكون لها مردود يصب في خانة تنوع المشاهد السياحية.
نأمل بالفعل أن تعالج الثغرات الأمنية والبلدية والتي أدت للواقعة المؤسفة التي تعرض لها الطفل يعقوب، وفي ذات الوقت نأمل أن نرى مسقط كما عهدناها دوما وأبدا هادئة مطمئنة بدون أي منغصات بسبب الحيوانات السائبة، وفي ذات الوقت نعضد من الجهود الرامية إلى الاستفادة الآمنة من تلك الحيوانات.