«7 أيام» ترصد توجهات تايلاند لأنماط سياحية مختلفة أبرزها «الحلال»

7 أيام الاثنين ٢٤/سبتمبر/٢٠١٨ ١٢:٣٨ م
«7 أيام» ترصد توجهات تايلاند لأنماط سياحية مختلفة أبرزها «الحلال»

بانكوك- خالد عرابي
رغم أن مملكة تايلاند واحدة من أبرز الدول العالمية التي تصدرت خريطة السياحة العالمية بما حققته من نتائج إيجابية في هذا القطاع أبرزها الأرقام التي وصلت إليها من حيث عدد السياح الذين يزورونها سنويا، ورغم أن عدد السياح يزداد لديها سنويا بالملايين، حيث بلغ عدد السياح الذين زاروها خلال العام 2017 إلى أكثر من 35 مليون سائح وذلك مقارنة بـ 33 مليون زائر في العام السابق له (2016)، إلا تايلاند لم تكتف بهذا النجاح ولم تتوقف عند هذا الحد ولم تر أنها وصلت لأرقام قياسية عالية وأنها واحدة من البلاد والوجهات المعروفة سياحيا ولا داعي من بذل مزيد من الجهد للترويج لها سياحيا أو العمل على منظومة القطاع السياحي، بل على العكس تماما فإن ذلك يدفعها إلى مزيد من النجاح والتطوير والترويج ووضع الخطط المتلاحقة بل ووضع أرقام مستقبلية كبيرة للوصول إليها - حيث تستهدف أن تصل بنهاية العام الجاري إلى 38 مليون سائح- ولذا فإن كل أجهزة ومؤسسات الدولة تتكاتف في سبيل ذلك لإيمانها بأهمية السياحة ودورها في دعم الاقتصاد الوطني، وكما هو معروف فإن قطاع الخدمات بصفة عامة يشكل -حتى الآن- المصدر الأول للدخل الوطني التايلندي، إلا أن الدولة تسعى لجعل السياحة هي المصدر الأول، ويتأتي ذلك من خلال قيام المؤسسات بالترويج لها ومنها ما قامت به وزارة الخارجية التايلاندية مؤخرا بتنظيم رحلة إعلامية ضمت إعلاميين من (السلطنة والسعودية والإمارات والبحرين) لتسليط الضوء على بعض من خطط وتوجهات تايلاند في تطوير منظومة السياحة.

وقد جاء هذا البرنامج مختلفا تماما ومغايرا للبرامج التي تقوم بها جهات أخرى مثل هيئة السياحة التايلاندية، إذ أن هذا البرنامج جعلنا نطلع على صورة جميلة أخرى لتايلاند وهي أن تايلاند ليست للسياحة الثقافية والطبيعية والخضرة والجمال فحسب، بل هي أيضا لسياحة الحلال، وفي كثير من المناطق تجد الفنادق والمطاعم الحلال بل وهناك المصانع الحلال ومراكز الأبحاث التي تشرف على هذا الحلال ومنها مركز أبحاث الحلال بجامعة شولالونكون، كما أن هناك المناطق التي يعيش فيها المسلمون مع إخوانهم التايلانديين من غير المسلمين في أمان وسلام وحب وتفاهم، حيث تتميز هذه المناطق بطبيعتها الجميلة وما توفره من مطاعم الحلال.

وأكد المسؤولون الذين رافقونا خلال هذه الجولة الإعلامية -ومنهم نائب المدير العام لقسم الإعلام بوزارة الخارجية ناتابانو نوباكون- على أن المملكة تولي السياحة اهتماما كبيرا وأنها تحرص على توفير كل ما فيه راحة السياح، وهي تعلم أن هناك بعض السياح من الدول الإسلامية ومن دول الشرق الأوسط يحرصون على المنتجات الحلال خلال أسفارهم، ولذلك فنحن نوفر لهم كل ذلك.

ومن ناحية أخرى وفي لقاء مع نائبة المدير العام لمشروع «الممر الاقتصادي الشرقي» Eastern Economic Corridor لوكسمان أتابيش قالت إن تايلاند تسعى للتوجه الاقتصادي نحو التوسع في الاقتصاد المستقبلي وذلك لجعله بوابة أو ممرا نحو تحسين حياة التايلانديين وكذلك اجتذاب استثمارات حول العالم، وفي إطار ذلك فإنها ومن خلال هذا المشروع الوطني العملاق والذي يسمى «الممر الاقتصادي الشرقي» وهو يقع في 3 مقاطعات في بانكوك وخارجها وسيضم 21 منطقة حرة فيها كل المزايا النسبية، فمن خلاله تفتح باب الاستثمار لرجال الأعمال من حول العالم ومنهم الخليجيون ومنهم رجال الأعمال من سلطنة عمان، علما أن هذا المشروع يستهدف العديد من الصناعات المستقبلية وهي 10 صناعات لتكون القائدة لمستقبل لتايلاند وقد قسمناها إلى مجموعتين الخمس الأولى منها تضم: صناعة السيارات التي تكون قائمة على القيادة الذاتية والكهربائية. وصناعة الإلكترونيات الذكية والصناعات الزراعية. والغذاء للمستقبل وصناعة السياحة العلاجية. أما الخمس صناعات الأخرى فهي: الطاقة وسيكون في هذه المنطقة 3 مطارات، بالإضافة إلى صناعة الاختراعات والصناعة الطبية والصناعات الكيماوية.

وأكدت لوكسمان على أن تايلاند تسعى للحصول على 1.7 بليون بات «الدولار يساوي 32 بات»، ورغم أن المشروع مازال في مرحلة البنية الأساسية إلا أن هناك إقبالا كبيرا جدا على المشاريع والصناعات التي ستقام فيه، وأكدت لوكسمان قائلة: في العام الفائت 2017 قفز الإقبال على طلبات الاستثمار في الممر بنسبة 49 % بينما قفز في هذا العام بنسبة 124 %. وأضافت: وحتى الآن فإن هناك حوالي 31 شركة دولية تقدمت لمناقصة الفوز بأن تكون استشارية المشروع واشترت أظرف المناقصة ومنها شركات صينية ويابانية وإيطالية وماليزية وفرنسية وتايلاندية وننتظر أن نرى من يفوز بالمناقصة ومن يدخل في شراكة ليكون استشاري المشروع.

وعودة إلى توجه تايلاند سياحيا فقد لاحظنا خلال جولتنا مدى التركيز على سياحة «الحلال» وتوفير كل ما تتطلبه من احتياجات بدءا من الفنادق، حيث أقمنا بفندق «الميراث» وهو أحد فنادق الحلال وكان كل ما به يتسم بالحلال بدءا من عدم وجود المشروبات الكحولية وعدم وجود الملاهي الليلية، إلى توفير أماكن للصلاة وتحديد جهة القبلة للصلاة بالفندق مع وجود سجادة للصلاة في كل غرفة إضافة إلى وجود المطاعم التي توفر كافة المأكولات الحلال حيث إن الطيور والحيوانات مذبوحة على الطريقة الإسلامية، وكذلك مراعاة عدم وجود ما هو محرم مثل لحوم ودهون الخنزير وحتى اختلاطها بما هو حلال وكذلك أحواض السباحة المستقلة للنساء والرجال.

كما تضمن برنامج الرحلة عددا من الزيارات المختلفة لما يهتم ويركز على سياحة الحلال ومنها زيارتنا إلى مركز علوم الحلال واطلاعنا على ما يقدمه المركز من أبحاث ومراقبة لخروج الأطعمة الحلال، وقد أكد لنا المستشار العام للمركز د.مونات سوبسانتيكول، على أن المركز يقوم بدوره في الإشراف على المؤسسات التي تسعى لتوفير الأطعمة الحلال، حيث إنه لا يتم منح شهادة الحلال إلا بعد القيام بالعديد من التحاليل والاختبارات للتأكد من الشروط والضوابط الموضوعة، والتي تتبعها أيضا المتابعة الدورية والزيارات الميدانية الفجائية للجهات التي تطلب الحصول على الشهادة، وقد اعتمد المركز أكثر من 160 ألف منتج وأكثر من 7000 مصنع للحلال بتايلاند كلها ملتزمة بضوابط الشريعة الإسلامية التي تأتي من مكتب شيخ الإسلام بتايلاند «المفتي» مع الجهات العلمية، وهذه المصانع لا توزع منتجاتها في تايلاند فقط بل تصدر للعديد من الدول حول العالم.

كما زرنا مستشفى بانكوك الملكي وهي واحدة من أفضل وأضخم المستشفيات هناك، تشعر وأنت بها وكأنك في فندق من فئة الخمس نجوم علاوة على أسعارها المنخفضة جدا. وأكد مستشار الرئيس التنفيذي للمستشفى عقيل بوكيشة على أن المستشفى توفر العلاج لمعظم التخصصات وحتى الأمراض المستعصية مثل السرطان واستبدال الركبة وغيرها الكثير من كافة الأمراض، كما أن بها قسم متخصص لاستقبال العرب والمسلمين يراعي الخصوصية الإسلامية تماما كما يحافظ على كل ما هو حلال. وأكد على أن عددا من عولجوا في المستشفى العام الفائت فقط من السلطنة وصل إلى 5753 مريضا.

كما زرنا أحد مصانع الدواجن الضخمة وهو متخصص في الطعام «الحلال» فقط وهي مجموعة سي بي إف CPF وقد شاهدنا بأعيننا مستوى النظافة والحرص على تطبيق كل اشتراطات الحلال بدءا من الذبح اليدوي إلى التكبير قبل الذبح وغيرها. وقد أكد مساعد نائب رئيس الشركة تيراثون لوهافا تانكول، على أن الشركة واحدة من الشركات الكبيرة دوليا في الطعام الحلال حيث تصدر منتجاتها لأكثر من 24 دولة منها في الخليج سلطنة عمان والسعودية والإمارات والبحرين وبعض الأسواق الدولية منها: اليابان والصين وبريطانيا وغيرها، وأنه من منتجاتها «الكبير» كما أنها تصدر الدواجن الحلال لشركة كنتاكي العالمية.
كما زرنا مجمع دونغ فايايين كاو ياي Dong Phaya Yen الذي تم اعتماده وضمه إلى قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو في العام 2005 م وهو يمتد على مساحة 230 كيلومترا بين منتزه تا فرايا الوطني عند الحدود الكمبودية شرقا ومنتزه كاو ياي الوطني غربا.

ويشكل موطنا لأكثر من 800 صنف من الحيوانات التي تشمل 112 فصيلة من الثدييات (منها فصيلتان نادرتان من القرود) و392 صنفا من الطيور و200 صنف من الزواحف. ويتسم المجمع بأهمية دولية فيما يختص بالحفاظ على الثدييات والطيور والزواحف المهددة بالانقراض والتي تشمل 19 صنفا و4 أصناف معرضة للخطر. وتتضمن المنطقة أيضا أنظمة بيئية مدارية فائقة الأهمية وكفيلة بتشكيل موطن قابل للاستمرار من أجل حفظ هذه الأصناف على الأمد الطويل.
كما زرنا مركز أبحاث وتطوير الزراعة وتخصيب التربة الملكي في منطقة كاوياي والذي أشرف على إقامته الملك السابق شخصيا قبل أكثر من 39 عاما وهو على مساحة عشرات الهكتارات من الأراضي الزراعية ويقدم كل شيء للفلاحين والمزارعين التايلانديين الراغبين في التعلم مجانا، كما يقوم بأبحاث الأرض والتربة ويقيم المؤتمرات والندوات العلمية في سبيل ذلك.

كما تضمنت الجولة زيارة بعض المناطق والأماكن السياحية الشهيرة من متاحف وحدائق وطنية ومصانع للحرير الطبيعي في العاصمة بانكوك وفي مناطق مثل «بتايا» و«كاو هين» و«كاو ياي» وغيرها.