علي بن راشد المطاعني
على الرغم من تحذيرات الهيئة الوطنية للمساحة التابعة لوزارة الدفاع للجهات الحكومية والخاصة والشركات والأفراد بعدم طباعة خريطة السلطنة على أي منتجات أو إعلانات قبل أخذ الموافقة منها، إلا أن بعض الجهات على ما يبدو لا تكترث لهذه التنبيهات والتحذيرات، الأمر الذي يتطلب معه اتخاذ إجراءات قانونية رادعة بحقها.
خطورة هذه الممارسات أنها تقتطع أجزاء عزيزة من الوطن وتعمد لتشويه الجغرافيا على نحو غير لائق على الرغم من أنها علم قائم بذاته تحقيقا لأهداف مشبوهة تسعى للنيل من البلاد ومن وحدتها الوطنية، ولعل سحب دفاتر مدرسية من أحد المحلات التجارية بعدما اتضح أنها تحمل مغالطة جغرافية فادحة عبر اقتطاع محافظة مسندم من مساحة السلطنة، وما يشكله ذلك من خطورة بالغة التعقيد لخير دليل على فداحة الجرم.
وبالطبع فإن التبريرات القائلة بوجود خطأ مطبعي هو تبرير مردود ولا مكان له من الإعراب هنا، فالمسألة وحجم الجرم يفوق كل تبريرات الأخطاء المطبعية، كما إنه يستحيل أن يكون الفعل قد حدث من باب الخطأ المطبعي، فالسؤال المنطقي الذي ينبثق من تلقاء ذاته هو لماذا يحدث هذا الخطأ في محافظة حدودية عبر اقتطاعها كلها، الأخطاء المطبعية كما نعرفها نحن في الصحافة هو أن حرف الحاء قد يكتب خاء، هذا خطأ مطبعي، كما أن كلمة حديد قد تكتب جديد، هذا خطأ مطبعي، أما اقتطاع محافظة حدودية لها أهميتها الإستراتيجية من خريطة الوطن، فهذا ليس خطأ إنه فعل متعمد كامل النصاب، وإنه حراك مشبوه يستهدف الوطن في هيبته وعزته وكرامته وفي وحدته، هو فعل يمثل اعتداء خارجيا سافرا على البلاد ينبغي الرد عليه بضراوة وقسوة لا تعرف معنى الرحمة أو المهادنة، فوحدة البلاد خط أحمر لا يمكن التساهل مع من يجتازه كائنا من كان، تلك ثوابت لا اختلاف فيها أو حولها، ويتطلب مع الواقعة استنفار كل وسائل الرد والردع لتتصدى لهذا العدوان الآثم الذي استهدف الوطن في وضح النهار.
ليس مستغربا أن ينال هذا الحدث الخطير حظه من التفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن قبل الجهات الرسمية والمختصة.
ستبقى المفارقة الغريبة قائمة، كما سيظل السؤال الحائر يرفرف كالأعلام فوق رؤوسنا ويتمحور حول كيف دخلت هذه الدفاتر الملغومة للبلاد بدون المرور على نقاط الرقابة بالمنافذ البرية الحدودية، فالدفاتر المدرسية أضحت اليوم وسيلة إعلامية بالغة الخطورة باعتبارها تستهدف شبابنا وطلابنا من خلال دس تلك القنابل الموقوتة على أغلفتها.
ما هو مفترض أن تلك الدفاتر يجب أن تخضع لرقابة وزارة الإعلام الموقرة في كل المنافذ الجوية والبرية والبحرية، ولا يسمح بدخولها البلاد إلا بعد الفحص الدقيق الذي تجريه الوزارة على أغلفتها للتأكد من سلامتها وخلوها من هذا النوع المدمر من الفيروسات.
نأمل من الكل أن ينتبه إلى خطورة هذه الواقعة التي تمس الوطن في أقدس مسلماته وهي وحدته الوطنية، وأن نعي في ذات الوقت حقيقة أن ما حدث حدث بسوء نية وليس العكس بطبيعة الحال.