الذكاء الصناعي.. السلطنة تتأهب

بلادنا الخميس ١٥/مارس/٢٠١٨ ٠٣:٤١ ص
الذكاء الصناعي.. السلطنة تتأهب

مسقط - محمد سليمان

دعا أمين عام مجلس التعليم سعادة د.سعيد بن حَمَد الربيعي، إلى ضرورة جلوس الشركات والجهات الأكاديمية والتعليمية إلى مائدة واحدة، للخروج بأجندة مستقبلية تحوي في مضمونها ما يحتاجه سوق العمل من متطلبات ذات معايير حديثة تواكب الثورة الصناعية الرابعة، مؤكدا في تصريحات خاصة لـ«الشبيبة» أن مؤشرات المستقبل تستدعي النهوض بالمخرجات التعليمية عبر دراسات مستفيضة ومستخلصة من مسوحات ميدانية للوقوف على طبيعة التحديات.

جاء ذلك على هامش ندوة «مستقبل التعليم والوظائف في عصر الذكاء الصناعي» التي نظّمتها جامعة عُمان، بالتعاون مع جامعــة الســلطان قابوس. حيث أشار سعادته إلى أن الندوة جاءت بالتزامن مع وجود اجتماع للمجلس الاستشاري الدولي لمشروع جامعة عُمان، مما اعتُبر فرصة للاستفادة من الخبرات العالمية لاسيما في ظل التغيّرات المستقبلية القادمة بسبب إرهاصات الثورة الصناعية الرابعة وما ينتج عنها في مجال التقنيات الحديثة.
وأضاف: في تقديري أن المؤسسات التعليمية سواء المدرسية أو الجامعية والتدريب، عليها أن تنتهج هذا المنحى الجديد وعلينا أن نكون على استعداد للتعامل مع المعطيات الجديدة وأن نتحرّك بسرعة في هذا الجانب من خلال تهيئة المؤسسات التعليمية وأعضاء هيئة التدريس، والطلبة لمستقبل الوظائف وتقديم نوعية حديثة من التعليم والبرامج التعليمية تتوافق مع التغيّرات العالمية.

التعلم مدى الحياة

رئيس جامعة نورث إيسترن الأمريكية البروفيسور جوزيف عون، قال في تصريح خاص لـ«الشبيبة»: خلال العشرين عاما المقبلة ستختفي 70% من الوظائف، والحل الأمثل أمام هذا التحدي هو الجامعات المطوّرة، والتدريس التجريبي المستمر طوال الحياة، ومع قرار السلطنة إنشاء جامعة جديدة لا بد أن تعتمد هذا المبدأ -التدريس المستمر- وذلك حتى تكون واجهة تعليمية عالمية، خاصة أن التعلم مدى الحياة لم يعُد اختياريا؛ فالآلات ستستمر في التحسن لذا يجب على الناس أن يحذوا حذوها وتعزيز قدراتهم العقلية ومهاراتهم ومعارفهم التقنية، كما يجب على الجامعات وضع التعلم مدى الحياة في مركز أعمالها، وابتكار الطرق لتوفير التعلم لكل طالب، وتطوير نظام جامعي عالمي يتم فيه تبادل المعلمين للاستفادة من البرامج التعليمية والموارد وفرص التعليم التجريبي الفريدة من نوعها والاستفادة من هذه الشبكة مدى الحياة.
واستعرض البروفيسور عون خلال الندوة مستقبل التقنيات مشيراً إلى أن العصر الحاضر سيشهد تطوُّرا كبيرا في مجالات الذكاء الصناعي مصحوبا بتطوّرات مذهلة في عمل الروبوتات حيث يتوقع أن تتفوّق الآلات قريبا على البشر في مجموعة من الوظائف الذهنية التي يمكن التنبؤ بها، مؤكدا على ضرورة اهتمام الجامعات بتعليم طلابها مناهج أكثر إبداعية تركّز بشكل كبير على الاختراع والتعاون والإبداع.
وأضاف: لا بد من ابتكار الطرق لتوفير التعلم لكل طالب، وتطوير نظام جامعي عالمي يتم فيه تبادل المعلمين للاستفادة من البرامج التعليمية والموارد وفرص التعليم التجريبي الفريدة من نوعها والاستفادة من هذه الشبكة مدى الحياة؛ فالتحديات في العالم تتضاعف كل يوم، ولا يمكننا تحسين ذلك إلا بتعزيز الابتكار المناسب، والاعتماد على التعليم التجريبي الذي يتم توفيره طوال الحياة المهنية كحق أصيل من حقوق الإنسان.

تأثير السلوكيات

من جانبه قال عضو مجلس المستقبل للعلوم السلوكية بالمنتدى الاقتصادي العالمي، والأستاذ بجامعة جورج تاون بقطر فادي مكي، في تصريحات خاصة لـ«الشبيبة»: إن دخول الثورة الصناعية الرابعة، وانتشار التقنيات الحديثة المطوّرة، ستتغيّر معه السلوكيات الاقتصادية، بما يتطلب تطويرها لتتماشى مع الأوضاع العالمية مثل انتهاج التحفيز بدلا من «الترغيب والترهيب».
وأضاف خلال كلمته في الندوة أن تطبيق الاقتصاد السلوكي ومفاهيم الترغيب في السياسات العامة هو أحد التوجهات الحديثة التي تساهم في إحداث تحوّل في طريقة تصميم الحكومات لسياساتها العامة، وفي أسلوب عملها وأسلوب الخدمات التي تقدّمها، وهي أدوات فعّالة من حيث التكلفة وتساعد على تغيير سلوك الناس بدون تقييد خياراتهم، وتعتمد بشكل كبير على استعمال أدوات علمية مثل تجارب الضبط العشوائي، والاعتماد على التأثير في الدوافع النفسية والاستجابات العاطفية في السلوك البشري لشرح السياسات العامة والقرارات الاقتصادية.
وأكّد د.مكي على أن هناك الكثير من الحكومات في العالم قامت بتأسيس وحدات متخصصة في الترغيب Nudges على رأسها المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وأربع دول عربية هي: قطر ولبنان والكويت والسعودية.
واستطرد: التعليم يعدّ أحد المجالات التي حققت نجاحات كبيرة بعد الاعتماد على أدوات الترغيب Nudges بدءا من مرحلة التعليم الأساسي وحتى التعليم الجامعي إضافة إلى أنظمة ومشاريع التعليم، حيث تم استخدام مئات من تجارب التحفيز لتحسين نتائج أنظمة التعليم وتحفيز المعلمين وتسهيل الوصول إلى الطلاب والتعرّف على خياراتهم، وتحسين مهارات وفرص ريادة الأعمال.

وتيرة متسارعة

على صعيد متصل قال الرئيس المنتدب من جامعة موناش للشرق الأوسط وشمال إفريقيا د.نزار فارجو في تصريحات خاصة لـ«الشبيبة»: التطوّر يسير بوتيرة متسارعة، مما يحتم علينا دمج الصناعة مع التعليم، وخاصة التعليم العالي، حيث يتطلب المســـتقبل أن تكون لدى الخريجين الخبرات والطاقات للعمل في الصناعات المختلفة. بما يتطلب معه دمج المـــواد النظرية بالعملية التي توفرها الجهات الصـناعــية في البرامج التعليمية في الجـامعــات.
وعن الفرص المُتاحة في مجالات الطب والعلوم والتقانة قال: يتطلب التنافس في الاقتصاد العالمي الجديد أفكارا مشرقة وأعمالا ملهمة من خلال التركيز في التعليم على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM كمحاور أساسية للتنمية والابتكار الصناعي ومجالات التنمية الاقتصادية ما يتطلب تركيزا كبيرا على تطوير أساليب التدريس المحفّزة وتزويد الطلاب بالمهارات والمعارف الأساسية القائمة على دمج العلوم من أجل مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية خاصة أن تعليم التكنولوجيا والعلوم والهندسة والرياضيات يتطلب تطبيقه من خلال تعليم وتعلم مرن ومبتكر.

فرص مستقبلية

مدير مختبر الدفع النفاث، والمسؤول عن تطوير تقنيات الاندفاع في الفضاء الخارجي للمركبات الفضائية في وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) ونائب رئيس معهد كاليفورنيا للتقنية والمسؤول العام في عدة برامج أبحاث وتطوير مشاريع فضائية والمسؤول عن رحلات عدة للمكوك الفضائي في وكالة ناسا البروفيسور شارل العشي تحدّث من خلال عرضه في الجلسة الثالثة عن الكثير من الفرص المستقبلية لاكتشاف الأرض والفضاء، وسلّط الضوء على الهبوط الأخير على المريخ، والتحديات الهندسية والتقنية للبعثات المستقبلية للتنقيب والاكتشاف للفضاء الخارجي، ورصد التغيّرات في سطح كوكب الأرض والكواكب المجاورة.
واختتمت الندوة بجلسة حوارية أدارها رئيس الاستراتيجيات والقيادة في شركة PWC الاستشارية العالمية د.بلير شيبارد، والتي ضمت -بالإضافة لمتحدثي الندوة السابق ذكرهم- المدير التنفيذي لشركة تنمية نفط عُمان راؤول ريســتوشي والرئيس التنفيذي لمجموعات شركة تصنيع للنفط والغاز د.عامر بن عوض الرواس، ومستشار العلوم والتكنولوجيا بمكتب نقل العلوم والتكنولوجيا بوزارة الخارجية د.كريس مودي. وقد تناولت الجلسة المرتكزات الأساسية لتطوير مستقبل التعليم والوظائف وربطها باحتياجات سوق العمل والأعمال.