غرفة التجارة.. بين المطرقة والسندان

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٣/فبراير/٢٠٢١ ٠٩:٠٩ ص
غرفة التجارة.. بين المطرقة والسندان

مسقط - الشبيبة

بقلم: علي المطاعني

 

البعض يحمل غرفة تجارة وصناعة عُمان مسؤولية أنها لم تعبر عن وجهة نظر القطاع الخاص ويلقون باللوم عليها إزاء التعاطي مع المتغيرات والمستجدات الراهنة سيما في الشق الخاص بفرض الرسوم والضرائب إلى غير ذلك، متناسين حقيقة أن غرفة تجارة وصناعة عُمان هي في الواقع جزء لا يتجزأ من كيان هذا الوطن تتأثر بما يتأثر به، وتفرح وتبتهج بما يسره، فهي ومنذ إنشائها تعمل على ترجمة دورها ومسؤولياتها كشريك للقطاع العام، وحلقة وصل بين الحكومة والقطاع الخاص، تضطلع بمسؤوليات كبيرة ليس بالضرورة أن تصدح بما في جعبتها من هموم وآهات في وسائل الإعلام لكي يقال عنها بأنها صديقة للبيئة، وأنها تعبر عبر هذا الأنين المفترض عن مصالح القطاع الخاص، الأمر الذي يدعو للاستغراب والاندهاش لهذا التعاطي السالب إزاء تحميل مجلس إدراة الغرفة أكثر مما يحتمل.

بلاشك أن مجلس إدارة الغرفة يدرك تمام الإدراك حساسية المرحلة، ويعلم تماما بأن ثمة تشابكا بالغ التعقيد قد تم ووقع مابين الهموم الصحية الناتجة عن كوفيد وما بين المسار الاقتصادي، وأن الأول قد ألقى بظلال قاتمة على الثاني ونحن في هذا الهم شركاء لكل دول العالم غنيها وفقيرها، فالغرفة تعاطت مع هذا الواقع بمنتهى المسؤولية وهي تدرك تمام الإدراك بأن المرحلة الإستثنائية الراهنة تتطلب تضحيات من الجميع سواء مواطنين أو شركات أو غيرهم، وهي تدرك أيضا حقيقة أن الجهة أو الفرد وإذا ماكان مقتدرا وقد أنعم الله عليه فإن قدرة التحمل لدية ستغدو أكبر بخلاف غيره، وهكذا على قدر أهل العزم تأت العزائم، فإذا وجدنا بأن المواطن متوسط القدرات قد تفاعل بإيجابية مع المستجدات الطارئة الهادفة للحفاظ على المكانة المالية للدولة فما بالنا برجالات القطاع الخاص، بالقطع هم يحملون ذات المسؤوليات ويتفهمون ذات الأوضاع ومن هذه النقطة تضطلع الغرفة بمسؤولياتها في إدارة الأزمة.. وهنا يكمن الإدارك الواعي في تقدير ما تشهده الدولة من متغيرات كبيرة تحدث لأول مرة منذ 50 عاما وفي إطار نهضة متجددة ولصياغة توجهات جديدة في إدارة الدولة تقوم على العديد من المرتكزات الهادفة للمزيد من الإعتماد على النفس ونبذ الإتكالية والعمل بجد وتفان لإستشراف آفاق المستقبل عبر نظرة ثاقبة ترى الشيء فلا تخطئه.

الجانب الآخر والأهم أيضا، ذلك أن البعض ربما لايدرك منطوق النظام الأساسي للغرفة وما يحدده لها من أطر عمل وإختصاصات لايمكن للأعضاء تجاوزها، وركوب الموجة بغير إدراك لإتجاهها، فكل مؤسسة تتحرك وفقا للنظام الأساسي الخاص بها، وهو الذي يحدد المدى الذي يمكنها الوصول إليه بغير زيادة أو نقصان، على ذلك لايمكننا أن نطالبها بدور أكبر مما هو محدد لها قانونا كإستشاري ليس أكثر، مثلها مثل غيرها من مؤسسات المجتمع المدني التي التي يتم الإنتساب إليها بالإنتخاب.

ومع هذا تبذل الغرفة دورا محوريا في إدارة الأزمات بشكل صامت ربما لا ترغب في المن على أعضاءها وعلى مجتمعها في إسهامها المحمود في التخفيف من آثار الأزمات أو عكس مطالب القطاع الخاص بنحو متحضر تعبر به عن مطالبها ورغبات أعضاءها بأسلوب مؤطر بالإحترام واللباقة الكياسة والحكمة بعيدة المدى المعهودة والمعروفة لدى العُمانيين في التعاطي مع الأوضاع ممها كان مستوى عنفها وعنفوانها، فكيف إذا كانت كل النوايا متوحدة وحسنة وتنشد سلامة الدولة ومواطنيها حاضر ومستقبلا..فالإعفاءات من الرسوم التي تصل إلى 7 ملايين ريال وتخفيف الآثار الجانبية الناتجة عن الأزمة عن القطاع الخاص عبر طلب الإعفاءات من الحكومة وغيرها الكثير من الجهود التي يصعب حصرها في هذه العجالة، بل أن كل التسهيلات التي قدمتها الحكومة للقطاع الخاص كانت الغرفة هي التي تقف خلف كل تلك الأعطيات، ولكنها تلوذ بتلابيب الصمت الجميل بإعتبار أن ما يقدم للوطن وللمواطنين هو الواجب عينه.. نأمل من الجميع ان يقدر مقتضيات المرحلة الراهنة وما يكتنفها من تضحيات وصعاب، وأن يحمد المولى عز وجل على أننا ورغم كل شيء أفضل من غيرنا، وأن بيت التجار يعكس بصدق وأمانة تطلعات منسوبيه ولكن بلغة الصمت الجميل، وهي لغة لها لون ورائحة مميزة كما نعلم، وأن على منسوبيها ادراك أنهم عاشوا 50 عاما بغير أوجاع فلا ضير من خمس سنوات عجاف نقابلها بالصبر إنتظارا لما بعدها من أعوام للرخاء قادمة بحول الله وقوته.