هكذا تتواصل مسيرة البناء

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٠/يناير/٢٠٢١ ٠٨:٥٥ ص
هكذا تتواصل مسيرة البناء

علي بن راشد المطاعني 

بمستوى الحزن والأسى الذي غطى سماء البلاد، وبقدر الألم الذي ألم بنفوس أبناء الشعب العُماني والعربي والعالم أجمع، بوفاة المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، في العاشر من يناير 2020، ‏إلا أن وصية جلالته بإختيار حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق لتولي مقاليد الحكم في البلاد كانت بمثابة خير خلف لخير سلف، لتبدأ السلطنة مرحلة نهضة متجددة تستكمل عبرها مسيرة البناء والتنمية في هذا الوطن العزيز وبنفس الروح الوثابة التي إنطلقت بها النهضة الحديثة بدءا، وإستطاعت عبر مسيرتها توحيد المواطنين على إختلاف أيدلوجياتهم ومذاهبهم وعرقياتهم وأجناسهم وقبائلهم ومناطقهم تحت مظلة الوطن واسعة الأرجاء، ورسخت مبدأ سيادة القانون وأقامت عمد وأركان دولة المؤسسات والقانون ووطدت دعائم العدالة الإجتماعية بين أبناء الوطن وغيرهم من الجنسيات، وطبقت مبادئ تكافؤ الفرص والمساواة بين الجنسين في كل الجوانب الحياتية، الأمر الذي يبعث على الإعتزاز لإستمرار مسيرة النهضة، بنفس الزخم والروح التي انطلقت بها مطلع السبعينات لا تلوى على شيء ميممة وجهها شطر المجد لهذا الوطن وابناءه.

ورغم إختلاف المراحل وتباينها بإختلاف الظروف والأسباب والمسببات، غير أن الأهداف بقيت واحدة أبدا والآمال والطموحات تشرئب وسط زحام هدير المسير معلنة حتمية الوصول للأهداف البعيدة الكفيلة بتحقيق الرخاء والسعادة للجميع.

فاليوم يعيش الشعب العماني الوفي مشاعر تجمع بين الحزن لوفاة القائد المؤسس، وإعتداد وبهجة بالنفس غامرة يعبر عنها الإحتفال بذكرى السنة الأولى لتولي جلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله - مقاليد الحكم في البلاد، وما نشهده الآن من تطورات وتحديثاث وبناء فوق البناء ولتتم من خلاله هيكلة دولاب العمل في مفاصل الدولة وأجهزتها المختلفة وبما يتواكب مع المستجدات والتطورات المتسارعة في العالم وبنفس زخم وتيرة إنطلاقة النهضة الحديثة في عالم 1970، يوم هب الشعب العُماني آنذاك خلف قيادته كمارد عملاق ليعيد بناء هذا الوطن مترمي الأطراف، بعد أن ظل ردحا من الزمن قابعا خلف أسوار العزلة وخيم عليه وقتها ثالوث الجهل والتخلف والأمية، إلى أن وصل إلى ما وصل إليه اليوم من تقدم وتطور يضاهي الدول المتقدمة.

وفي التو واللحظة فإن النهضة المتجددة تكمل عامها الأول بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله-، فإننا ننيخ مطايانا تحت ظلال أشجارنا وارفة الظلال لنستعيد ذكريات ماتم إنجازه في هذه الفترة الوجيزة من الزمن في كنف واقع إقتصادي وصحي بالغ التعقيد أثر بنحو أو بأخر في تهدئة خطوات المسيرة قسرا، غير أنها رسخت بصمات النهضة المتجددة وهيأت البلاد لمرحلة مختلفة ترتكز على الإعتماد على النفس وتعزيز كفاءة العمل وتهيئة المواطن لمواجهة المتغيرات والتحديات الماثلة وتأكيد ترشيق الحكومة لتغدو أكثر قدرة على الحركة وسط هذا الضباب الذي غطى كوكبنا بأسرة، كما أمنت على الإستدامة المالية الهادفة للحفاظ على المكانة المالية العامة للدولة، وبناء أسس جديدة من العمل الوطني يقوم على المحاسبة والشفافية وتجاوز التحديات التي تفرضها التحديات الصحية لفيروس كورونا وما سببه من تأثيرات بالغة على كافة الأصعدة.

ولعل إدارة دولة بحجم عُمان في منطقة مشتعلة من العالم مسألة ليست بالسهلة، وتحتاج إلى الكثير من التوافقات والتوازنات والحكمة والحنكة، كما أن التفاؤل يجب أن يغدو عنوانا للمرحلة الدقيقة المقبلة وفي كل جنبات ومناحي العمل الوطني وبما يسهم في رفعة هذا الوطن وإستدامة تقدمه وتفوقه على نفسه وعلى الظروف المحيطة به.

لا ننكر أن خير الوطن علينا كثير وعظيم ووفير، والتضحية من أجله كانت وستبقى بمستوى الأرواح والمهج لا أقل، وليس أدل على أفضاله علينا تلك المنجزات الشامخة التي سمقت على ترابه على مدى نصف قرن من الكفاح.

نأمل أن نعمل جميعا كتفا إزاء كتف لبناء عُمان المستقبل، مشمرين عن سواعد العمل والإنتاج ونكران الذات والإعتماد على النفس وترشيد الإنفاق، والإبتعاد عن كل مايعكر صفو الإنسجام والترابط المجتمعي ولما فيه خير الوطن ومواطنيه.

ونكون جميعا سياجا منيعا يحمي مكتسباتنا الوطنية المتحققة ونبي عليها كل يعزز لاستدامتها، ونبلور آفاقًا مستقبلية تفتح لأبنائنا نوافذ الامل للإسهـــــــــام الفاعل في بناء وطنهم وتمكينهم بكـــــــل السبل التي تظهر إمكانانهم وقدراتهم المتدفقة، فالاوطان لا تبنى إلا بسواعد أبناءها.