هل يعود المزارعون إلى حقولهم ؟

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٦/نوفمبر/٢٠٢٠ ٠٨:٢٦ ص
هل يعود المزارعون إلى حقولهم ؟

مسقط - الشبيبة

بقلم : علي المطاعني

بعد تشكيل مجلس إدارة شركة الإنتاج والتسويق الزراعي ‏وما يؤمل ويرتجى من هذه الشركة هو أن تعمل على الإسهام في الإرتقاء بالإنتاج الزراعي وتغليفه وتسويقه داخل السلطنة وخارجها وما يمثله ذلك من أهمية كبيرة في تعزيز الجوانب الزراعية وإنعكاساتها على القطاع والمزارعين .على ذلك فإن عودتهم لمزارعهم أمسى أمرا بالغ الأهمية لإدارة الشركة إذ على سواعدهم وجدهم وكدهم تقوم عمد وأركان الشركة وذلك في ظل الإهتمام الذي توليه الحكومة ممثلة في جهاز الإستثمار العُماني بهذا الجانب المفتقد ، وفي هذا الشأن بالغ الأهمية والمرتبط بنحو مباشر بإستتباب الأمن الغذائي للسكان، وأصلا فإن كل جهود تصب في هذا الإتجاه لابد من أن تجد أعلى درجات الإهتمام والرعاية.

قبل أيام نشر أحد المواطنين المهتمين بالقطاع الزراعي تغريدة أثارت تساؤلات منطقية وقاصمة للمنطق في آن معا عندما قال أن أحدهم يستلم من مزرعته 100 ريال شهريا ، في حين أن إنتاج المزرعة يبلغ 10.000 ريال ، ثم سال السؤال الحاسم عندما قال من المسؤول عن هذه المفارقة المؤلمة العامل أم الموطن ؟

هناك الكثير من هذه النماذج المؤسفة لمزارعين هجروا مزارعهم ليعملوا في مهن هامشية لاقيمة لها مقابل الكنز الذي يملكونه غير أنهم هجروه ، وآخرين هجروها بسبب ضعف التسويق وهو الأساس كما نعلم في نجاح أي مشروع زراعي إنتاجي.

اليوم وبعد إنشاء شركة تعني بهذا الجانب فإن الجاذبية تعود تدريجيا للزراعة والمزارعين إذ الشركة ستتحمل عنهم عناء التسويق وهو قمة سنام الجهد الزراعي المضني، وهم وبطبيعة الحال سيعودون لمزارعهم بعد إنتفاء أسباب الهجر والهجران ، فالشركة كمشتري جاهز ستريح المزارع من عناء وهموم وحمى التسويق وهم بالقطع سيقومون بإدارتها بأنفسهم بعد ضمان العائد ، والشركة أصلا ستضع هذا الشرط كحافز للتعامل مع المزارعين ، هنا تكتمل دائرة الإنتاج الزراعي والريع سيصب حتما في مصلحة الجميع المزارع والشركة والمواطن والوطن.

إن إدارة المزارع من جانب أصحابها وحث الأبناء والأجيال المتلاحقة على إمتهان الزراعة يُعد هدفا ومطلبا وطنيا يجب التركيز عليه في الفترة القادمة ، بإعتباره أحد الجوانب الحيوية التي تتطلب غرس ثقافة العمل في الزراعة في نفوس الشباب وفي سن مبكرة حتى يعشقوها ، فإن فعلوا إمتهنوها في رضى وسعادة ، وذلك لن يتأتي إلا من خلال وسائل الإعلام والمناهج الدراسية والتعليمية وإيجاد البرامج التفاعلية لتشجيع وحض الشباب وخاصة الخريجين لإنشاء مزارع خاصة بهم والتركيز على كليات الزراعة بإعتبارها مسؤولة عن تأكيد مضامين الأمن الغذاتي في كل إرجاء الوطن ، ومن ثم توفير الدعم المالي والقروض الميسرة للشباب لينطلقوا بكل طاقاتهم للمزارع والحقول.

وفي الفترة المقبلة يجب الاهتمام بالمزارع ومنع تأجيرها للمزارعين الوافدين وذلك هو المدخل الشائع للتجارة المستترة حيث المعادلة الصفرية تشير إلى أن صاحب المزرعة هو الأجير، والوافد هو صاحب المزرعة الحقيقي ولكن من خلف ذلك الستار الظلامي الشهير ، ليضطلع الإعلام هنا وفق كافة أشكاله وأنماطه وأنواعه بهذه القضية بإعتبارها قضية وطن ومستقبل شعب.

نأمل أن تشكل هذه المبادرات وهذه النفحات الطيبات بقيام الشركة أن تشكل فتحا جديدا أمام مفهوم الأمن الغذائي العُماني ، وأن تغدو الشركة ملهمة للمزارعين وللشباب للإنطلاق بكل العزيمة والإصرار لتعمير أرضهم وزراعتها وإنتظار العائد المجزي بحول الله ، فالشركة قامت أصلا لتضع الزراعة في مكانها الصحيح في خارطة بلادنا الغذائية والإقتصادية .