خطوة لتعزيز التنمية البشرية

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٣/يونيو/٢٠١٨ ٠٢:٣٤ ص

علي بن راشد المطاعني

تطوير نظم التدريب والتأهيل للموظفين في الأجهزة الحكومية والخاصة لا يكمن فقط في رصد الميزانيات وتقليص بنودها في حالات العجز أو نقص الموارد المالية، وإنما في البحث الدائم وبغير كلل عن أفكار بديلة تسهم في استمرارية وديمومة التأهيل والتدريب وفتح آفاق أرحب أمام العاملين في أجهزة الدولة لتطوير قدراتهم وصقل مهاراتهم في مجالات عملهم ومتطلبات وظائفهم.
ولعل قرار وزير ديوان البلاط السلطاني رئيس مجلس الخدمة المدنية بإتاحة المجال للموظفين في الجهات الحكومية بإيفاد الموظف للتدريب براتب كامل ‏يهدف إلى الاستفادة القصوى من المنح التدريبية التي ترد للجهات الحكومية من كافة المؤسسات التدريبية وبما يحقق أعلى معدلات الإنتاج والإجادة في مجال الوظيفة، وذلك لا يتسنى إلا عبر الوصول بمستويات التأهيل والتدريب والإعداد والصقل إلى درجات عالية، بذلك فقط يستطيع الموظف أن يكون فاعلا ومنتجا، بعد تقديم واجب الاحترام للشعار القائل بأن فاقد الشيء لا يعطيه.
هذا القرار الموفق جاء ليفتح الباب واسعا أمام الموظفين لتأهيل أنفسهم بعد تقديم أقصى غايات التسهيلات الممكن تقديمها من الجهات الحكومية وهي (الراتب الكامل) أثناء فترة التدريب، وما من شك أن هذه الصيغة تؤكد الإيمان الكامل من قبل الحكومة بأهمية التأهيل والتدريب باعتباره المدخل الوحيد للارتقاء بالخدمة المدنية إلى المستويات التي يرضى عنها المواطن وفي ذات الوقت تصب في خانة نهضة الوطن والارتقاء به عبر زيادة الإنتاج والإنتاجية من قبل موظفين مؤهلين تماما للقيام بأعباء وظائهم، من بعد أن أضحى الراتب الممنوح أثناء التدريب راتبا مستحقا لقاء أداء وظيفي رفيع المستوى فمن أخذ الأجر حاسبه الله على العمل.
كل الدول التي نهضت وسمقت وحققت معدلات عالية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصناعية والزراعية لم تستطع تحقيق ذلك إلا من خلال اهتمامها بتنمية الموارد البشرية من خلال جودة التعليم ومن ثم التأهيل والتدريب وصقل المهارات، وقرار وزير ديوان البلاط السلطاني يندرج بطبيعة الحال تحت هذه الأبجدية الأساسية، فالتعليم والتأهيل على النفقة الخاصة مفتوحة أبوابه أيضا لمن يرغب من العاملين أصحاب الطموحات غير المحدودة وهؤلاء لن تدخر الحكومة جهدا في الوقوف معهم ما بقيت طموحاتهم قائمة.
وفي المقابل وحتى لا تضيع الجهود سدى يجب أن تكون المؤسسات التدريبية التي سيتم التوجه إليها معترفا بها محليا ودوليا وذات سمعة رصينة في مجال اختصاصها، وما من شك في أن الجهات المختصة بإجراءات التدريب والتأهيل حريصة كل الحرص على أن تكون المؤسسات التدريبية بالمستوى المطلوب، إذ أن هناك أموالا طائلة ستصرف ولا بد من أن تذهب للجهة التي تستحقها ولتغدو الفائدة العائدة للخدمة المدنية مضمونة تماما.
نأمل أن تكلل الجهود الهادفة لتحقيق هذه الغايات النبيلة بالتوفيق وبما يسهم في تطوير قدرات العاملين في مؤسسات الدولة كافة، ونتمنى أن لا نسمع بأي محاولات للالتفاف على هذا القرار الحكيم والجريء، كأن تحاول مؤسسات تدريبية ما لا تملك المواصفات اللازمة تقديم نفسها باعتبارها مؤهلة، وأن لا يحاول البعض استغلال ميزة الراتب الكامل الممنوح باعتباره إجازة للاسترخاء من عناء العمل، لنوقن في كل الأحوال أن الله يرى.