شبان الأردن يتذوقون طعم الاحتجاج السياسي

الحدث الخميس ٠٧/يونيو/٢٠١٨ ٠٤:٤٢ ص

عمّان - رويترز
لم يسبق للمحاسبة الأردنية لين سامر المشاركة في احتجاج في عمّان.
لكنها خرجت هي وأصدقاؤها منذ الأسبوع الفائت مع مَن خرجوا إلى التجمّعات قرب مقر مجلس الوزراء كل ليلة للمشاركة في أكبر احتجاجات تشهدها البلاد منذ سنوات.
قالت لين (24 عاما) بعد منتصف الليل يوم الثلاثاء "أحس أن شيئا ما يتغيّر" بينما كان المئات من حولها يهتفون "حكومة حرامية" ويلوحون بالأعلام.
وأضافت: "لا رجوع. الشباب ثائر ولن نظل صامتين بعد اليوم".
وكان مشروع قانون لزيادة ضرائب الدخل في إطار الإصلاحات التي يدعمها صندوق النقد الدولي قد دفعت الآلاف للخروج إلى الشوارع في عمّان ومناطق أخرى بالأردن. ويتزايد الغضب الشعبي منذ تطبيق زيادة حادة في الضريبة العامة على المبيعات وانتهاء دعم الخبز في وقت سابق من العام الجاري.
وهذه هي المرة الأولى التي يتذوّق فيها كثيرون من المشاركين في الاحتجاج طعم المعارضة السياسية في بلد نجح فيه إحكام الأمن في احتواء الاضطرابات.
ويشكو المحتجون، وكثيرون منهم من الطلبة والخريجين والشباب العامل، من مواجهة صعوبات في سداد فواتيرهم والعثور على وظائف أو بناء مستقبل وسط ركود الاقتصاد الأردني ويقولون إن سياسات الحكومة زادت الأمور سوءا. كما يتهمون الساسة بتبديد المال العام وبالفساد.
وفي مقابلات مع رويترز راح هؤلاء الشباب في العشرينيات من أعمارهم يتذكرون سنوات المراهقة التي تابعوا فيها انتفاضات "الربيع العربي" العام 2011 التي لم يصب الأردن منها شيء يذكر.
والآن يقول النشطاء إن الاحتجاجات أفرزت وجوها جديدة وأعدادا كبيرة لم يسبق لها مثيل من شباب المهنيين وأسر الطبقة المتوسطة والطلبة الذين لا خبرة لهم بالسياسة.
وتزايد حجم التجمعات الشعبية منذ دعت إليها النقابات في الأسبوع الفائت.
وقال الطالب الجامعي أحمد عوض (22 سنة) "تعودنا أن نتفرّج على الآخرين وهم يحتجون على التلفزيون. لكن الحمد لله حققنا شيئا طيبا".
وقال علي العبوس رئيس مجلس النقباء الذي أعلن أول احتجاج إن الاحتجاجات تشير إلى تنامي الوعي السياسي بين الشباب وإنه يعتقد أن الشبان سيكونون أكثر نشاطا في المستقبل.
وقال: "هم يعبّرون عن أنفسهم. الحياة تغيّرت والناس أصبحت أكثر اهتماما بالسياسة".

ليس عندي شيء
ويوم الاثنين قَبل الملك عبدالله الثاني، الذي يعتبر على نطاق واسع قوة مُوحدة، استقالة رئيس الوزراء هاني الملقي وعيّن عمر الرزاز خريج جامعة هارفارد بدلا منه ودعا إلى إجراء محادثات موسعة في محاولة لنزع فتيل الغضب الشعبي.
ولم يمنع هذا القرار ما يقرب من 2000 شخص من التجمّع حتى ساعة متأخرة من الليل. واحتفل البعض باستقالة الملقي وتعهّد آخرون بمواصلة الاحتجاجات إلى أن تلغي الحكومة مشروع الضريبة الذي أرسلته إلى مجلس النواب الشهر الفائت.
وقال عوض: "ربما اعتقدت الحكومة أن الاستقالة ستدفع الشبان للعودة إلى بيوتهم. لكننا نحتج هنا من أجل مستقبل أفضل ومن أجل آبائنا الذين يدفعون... من أجل تغيير نهج الحكومة".
وقالت لين إن والديها حاولا إثنائها عن المشاركة في الاحتجاجات في ساعات الليل المتأخرة في اليوم الأول لكنهما يؤيدانها الآن. وقد عادت لين للإقامة مع أسرتها في عمّان بعد أن حصلت على شهادة جامعية من الولايات المتحدة لكن دخلها الآن يكفي بالكاد لتغطية ثمن بنزين السيارة وبعض مشتريات البقالة. وقالت لين "نشأت هنا. وأتمنى أن أرى تغييرا يحدث هنا. ولا أريد أن أجد نفسي مضطرة للرحيل".
وقال عبدالله الخليلي (24 عاما) الذي يعمل بأحد الفنادق إن خطة الضرائب الأخيرة كانت القشة الأخيرة. وأضاف: "الحكومة بكل أمانة أفلستنا. ليس عندي شيء. فأنا أتقاضى راتبا وأنفقه كله بسبب كلفة المعيشة".
وأبدى أيضا مخاوفه من أن تدفع المشاكل السياسية الناس إلى الخارج فقال: "نحن نحب الملك وبلدنا. لكن سياسات الحكومة أوصلتنا إلى هنا، إلى الفساد".