مسقط - ش
يشهد النفط العماني ارتفاعاً ملحوظاً في الأسابيع الأخيرة متخطياً عتبة 37 دولاراً بعد أن انخفض إلى نحو 27 دولاراً في شهر يناير الفائت، ومن شأن هذا الارتفاع أن يحقق انخفاضاً كبيراً في العجز المتوقع لا سيما في حال واصل صعوده ليقترب من المعدل الوسطي الذي وضعت على أساسة الميزانية العامة للسلطنة عند حدود 45 دولاراً. ويقول الخبير الاقتصادي لؤي بطاينة: «إن كل دولار إضافي على سعر النفط العماني يدخل مليون دولار يومياً إلى السلطنة، إذا اعتبرنا أن معدل إنتاج السلطنة من النفط يبلغ نحو مليون برميل يومياً». وعليه فإن ارتفاع الأسعار من 27 إلى 37 دولاراً للبرميل يؤمن نحو 1.4 بليون ريال عماني سنوياً، وهذا يساعد الحكومة على التعامل مع نسبة العجز، ويمنحها فرصة لإعادة هيكلة المصاريف، والمضي بالخطط الاقتصادية التي باشرت فيها. وأكد بطاينة أن وضع السلطنة هو أفضل بكثير من غيرها من الدول النفطية لا سيما أنها من أقل الدول اقتراضاً، وخدمة الدين فيها لا تتجاوز 6 أو 7 في المئة، بينما وصل مستوى خدمة الدين في بعض الدول الخليجية إلى أكثر من 60 أو 70 في المئة.
عرض وطلب
وكان سعر نفط عُمان تسليم شهر مايو المقبل بلغ 37.37 دولار أمريكي أمس الأول بحسب بورصة دبي للطاقة مسجلاً ارتفاعاً بلغ 39 سنتاً مقارنة بسعر الخميس الذي بلغ 36.98 دولار أمريكي للبرميل. فيما بلغ معدل سعر النفط العُماني تسليم شهر مارس الجاري 27.40 دولار فقط.
وعن أسباب ارتفاع أسعار النفط العماني أوضح البطاينة في تصريح خاص لـ «الشبيبة»، أن النفط يخضع للعرض والطلب وكان قد تأثر سلباً بسبب التباطؤ الاقتصادي للصين التي تعد المستورد الأكبر للنفط العماني، وهي تعاني من تراجع في الطلب على منتجاتها، وانخفض النمو الاقتصادي فيها إلى ما دون 7.5 في المئة، للمرة الأولى منذ 15 سنة. غير «أن المضاربات في الأسواق والإعلان عن اتفاق الدوحة لتثبيت حجم إنتاج النفط ساهمت في تحسين الأسواق، لاسيما أن الاجتماع ضم بالإضافة إلى قطر، كلا من السعودية ذات القدرة الإنتاجية الهائلة، وروسيا التي تعد من أهم الدول النفطية من خارج أوبك وكذلك فنزويلا ذات القدرة التفاوضية الكبيرة مع تصدرها الدول المنتجة في أميركا اللاتينية». مؤكداً أن الإعلان عن الاتفاق وانفتاح بقية الدول عليه ساهم في إنعاش الأسواق.
وكانت أسعار النفط العالمية ارتفعت بما يصل إلى 2 في المئة يوم الجمعة وسجل الخام الأمريكي مكاسب للأسبوع الرابع على التوالي.
وقالت وكالة الطاقة الدولية التي مقرها باريس والتي تنسق سياسات الطاقة للدول الصناعية إن إنتاج الخام في الولايات المتحدة والمنتجين الآخرين غير الأعضاء في منظمة أوبك يبدأ بالتراجع بمعدلات سريعة، في حين أن الزيادات في الإمدادات من إيران أقل من أن تشكل مفاجأة. وأضافت الوكالة أن إنتاج النفط خارج أوبك سيهبط بمقدار 750 ألف برميل يوميا هذا العام وهو رقم يزيد حوالي 25 في المئة عن تقديرها السابق البالغ 600 ألف برميل يوميا.
لكن البطاينة اعتبر أنه من المبكر الحديث عن تصحيح في الأسعار لا سيما أن مستقبل الإنتاج والأسعار ما زال غير واضحاً، وفي ظل آلية التسعير المتبعة حالياً التي تؤثر سلباً في الدول المنتجة. مؤكداً أن الكثير من الدول تضغط لتغيير طريقة التسعير لأنه لم يعد في إمكانها الخضوع لتقلبات السوق، وباتت تحتاج إلى آلية تسعير مختلفة.
التنقيب عن النفط
وعن إعلان السلطنة عن توقيع عقود التنقيب عن النفط اعتبر أن هذا لا يعني أبداً سعي السلطنة لزيادة الإنتاج لا سيما أنها أعلنت عن استعدادها لخفض الإنتاج ضمن اتفاق شامل يهدف إلى تصحيح الأسعار، بل أكد أن التنقيب هدفه الحفاظ على القدرات الإنتاجية للسلطنة لا سيما أن كل برميل يصدّر يجب البحث عن بديل منه، لكنه أكد أن قدرة السلطنة على استقطاب مستثمرين للتنقيب عن النفط، وفي ظل الأسعار الحالية، يعكس الثقة الكبيرة التي يضعها المستثمرون في السلطنة واقتصادها ونفطها.
واعتبر أن الغاز من الممكن أن يشكل مصدر دخل إضافي لا سيما مع الإعلان عن توسعة حقل خزان وزيادة 40 في المئة من قدرته الإنتاجية، مما يؤمن المزيد من العملات الصعبة والإيرادات وفرص عمل ويجذب استثمارات مباشرة ومرادفة.
إصلاحات ضرورية
واعتبر البطاينة أن ارتفاع الأسعار النفط سيساعد الحكومة قي تطبيق الإصلاحات الاقتصادية التي أعلنت عنها، و»أقول إصلاحات لأن الهدف ليس تصحيح العجز بل تغيير النمط الاقتصادي المتعلق بالدعم والضرائب وإدارة الموارد الاقتصادية»، ويأمل البطاينة أن يتم استغلال المرحلة هذه «لتحقيق إصلاح جذري في الدعم والضرائب مع ترشيد الإنفاق الذكي بشكل لا يؤثر على النمو الاقتصادي والقدرة على استقطاب الاستثمار بل لدعم مشاريع قادرة على التصدير والتوظيف ورفد الدولة بعملات صعبة».
وعن الإصلاحات التي يرتقبها يقول إنها بدأت فعلاً بتحرير الوقود لكن «يجب أن تشمل تعديل الضرائب على الشركات، وإعادة دراسة بعض الخدمات التي تقدمها الدولة، فضلاً عن ربط الضريبة بإيجاد الفرص العمل وبنسبة العمين في الشركات، وأن تدعم المشاريع ذات القيمة المضافة للاقتصاد». مشيراً إلى أن دعم القطاعات البديلة الذي بدأت فيه السلطنة كقطاعي التعدين والسياحة، هو في غاية الأهمية، لكن يجب أن يشمل كذلك القطاعات المتفرعة من القطاعات الأساسية، كالقطاعات الخدمية واللوجستية التي التي تدرّ دخلاً كبيراً».