«أوردو» التركية جوهرة البحر الأسود وقبلة الباحثين عن الهدوء

مزاج الاثنين ١٤/مايو/٢٠١٨ ١٠:٠١ ص
«أوردو» التركية

جوهرة البحر الأسود وقبلة الباحثين عن الهدوء

أوردو - خالد عرابي

تقع محافظة «أوردو Urdu» التركية في الشرق من منطقة البحر الأسود في شمال تركيا، وتمتاز بطبيعتها الخلابة وشواطئها البكر النقية وجوّها المعتدل، وتُعرف بأنها مدينة ساحرة تُغري بسحرها ومفاتنها كل سائح لزيارتها، ولذا يقول عنها مواطنوها: «من زار تركيا ولم يزر أوردو فكأنما لم يزر تركيا»، وقد وصِفت بعدة أوصاف وأطلِقت عليها العديد من الألقاب المختلفة نظرا لجمالها وخصوصيتها وطبيعتها فقد وصِفت بأنها «أرض الهدوء»، وبأنها «قطعة من الجنة» ولقِّبت بـ«قلب الشمال» و«مدينة الأوكسجين».. كما تُعرف أوردو بأنها قبلة الباحثين عن الطبيعة والهدوء والباحثين عن الجمال والاستمتاع بأجمل المناظر الطبيعية الخلابة والشواطئ الساحرة.. زرتها مؤخرا وذلك عقب مشاركتي في قمة البحر الأسود لدول الشرق الأوسط التي نظمتها الخطوط الجوية التركية مؤخرا بتلك المحافظة ومحافظة جيرسون وشارك فيها أكثر من 200 مشارك من 15 دولة عربية، وكانت فرصة للتجوّل في ربوع المحافظة والتعرُّف على معالمها المختلفة.. فتابعوا معنا هذه الجولة:

كان من أهم الملاحظات على المدينة أنه يسهل الوصول إليها، بحيث إنه تستغرق الرحلة من مدينة إسطنبول إلى أوردو حوالي 30 دقيقة تقريبا، وذلك منذ افتتاح المطار في العام 2015م، وهو مطار فريد من نوعه حيث إنه مُقام على جزيرة اصطناعية داخل البحر، وهو يبعد عن مدينة أوردو 20 كيلومترا، وعن مدينة جيراسون 25 كيلومترا ولذا سُمِّي بمطار «أوردو- جيراسون» لأنه يربط المدينتين بالمدن التركية الأخرى، ويُعرف بأنه الأول من نوعه في تركيا والثاني من نوعه عالميا، فهو يحتل المرتبة الثانية عالميا بعد مطار أوساكا في اليابان. كما تُعرف المدينة بأنها غنيّة أيضا بتنوّع طبيعتها وجغرافيتها، فهي تضمّ الجبال الشاهقة الشامخة التي يصل ارتفاعها إلى أكثر من 2000 متر فوق مستوى سطح البحر وهي جبال مكسوة على طول الطريق بالخضرة، وسهولها ممتدة على مساحات واسعة من المدينة، وتشتهر أيضا بشواطئها الطويلة والنقية حيث يختلط اللون الأخضر مع الأزرق، كل هذا أعطاها الجو والمناخ المعتدل والطبيعة الساحرة والهواء النقي، كما تنتشر على كثير من مساحاتها أشجار البندق ولذلك تُعرف بأنها مدينة البندق وقد ذكروا لنا بأنها المدينة الأولى لتصدير البندق في العالم، والأهم من كل ذلك هو كرم أهلها وحسن ضيافتهم.

باشا أوغلو والتلفريك

وقد انطلقنا في جولة على الأقدام في قلب المدينة بمنازلها القديمة والتي تتميّز بطابعها الغني وبالمعالم التركية التي تشعرك وكأنك في قلب إسطنبول، ومنها وصلنا إلى متحف «باشا أوغلو» الواقع في وسط المدينة وأخذنا جولة فيه وكما ذُكِر لنا هو منزل لوالي قديم وفيه جميع المقتنيات الشخصية والتي تجسّد في معظمها تفاصيل الحياة التركية القديمة. وبعدها مررنا بعدة معالم أخرى ومنها مسجد عزيزي كاميي، ويُسمَّى أيضا بيالي كاميي، أو أورتا كاميي، وقيل بأنه يُعرف أيضا بإبراهيم باشا كاميي، ووصف لنا بأنه مسجد بُني في العام 1770، ومما يميّز هذا المسجد هو الساحة الفسيحة التي أمامه والمئذنة العالية، والحمامات التركية التي تجاوره كما في كثير من المساجد التركية مثل مسجد سليماني في إسطنبول.

وبعدها انطلقنا في جولة إلى «بوزتبا»، والتي تعني بالتركية التلة، وهي تلة تقع على ارتفاع 7000 متر فوق مستوى سطح البحر وتطل على المدينة من أعلى، وذلك عبر «التلفريك»، الذي يعدّ وسيلة النقل بين ساحل المدينة وأعلى التلة، وهو حديث ومصمم بطريقة تحمل كل وسائل الأمان والروعة، إذا إنها تكون جولة في المدينة من نوع آخر من أعلاها وذلك بعد أن مررت بشوارعها، فترى معالم المدينة بمناظر الخلابة دون أدنى خوف، ويضم التلفريك 28 كابينة ومحطّتين: واحدة أعلى التلة والثانية في وسط المدينة، وتتسع كل كابينة لنحو 8 أشخاص، وتستغرق الرحلة من وسط المدينة إلى أعلى التلة «بوزتيب» حوالي 10 دقائق، تمرّ فيها وعلى ارتفاع عشرات الأمتار بجميع معالم وبيوت المدينة في منظر جميل، حيث تتميّز أسطح البنايات بلونها الأحمر ونظافتها، وفي أعلى التلة ستكون فرصة لمشاهدة المدينة من أعلى سواء بالعين المجردة أو بتفاصيلها من خلال «التلسكوبات» المنتشرة، كما ستكون فرصة لالتقاط الصور الجميلة التي لا تُنسى علاوة على تجربة الاستمتاع بتجربة طعام متميّزة في المطاعم المنتشرة هناك.

قلعة أونيا

وكان من الأماكن التاريخية التي زرناها خلال تلك الجولة «قلعة أونيا» وتعدّ من أهم وأقدم معالم مدينة «أوردو» وذلك لما تزخر به من العديد من الآثار ويمكن الوصول إليها في رحلة تستغرق بالسيارة عشر دقائق بعد الخروج من المدينة في طريق يسمّى «أونيا-ديسكار»، وتقع القلعة أعلى هضبة يصل ارتفاعها إلى 200 متر فوق مستوى سطح البحر، وفي حين تحتاج إلى عشر دقائق بالسيارة تحتاج إلى 30 دقيقة على الأقل للوصول إليها إذ إنها متدرجة إلى أعلى والصعود إليها صعب حتى تصل إلى أعلى قمة فيها لتجد صخرة قديمة رفع فوقها العلم التركي، وخلال الصعود تستطيع أن تشاهد بعض الآثار التاريخية المختلفة التي يشرح لك تفاصيلها المرشد السياحي، وقد قال لنا بأن تاريخ هذه القلعة كما حدده المؤرخون والخبراء يعود إلى حوالي 200-250 عاما قبل الميلاد، وأنه تم بناؤها (أي القلعة) على صخرة بركان كان نشطا في العصور القديمة، وأنها كانت تتألف من بعض الأجزاء، وأن كل حضارة عبرت تلك المنطقة احتفظت بالقلعة لبعض الوقت، ولكن قد يكون قد تم تعديل وإضافة الكثير من الأجزاء إليها، وقد رجّحوا بأن عدد الحضارات التي تلاحقت على تلك القلعة وقامت بإضافة تعديلات أو إضافة قد تصل إلى 40-50 أمة وحضارة، ومع هذا فما زالت هناك بقايا الممرات والأنفاق القديمة وهناك بئر من المياه في أعلاها وهو محاط بسياج من الأسلاك، كما أن هناك القبر الملكي الذي يعدّ من أصعب الأماكن التي تصل إليها هناك.

الشلالات والبحيرات

ووصفت لنا المحافظة أيضا بأنها محافظة الشلالات، حيث قيل بأن شلالات المياه تنتشر بها، وأن عدد الشلالات في أوردو يصل إلى أكثر من 100 شلال، ومن تلك الشلالات: شلال «أوهداميس» الذي وصف لنا بأنه أكبر شلال في منطقة البحر الأسود، وأن ارتفاعه يصل إلى حوالي 30 مترا، وتتدفق مياهه بهدير مهيب. كما أن هناك شلالات «قدينجيك» الذي تبعد عن مركز المدينة حوالي 20 كيلومترا، وكذلك شلال جيسالي الذي يقع وسط غابات بلدة أيباستي ويبلغ ارتفاعه 4 أمتار تقريبا. وتشتهر المحافظة ببحيراتها الكثيرة التي تتسلل بين الجبال بمياهها والتي ينتشر فيها ممارسة رياضة القوارب، ومن أشهر تلك البحيرات بحيرة «أولو» التي تقع بمدينة كولوكوي.. أما عن أبرز البحيرات فهناك بحيرة أولو جول التي تبعد عن مركز المدينة بحوالي 18 كلم، وتعتبر من أهم الوجهات للسياح في فصل الصيف وخاصة للعرب؛ وذلك لمناخها المعتدل وكثرة الأنشطة التي يمكن القيام بها في محيطها من السباحة وركوب القوارب والتجديف كما تنتشر حولها بعض المطاعم والفنادق الصغيرة والأكواخ الخشبية.