بهلاء - خالد المحروقي
قصاصات الصحف وقطع معدنية وأخرى خشبية وغيرها من خامات البيئة تحوّلت بأيدي طالبات من بهلاء إلى لوحات فنية تنضح جمالا وإبداعا وتسهم في تقديم مواهب فنية واعدة.
وعند دخولك لمبنى مدرسة المعمورة للتعليم الأساسي ببهلاء تجذب نظرك مباشرة اللوحات الفنية التي استُخدمت فيها خامات البيئة وأبدعت في انتقائها معلمتا الفنون بالمدرسة جوخة الشقصية وفاطمة الهنائية.
تقول جوخة الشقصية: قمنا بتحويل بقايا الصحف القديمة إلى جداريات معلقة عن طريق عمل قصاصات صغيرة ولصقها في الخلفية ثم الرسم عليها، وتنوّعت المواضيع التي تم رسمها على الجداريات بين «البورتريه» والمناظر البسيطة كالزهور والعجلات، وتم استخدام الألوان المائية بهدف التخفيف ماديا على الطالب.
وتضيف الشقصية: قمنا أيضا بتحويل صناديق الفواكه والخضار الخشبية التي يتم رميها إلى لوحة جدارية بألوان جذابة ووظفت ذلك في الدروس الفنية عن طريق تعليم الطالبات ومساعدتهم في إنتاج جداريات مركبة نستخدم فيها ألوان الأكريليك في رسم مناظر طبيعية على الخشب بعد تقطيعه وتثبيته بشكل مسطح وبعد أن تجف يتم طلاؤها بالورنيش لتظهر أكثر لمعانا، كما وظّفنا المسامير بطريقة احترافية جديدة وقمنا بتثبيتها على الألواح الخشبية وفق شكل معيّن ليتم بعدها تتبع الرسمة بالخيوط الملونة لتظهر بشكل أجمل. وأيضا قمنا باستخدام بقايا الأخشاب التي نأخذها من البيوت الحديثة بعد الانتهاء من البناء والتي غالبا ما يتم رميها وحرقها وبذلك نكون قد ساهمنا في حماية البيئة من التلوث بالدخان وأنتجنا عملا فنيا جميلا.
خامات متعددة
وتتابع أستاذة الفنون جوخة الشقصية حديثها بقولها: الفن يتيح مجالات واسعة للإبداع ويمكن الاستفادة من أي شيء لتحويله إلى قطعة فنية جميلة؛ فمثلا يمكننا أن نستغل نفايات المطبخ كالملاعق وتحويلها لدمية صغيرة نزيّنها ببقايا الأقمشة الموجودة بالمنزل وهي فكرة ممتعة للأطفال خاصة، كما يمكن الاستفادة من «كراتين» البيض الفارغة في صنع زهور واستغلال علب العصائر والمشروبات بعد تلوينها في عمل ديكورات بسيطة للمنزل، كما يمكن استخدام مشابك الغسيل المنكسرة بدلا من رميها حيث نثبتها بشكل دائري ونستخدمها بمجالات مختلفة مثل حافظة للأقلام أو علبة للمفاتيح أو حتى أحواض للزينة.
أيضا قمنا بصناعة زهور جميلة من قشور الفستق بعد تنظيفها وصبغها وإضافتها إلى الأغصان المتساقطة من الأشجار وهذا ينمّي خيال الطالب ويجعله ينظر للطبيعة بنظرة أشمل وأوسع.
من الخامات التي يمكن استغلالها أيضا وتحويلها إلى أعمال فنية تتحدث الشقصية عن مصابيح البيت المحترقة وتقول: نستغل زجاجاتها بإذابة الشمع داخلها لتصبح شمعدانا أو نزيّنها بالرمال الملونة والأصداف ونستخدمها كمعلقة أو اكسسوارات للمكاتب والغرف. هذه الأعمال تحفّز الطالب على الإبداع وتوسع فكره وخياله. وتجعله يثق بأنه ليكون فنانا ليس عليه شراء أدواته الفنية جميعا من المكتبة فقط بل من الطبيعة أيضا فهي أكبر متجر يتيح لنا الإبداع.
وعن الهدف الرئيسي من استخدام خامات البيئة تقول الشقصية: يعود الهدف الرئيسي من استخدام خامات البيئة إلى الحفاظ على نظافة البيئة وتحويل النفايات إلى منتجات نافعة من الممكن استغلالها كديكورات للمنازل والمكاتب لتعطي مظهرا جماليا وتشجيعا للطالب بأن عمله يعرض في أماكن يعتبرها مهمة. نريد أن يتعلم الطالب أن لكل شيء قيمة ويمكنه أن يستغل أوقات فراغه بالصنع والإبداع فتتحول المهملات على يديه إلى قطع فنية جميلة وينمّي موهبته.
كما يمكن بيع أعمال الطلاب الفنية فتصبح عائدا اقتصاديا له خاصة أن الخامات المستخدمة فيها غير مكلفة ولا تشترى وهي مرمية في الأساس.
نحن والمستقبل
ووفقا للشقصية فقد شاركت المدرسة بهذه الأعمال في معرض فرشاتي الفني والذي أقيم في نادي بهلاء الرياضي في أبريل الفائت واحتضن أكثر من 200 عمل فني تم إنجازها باستخدام خامات وعبر أساليب مختلفة مزجت بين خامات البيئة والألوان الجذابة لتحصد إعجابا لدى الكثير من متذوقي الفن.
وتضيف الشقصية: نطمح مستقبلا لتنظيم معرض فني خاص لبيع اللوحات والمنتجات الفنية بناءً على طلب الكثير من زوار المعارض السابقة كما نخطط حاليا ليوم فني في الولاية يحوي العديد من الفعاليات منها معرض فني للأفكار الجديدة والرسم على الوجوه والتدريب على أساسيات الرسم ليتيح للطالب تطوير مواهبه وتبادل الأفكار بين الطلاب وتشجيعهم على الإبحار بأفكار جديدة في مجال الفن والنهوض بالفكر في استغلال بيئتنا الجميلة فنيا.
وقال فاطمة الهنائية، معلمة الفنون بالمدرسة: هناك فئات عديدة في المجتمع تحتاج إلى دعم ومساندة للنهوض بفنها كطالبات الدمج اللاتي يحاولن تنمية مواهبهن الفنية بالاطلاع وحضور المعارض.
وقالت شيخة بنت عبدالله المصلحية، طالبة الدمج بالمدرسة وإحدى المبدعات في استخدام خامات البيئة في الرسم بقلم الرصاص: قمت بتطوير موهبتي من خلال التمعن في صور من الواقع وتحويلها للوحة فنية زاهية الألوان، كما أقوم أحيانا باستغلال خامات البيئة وتشكيلها في لوحة فنية تحاكي الواقع مثل استغلال الحجارة الصغيرة وورق الأشجار وأعواد الخشب الصغيرة أو عيدان الشجر المتناثرة، وطموحي أن أصبح معلمة فنون تشكيلية لطلاب الصم فقد سجلت أولى رغباتي الجامعية تخصص فنون جميلة.
حديث الطالبات
وعن رأي الطالبات في استخدام خامات البيئة في الرسم تقول الطالبة فاطمة بنت محمد اليحيائية: عندما دخلت للمدرسة بدأت في استخدام التشكيل في العديد من الأعمال الفنية مثل الرسم على الخشب وصنع الشمعدانات والمشغولات الصوفية والوسائد وتحويل الخامات البيئية إلى أعمال فنية فمثلا نقوم بتحويل قشر البيض إلى لوحة فنية. أما أطياب بنت خليفة الشقصية، طالبة في الصف العاشر، تقول: أحب الرسم سواء كان وجوها أو طبيعة وتراثَ الآباء والأجداد، كما أحب التشكيل والتصميم من مختلف خامات البيئة التي أجدها في المنزل من الصحف والقصدير والأخشاب القديمة وقطع الكرتون والكثير من الخامات الأخرى لصناعة الأعمال الفنية الجميلة والمعبرة.
أما الطالبة مريم بنت مبارك العوفية تقول: أمتلك موهبة الرسم والتشكيل بخامات مختلفة سواء كانت بيئية أو غيرها، وفي وقت فراغي أقوم بتنمية موهبتي عن طريق صنع مجسمات فنية كنت قد رأيت صنعها في اليوتيوب أو أي موقع آخر.
وقالت درر بنت حمود العدوية، طالبة في الصف التاسع بالمدرسة: الفنان الجيّد هو الذي يأخذ من الطبيعة معالمها وأبجديتها، وأنا أحب أن أجمع الخامات التي تساعدني في إنشاء شكل فني ولوالدي دور كبير في مساعدتي في هذا المجال وتشجيعي وإعطائي أفكارا جميلة.
وقالت نهى بنت محمود العثمانية، طالبة بالصف التاسع بالمدرسة: يترك الإنسان خلفه يوميا كميات كبيرة من المواد المستعملة مما يشكّل حِملا ثقيلا على البيئة وهذه المواد يصعب التخلص منها ففكرت في إعادة تدوير هذه المخلفات واستخدام المواد المصنوعة منها في تصميم لوحات ومجسمات فنية ممتعة.