" اطفال سوريا " ضحايا اطماع السياسة وفشل الدبلوماسية

الحدث الأربعاء ٠٩/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٤٥ م
" اطفال سوريا " ضحايا اطماع السياسة وفشل الدبلوماسية

عواصم – ش – وكالات

أعلنت منظمة "أنقذوا الأطفال" -منظمة مستقلة بريطانية- أن نحو 250 ألف طفل سورى يعيشون تحت الحصار فى سوريا، ويضطر الكثيرون منهم إلى أكل الحيوانات وأوراق الأشجار للبقاء على قيد الحياة. وقالت المنظمة- فى تقرير الأربعاء حسبما أفادت هيئة الاذاعة البريطانية (بى بى سى) - أن "الأطفال وعائلاتهم يعيشون تحت الحصار فى مناطق فى سوريا، وهم محاطون بمجموعات مسلحة تستخدم الحصار كنوع من الأسلحة". وذكر التقرير أن نحو ربع مليون طفل يعيشون تحت الحصار، مضيفا أن "هذه المناطق المحاصرة فى سوريا تحولت إلى سجون مفتوحة"، مؤكدا أن الأطفال يموتون بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية. وأضاف التقرير أن " الأطفال المقيمون فى مناطق محاصرة يعيشون فى حالة من الخوف الدائم وهم يعانون من تداعيات نفسية عميقة فى ظل استمرار الغارات الجوية والقصف". يذكر أن سوريا تشهد نزاعات دامية منذ خمس سنوات تسبب فى مقتل أكثر من 270 ألف شخص ودمار هائل فى البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

يركضون تجاه القنابل
بينما تدخل الحرب الأهلية في سوريا عامها الخامس قالت عاملة إغاثة سورية إن الأطفال السوريين المحاصرين يركضون نحو المباني المدمرة بحثا عن الأثاث المحطم الذي قد يستخدم في إضرام النيران للتدفئة والطهي بدلا من الفرار من القصف الجوي في فصل الشتاء.
وقالت عاملة الإغاثة التي طلبت عدم نشر اسمها لأن منظمتها تعمل بدون موافقة الحكومة السورية إنه على الرغم من مخاطر العبوات التي لم تنفجر أو القنابل الأخرى يواصل الأطفال الركض تجاه مواقع الهجمات.
وأضافت "شاهدنا كثيرا من الأطفال... يركضون لجمع الأثاث... يريدون استخدام الأخشاب في التدفئة والطهي." وأصدرت هيئة إنقاذ الطفولة تقريرا يوم الثلاثاء عن الأطفال المحاصرين في سوريا.
وقالت هيئة إنقاذ الطفولة إن ربع مليون طفل على الأقل في سوريا يعيشون في مناطق محاصرة حيث قالت إن أقل من واحد بالمئة من الناس تلقوا مساعدات غذائية من الأمم المتحدة العام الماضي بينما تلقى ثلاثة بالمئة فقط مساعدة طبية.
وقالت سونيا خوش المديرة الإقليمية لهيئة إنقاذ الطفولة في سوريا للصحفيين "هناك قصص بشكل معتاد عن أطفال يموتون لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على المساعدات والرعاية الطبية الطارئة التي يحتاجون إليها."
وتشير الأمم المتحدة إلى أن نحو 486 ألفا و700 شخص يعيشون في مناطق محاصرة منهم 274 ألفا و200 شخص في مناطق تحاصرها الحكومة و200 ألف في مناطق يحاصرها تنظيم الدولة الإسلامية و12500 شخص في مناطق تحاصرها جماعات المعارضة.
وتحدثت هيئة إنقاذ الطفولة وشركاؤها مع 126 أما وأبا وطفلا في مناطق محاصرة وأجروا 25 مقابلة مع جماعات إغاثة محلية وأطباء ومدرسين وأشخاص للتقرير المؤلف من 27 صفحة.
وقالت خوش "في كل مكان الشيء الرئيسي الذي تحدث عنه الأطفال أنهم يخافون من القصف الجوي."
وذكر التقرير أن الأطفال أجبروا على تناول أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار عندما كان الطعام في بعض الأحيان على بعد أميال قليلة في مخازن خارج المنطقة المحاصرة وأن الأطفال أجبروا أيضا على العيش تحت الأرض من أجل اللعب والذهاب إلى المدرسة.
وقالت خوش "فقد الأطفال حقا أي شعور بالأمل في المستقبل."
كان وسيط الأمم المتحدة للسلام في سوريا ستافان دي ميستورا قال إنه يأمل في استئناف محادثات السلام في جنيف اليوم الأربعاء.
وعمل اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي قبلته حكومة الرئيس السوري بشار الأسد ومعظم خصومه على تقليل أعمال العنف في سوريا منذ سريانه في 27 فبراير شباط. وقتلت الحرب أكثر من 250 ألف شخص وتسببت في أسوأ أزمة لاجئين في العالم.

ضحايا الجوع
وكانت مصادر أممية قد قدرت وجود نحو أربعمئة ألف مدني سوري محاصر، خاصة في ريف دمشق حيث يدفع الأطفال الضريبة الأقسى. ومن قبل وصفت ممثلة اليونيسيف في سوريا ما شاهدته في مضايا بأنه "منظر يوجع القلب. منظر لم أشهد مثله من قبل".
قضى الطفل الرضيع يوسف سعدية -الذي لم يبلغ من العمر ثلاثة أشهر- أمام أعين ذويه في مدينة معضمية الشام غرب العاصمة السورية دمشق بسبب سوء التغذية، لينضم إلى عشرات الأطفال الذين خطفهم الموت جوعا في عدة مناطق تحاصرها قوات النظام والمليشيات الطائفية.
وذكر الناشط الإعلامي داني قباني أن خمسة رُضّع في المدينة المحاصرة قضوا بسبب نقص الغذاء والدواء خلال الشهر الجاري، مشيرا إلى أن حال الأطفال في المدينة "مأساوي"، لكونهم الأقل مقاومة للظروف الصعبة.
وأشار قباني في حديث للجزيرة نت إلى أن أهالي المدينة باتوا يخشون من فقدان أطفالهم وهم يرونهم يذوون أمام أعينهم في ظل عجزهم عن إنقاذهم، مناشدا المنظمات الدولية سرعة التحرك لإدراك المدينة قبل فناء أهلها.
ويرسم الطبيب عمر حكيم صورة قاتمة للوضع الصحي والطبي للأطفال في معضمية الشام، حيث تخلو المدينة من الحليب، مضيفا أن هناك نحو ثلاثة آلاف طفل تحت سن العامين من بين أكثر من 45 ألف مدني محاصر في المدينة.
وقدرت مصادر أممية وجود نحو أربعمئة ألف مدني سوري محاصر، خاصة في ريف دمشق، بينما يدفع الأطفال الضريبة الأقسى للحصار.
الأهالي يبحثون في القمامة عما يُسكتون به جوعهم في معضمية الشام (ناشطون)

مناطق متعددة
وغير بعيد عن معضمية الشام، توفي العديد من الأطفال جراء الجوع في المأساة الإنسانية المستمرة منذ أشهر في بلدة مضايا شمال غرب دمشق، حيث ذكر مدير المشفى الميداني في المدينة عامر برهان للجزيرة نت أن 38 شخصا قضوا جوعا في البلدة، بينهم 12 طفلا.
من جانبه، قال الطبيب في المشفى محمد يوسف إن الوضع الطبي في البلدة لا يزال سيئا رغم دخول مساعدات إنسانية، مبينا للجزيرة نت أن الأطفال يعانون من سوء الامتصاص والإسهال والمغص المعوي بعد شهور من سوء التغذية، وأن الأدوية التي وصلت تكفي شهرين على الأكثر.
ووصفت ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في سوريا ما شاهدته في مضايا إثر زيارتها لها بأنه "كان منظرا يوجع القلب. منظرا لم أشهد مثله من قبل"، حيث توفي فتى في السادسة عشرة من عمره أمام أعينها في المشفى الميداني، مضيفة أن أطفال مضايا أوهن من أن يتبسّموا.
وفي أقصى شرق سوريا، بدأت ترتسم معالم كارثة إنسانية في مدينة دير الزور نتيجة حصار تنظيم الدولة الاسلامية وقوات النظام لنحو مئتي ألف مدني، يؤكد ناشطون أن الأطفال هم أكثر المتضررين بينهم، مطلقين عدة وسوم على مواقع التواصل، منها "#أنقذوا_أطفال_ديرالزور"، للفت أنظار المجتمع الدولي إلى هذه المأساة.
وقتل آلاف الأطفال السوريين منذ بدء الثورة عام 2011، حيث وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 18 ألفا و858 طفلا حتى نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، بينهم 582 قتلوا قنصا، وما لا يقل عن 159 طفلاً قضوا تحت التعذيب في معتقلات النظام.
وتشارك تنظيمات وقوى عسكرية في قتل أطفال سوريا، إذ تقول الشبكة إنها وثقت مقتل 75 طفلا بغارات طيران التحالف الدولي منذ سبتمبر/أيلول 2014، فيما قتل الطيران الروسي نحو 86 طفلا منذ بدء تدخله في سوريا أواخر سبتمبر/أيلول 2015 وحتى نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته.

تقطعت بهم السبل
رغم نعومة أظافرهم لكن الزمان غدر بهم، ولا يعرفون المصير المجهول الذى ينتظرهم بعد الخروج خارج سوريا ولجوء أسرهم إلى تركيا وتسكينهم خيم اللاجئين، أطفال سوريا تقطعت بهم السبل، ليجدوا أنفسهم بلا مأوى وحتى بلا مكان للتعليم، يلجأ البعض منهم للعمل فى مهن شاقة وخطيرة غير مبالين بسنونهم القليلة، يستغلهم المستغلون فى أعمال لا تناسب أعمارهم بقليل من المال، وقد كشفت منظمة هيومن رايتس اليوم الاثنين، أن أكثر من 400 ألف طفل من اللاجئين السوريين فى تركيا لا يذهبون إلى المدارس. وأفاد تقرير للمنظمة بأن من بين أكثر من 700 ألف طفل سورى فى سن الالتحاق بالتعليم، لم يلتحق سوى 200 ألف طفل فقط بالمدارس خلال العام الدراسى السابق، مشيرا إلى الصعوبات التى تعترض الأسر اللاجئة كحاجز اختلاف اللغة والصعوبات المالية. هذا وحذرت المنظمة الحقوقية من تداعيات خطيرة جراء نقص التعليم، موضحة فى تقريرها أنه إذا لم يلتحق الطفل بالمدرسة، فإن ذلك سيسبب مشكلات كبيرة فى المستقبل سينتهى بهم إما إلى الشوراع أو العودة إلى سوريا للالتحاق بصفوف القتال. وجاء فى التقرير أن النهاية المأساوية هى مصير كل طفل سورى لم يلتحق بالتعليم فى السن القانونية، داعيا حكومة أنقرة والمجتمع الدولى إلى ضمان التعليم للاجئين فى تركيا. وحسب إحصاءات إدارة الطوارئ التركية (أفاد)، يوجد فى تركيا 25 مخيما للاجئين السوريين على طول الحدود السورية، لا يتجاوز عدد السوريين المقيمين فيها 220 ألفا، ما يشكل 15% فقط من عدد السوريين فى تركيا، بينما يتوزع 85% على مختلف المدن التركية، وحسب "أفاد" أيضا، يعيش 25% من هؤلاء فى أماكن مهجورة أو غير صالحة للبشر. ومع تواصل النزاع الدامى فى سوريا، باتت تركيا المجاورة بلد اللجوء للنازحين السوريين الفارين من الحرب، حيث بلغ عددهم فيها أكثر من 1.8 مليون، وأعلنت الحكومة التركية عن إنفاق أكثر من 5.5 مليارات دولار على إيوائهم. وسبق أن كشف تقرير لمنظمتى اليونيسيف وإنقاذ الطفولة، يوليو الماضى، أن المزيد من الأطفال بين اللاجئين السوريين فى الأردن وتركيا يضطرون للعمل فى المقالع والمخابز وصناعة الأحذية لإعالة أسرهم، ما يعرضهم لمخاطر كبيرة ويجعلهم عرضة للاستغلال الجنسى. وحذر التقرير من تفاقم عمالة الأطفال السوريين، التى بلغت مستويات خطيرة، نتيجة النزاع فى سوريا والأزمة الإنسانية الناجمة عنه. كما يلقى الأطفال السوريون حتفهم غرقى قبال سواحل تركيا، حيث غرق 4 أطفال لاجئين من قبل فرق خفر السواحل التركية، إثر غرق قارب محمل بالسوريين فى مياه بحر "إيجه"، فى طريقهم إلى جزيرة "ميديللى" اليونانية، بعد انطلاقهم من سواحل بلدة (آدرميت) غربى البلاد.

ثمن باهظ

2015/7/2 —

في شهر يونيو من العام الفائت قالت منظمتا الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وإنقاذ الطفل في تقرير بعنوان "أيادي صغيرة وعبء ثقيل" إن النزاع والأزمة الإنسانية في سوريا يدفعان بأعداد متزايدة من الأطفال ليقعوا فريسة الاستغلال في سوق العمل.
وحذرت المنظمتان من تفاقم عمالة الأطفال السوريين التي بلغت مستويات خطيرة نتيجة النزاع في سوريا والأزمة الإنسانية الناجمة عنه.
ويعتبر أكثر الأطفال هشاشةً وتعرضاً للمخاطر هم أولئك الذين ينخرطون في النزاع المسلح والاستغلال الجنسي والأعمال غير المشروعة مثل التسول المُنظم والاتجار بالأطفال.
وقال د. روجر هيرن، المدير الإقليمي لمنظمة إنقاذ الطفل في الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا: "تتسبب الأزمة السورية في الحد بشكل كبير من فرص كسب العائلات لرزقها في المنطقة، كما دفعت الأزمة الملايين إلى الفقر مما جعل معدلات عمالة الأطفال تصل إلى مستويات خطيرة".
وأضاف "وفي الوقت الذي تصبح فيه العائلات أكثر يأساً فإن الأطفال يعملون بشكل أساسي من أجل البقاء على قيد الحياة. كما يصبح الأطفال لاعبين اقتصاديين أساسيين سواء في سوريا أو في دول الجوار".
ووجد التقرير الذي نشر في عمان أن "4 من كل 5 أطفال سوريين يعانون الفقر"، بينما يقبع "2,7 مليون طفل سوري خارج المدارس.
وافاد التقرير بأن أعداداً متزايدة من الأطفال تعمل في ظروف عمل خطرة، مما يعرض صحتهم الجسدية والنفسية الى ضرر حقيقي.
وفي هذا الصدد يقول د. بيتر سلامة، المدير الإقليمي لليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: "يوقف العمل في سن مبكرة نمو الطفل وتطوره في الوقت الذي يكد فيه لساعات عمل طويلة لقاء أجر ضئيل، خاصة أنهم كثيرا ما يعملون في ظروف تكون في غاية الخطورة أو في بيئة غير صحية".
ويضيف: "إن رفع الأحمال الثقيلة والتعرض للمبيدات الحشرية والمواد الكيماوية السامة والعمل لساعات طويلة هي من بين بعض المخاطر التي يتعرض لها الأطفال العاملون يومياً في المنطقة".
أما في لبنان فوجد التقرير أطفالا بعمر ست سنوات فقط يعملون في بعض المناطق، فيما يعمل ثلاثة أرباع الأطفال السوريين في العراق لتأمين قوت عائلاتهم.
ووجد التقرير أن 75 في المائة من الأطفال العاملين في مخيم الزعتري للاجئين السوريين شمال الأردن يعانون من مشاكل صحية، فيما تعرض 22 في المائة من الأطفال العاملين في الزراعة بالأردن إلى إصابات عمل.

إضافةً لذلك فإنه عادة ما يترك الأطفال العاملون المدرسة - مما يزيد من المخاوف المتعلقة "بضياع جيل" من الأطفال السوريين.
وأشار التقرير إلى أن الأطفال السوريين يتعرضون بشكل متزايد لمحاولات التجنيد من قبل المجموعات المسلحة، وقد وثقت الأمم المتحدة 278 حالة مؤكدة لأطفال بسن ثماني سنوات عام 2014 .
وفي 77 في المائة من تلك الحالات تم تسليح الأطفال واستخدامهم في القتال أو تسجيل المعارك أو لأغراض دعائية.
ويفيد التقرير بأن الأطفال الذين يتم تجنيدهم يحققون دخلا شهريا يقارب 400 دولار.
وحثت المنظمتان الشركاء وأبطال مبادرة "لا لضياع جيل" والمجتمع الدولي الأوسع والحكومات المضيفة والمجتمع المدني على اتخاذ إجراءات جادة للتصدي لقضية عمالة الأطفال في سوريا والدول المتأثرة بالأزمة الإنسانية، من خلال تحسين قدرة الحصول على سبل العيش عبر توفير مزيد من التمويل للمبادرات المُدرّة للدخل. وتوفير التعليم الجيد والآمن لجميع الأطفال المتأثرين بالأزمة.
وخلص التقرير إلى أن أطفال سوريا يدفعون ثمناً باهظاً لفشل العالم في إنهاء النزاع .