د.لميس ضيف
عند بوابة المغادرة في مطار مسقط، التف عدد من أفراد الأمن بزيهم المهيب حول مجموعة من الوافدين في مشهد لافت للنظر. حدست أنها قوى عاملة سائبة قُبض عليها بغية ترحيلها. ولفتني الأسلوب الإنساني في ترحيلهم فقد رأيت، غير ذي مرة، قوى عاملة في مطارات مختلفة تُعامل بطريقة فظة ويصل الأمر لتكبيل أيديهم وكأنهم قادرون على الهرب في مرحلة كهذه.
للوهلة الأولى، تدغدغك مشاعر الأسى عليهم وعلى رزقهم الذي انقطع. ثم ما تلبث أن تشعر أن ترحيلهم خطوة إيجابية في سبيل تصحيح مسار سوق التهمته العشوائية فغابت عنه الحرفية. فالقوى العاملة السائبة تقدم خدمات زهيدة الأجر، وهذا شيء إيجابي مبدئياً، ولكن العامل يقوم بأعمال الكهرباء وهو صباغ. وينهض بتمديدات السباكة في المنازل الجديدة بتوجيهات بسيطة من “الفورمان” أو مشرف العمل والنتيجة منازل مصقولة من الخارج ومدمرة من الداخل، لا تملك مقومات البقاء وتحتاج لترميم وصيانة من عامها الأول.
ظلال سلبياتهم ينسحب على المشاريع المتوسطة والبسيطة. التي تجد نفسها في مزايدة مع قوى عاملة أقصى مصروفاتها غرفة مشتركة ووجبات يومية. لذا فهي تقبل بمبالغ أقل من تكلفة المواطن. ولأن ثقافة السوق ما زالت تركز على عامل السعر وتتجاهل الجودة. يخرج المواطنون سريعا من المنافسة تاركين، بعد تصفية محلاتهم، مزيداً من القوى العاملة السائبة في السوق. لتدمر أعمالاً أخرى وهكذا تدور كرة الثلج فلا تبقى على السوق باقية.
ورغم كل ما نراه من جهود لضبط تلك القوى العاملة، ما نزال نراها في بؤر مختلفة. تتكدس كل صباح جهاراً نهاراً في سوقي الخوض والسيب. وفي أماكن معينة في سوق الموالح والمعبيلة. وأماكنهم معروفة لا تتغير لأنها وجهة لطالبي الخدمة العشوائية. لكنهم على ما يبدو يجيدون التملص من حملات التفتيش أو يملكون طرقهم الخاصة للتمظهر بالعمل بشكل قانوني بمساعدة كفلائهم للأسف.
هناك حاجة لحملات توعية بخطورة القوى العاملة المستترة. وتوعية من يتقاضون مبالغ زهيدة مقابل إغراق السوق بقوى عاملة كهذه، جهلاً أو طمعاً، وكثير منهم لم يزن الأمور بدقة، واستخف بتبعات ما يفعل، كما من المفيد في هذا الصدد توفير رقم ساخن يمكن المواطنين من مشاركة الجهات الرسمية في التبليغ عن حالات كهذه بيسر ودون تعقيد ليضع المواطنون يدهم بيد المعنيين في تصحيح وضع بائس أستمر أكثر مما يجب.