مسقط -
يُمثّل التعاون والتكاتف بين المستهلكين ركنا أساسيا في سبيل تعزيز الثقافة الاستهلاكية السليمة وتحقيق أسلوب أكثر أمانا في التسوّق. ونظرا لطبيعة مجتمعنا المميّز بالترابط الأسري والاجتماعي فقد خرج منه مستهلكون يمتلكون دراية تامة بأهمية الشراء الجماعي، واتباع هذا الأسلوب الذي آمن به الكثير من المستهلكين، بل وأصبح سلوكا استهلاكيا حققوا من خلاله فوائد عديدة.
الهيئة العامة لحماية المستهلك تسلّط الضوء هذا الأسبوع على أهمية الشراء الجماعي للأفراد، من خلال استطلاع تجارب عدد من المستهلكين.
في البداية، يقول المستهلك سعيد الزهيبي عن طريقته في الشراء: خلال تسوّقي للمنزل عادة أقوم بعمل خطة لشراء المواد الاستهلاكية، كي أضمن شراء السلع الأهم -الأساسيات- التي تكفيني لمدة شهر كامل، بعيدا عن التبذير، وقد لاحظت أن البعض يشتري المواد الاستهلاكية التي تكفيه للاستخدام اليومي فقط، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة المبالغ المدفوعة كل مرة، فمن وجهة نظري أرى أن ذلك ينتج عنه التبذير والإسراف وعدم المبالاة. موضحا بأن «وجود هذه الخطة يساعدني كمستهلك في تحديد احتياجاتي مما يمكّنني بسهولة من التشارك مع الآخرين في الشراء؛ وذلك لوضوح قوائمنا ويمكّننا من تحديد الاحتياجات المشتركة فيما بيننا».
الاعتدال في الشراء
من جانب آخر، يؤكد الزهيبي: حتى مع الشراء الجماعي، ينبغي الاعتدال في الشراء، فمن غير المنطقي أن يتم شراء منتجات لسنا بحاجة إليها وأن يكون الشراء لمجرد الاحتياط، نحن لسنا بحاجة إلى تخزين السلع لفترات طويلة، خصوصا أن الأسواق توفّر كل شيء، وفي كل مكان.
وزاد الزهيبي عن تجربته في الشراء الجماعي، موضحا بأنه في بعض الأحيان يحتاج لمقدار معيّن من سلعة معيّنة، ككيلوين فقط من سلعة معيّنة، في حين أن بعض المحلات لا تبيع بكميات بسيطة، فيلجأ إلى شراء صندوق مثلا من هذه السلعة ويقوم بتقاسمها مع أحد الأقارب أو الأصدقاء، الأمر الذي يستفيد منه في جانبين فمنها وفّر مبالغ مالية، ومنها اختصر على نفسه جهد التخزين وحفظ مواده الاستهلاكية من التلف، موضحا أنه بدل أن يأخذ أكثر من احتياجاته من هذه السـلع، أخذ بقدر الحاجة وابتعد عن التبذير والإسراف وصرف أموال في غنى عن صرفها.
ويتطلّع الزهيبي إلى جمعيات تعاونية في السلطنة مستقبلا؛ لأنها مهمة جدا وتضمن للمستهلك وصول المواد المختلفة بسعر جيّد وجودة أفضل، كما أنها وجه للتعاون بين الأفراد.
النظام أساس كل شيء
من جانب آخر، يقول أسعد الأغبري، وهو مستهلك، إن النظام الذي يتّبعه في حياته هو تقسيم الراتب الشهري وفق احتياجاته لشراء السلع الأساسية للمنزل.
ويوضح أنه يجهّز قائمة للمشتريات سواء كانت مكتوبة على الورقة أو الهاتف لكي يضمن التزامه بالنظام الذي يتّبعه شهريا، مضيفاً: عادة ما تكون القائمة خاصة بالسلع الضرورية التي فعلا أحتاج لها، والأكثر استهلاكا في المنزل، فألتزم بها وفي الوقت نفسه أستفيد من العروض المقدَّمة من المحلات التجارية إذا كانت مدوّنة في القائمة التي أقوم بإعدادها قبل ذهابي للتسوّق. وهذا الأمر يمكن أن يساعدني في موافقة قائمتي مع قوائم مستهلكين آخرين لأجل شراء الحاجيات معا.
وعن رأيه في الشراء الجماعي، يقول الأغبري بأنه يؤيّد فكرة الشراء الجماعي مع الأقرباء، «خصوصا لو كانوا يتّبعون النظام الذي أتّبعه شهريا في التسوّق وطريقة الشراء نفسها، ما يجعل التسوّق أسهل ومن الممكن أن نشتري مجموعة من الأغراض ونتقاسمها لو كانت بالجملة، ورغم أنني غالبا أتسوّق لمتطلبات المنزل دون مشاركة أحد إلا أن التعاون أمر جيّد».
ويختم الأغبري حديثه بنصيحة يقدّمها للمستهلكين بعدم المبالغة في التسوّق والشراء حسب الحاجة فقط؛ لأنه يدخل في الإسراف، كما يؤكد أن الشراء الجماعي يوفّر المال والجهد، والأهم من كل ذلك يجب وضع موازنة والالتزام بها، وعدم الانخداع بالعروض الجاذبة أو الانجرار لها.
نوع من التشارك والتعاون
ويقول خليفة بن مبارك الدرعي عن تجربته في الشراء الجماعي: قبل الحديث عن عملية التسوّق والشراء يجب على كل مستهلك أن يقسّم دخله الشهري وفق احتياجاته الشهرية، والالتزامات الأخرى، وأن يضع التسوّق والشراء ضمن هذه الاحتياجات ويضع لها مبلغا بقدر حاجته دون أن يفرط في التسوّق ويبالغ عند وصوله للسوق.
ويضيف الدرعي: من أكثر الأشياء التي تجعل المستهلك يتقيّد بما أقره شهريا بمبلغ التسوّق هو وضع قائمة للأولويات، ثم الكماليات والأشياء الأخرى؛ لأن القائمة تُلزم الشخص بطريقة ذاتية أن يلتزم بما جاء فيه ولا يكترث للعروض المقدَّمة من قِبل المحلات التجارية، وفي حال ذهب للتسوّق وهو لا يحمل أي قائمة من الطبيعي أن يقوم بالشراء العشوائي، ومنها يشتري حاجات هو لا يحتاجها أساسا.
ويكمل الدرعي حديثه: الشراء الجماعي موضوع رائع جدا، وأرى أنه يدخل في باب التعاون والتشارك، ويزرع بين المستهلكين ثقافة البحث عن الجودة والأسعار المناسبة، وهو أمر ضروري للذين يقطنون في مناطق بعيدة عن الأسواق الرئيسية، بحيث يشتري الشخص كمية ويتقاسمها مع الآخرين، وهذا أمر نطبّقه كثيرا من باب التعاون أولا ثم من باب التوفير.
ويضيف أن «تحديد الكمية أمر مهم حتى ولو كان بالشراء الجماعي، أي لا يشتري بالجملة وفي النهاية يقوم بتخزينه في المنزل ويصيبه التلف، إضافة إلى المبالغة في شراء كميات كبيرة وربما هي ليست من الأولويات ما يؤدي إلى انتهاء صلاحيتها دون أنْ تُستهلك، لذا أرى أنه من الضروري تحديد الكميات وفق الحاجة وضمها ضمن القائمة الشهرية».
ووجّه الدرعي نصيحة للمستهلكين بأن يبتعدوا عن الإسراف في الشراء، وعدم الانجرار خلف التخفيضات الجاذبة، وحيث لا يوجد داع لشراء كميات تزيد الحاجة من السلع، وإن حدث فلا بد من التعاون مع الأقارب وتقاسمها.
حملات مستمرة
ويقول مدير إدارة حماية المستهلك والخبير القانوني بالهيئة سعيد بن سليم العميري إن «حماية المستهلك» تعكف على زيادة الوعي لدى المستهلكين وغرس الثقافة الاستهلاكية السليمة لتكون حاضرة لديهم في كل عملية تسوّق، ويتمثّل ذلك من خلال حملات الهيئة المختلفة التثقيفية والتوعوية التي تعمل على إيجاد ترابط بين أفراد المجتمع والسعي للبحث عن وسائل لتعزيز بيئة أكثر أمانا للتسوّق.
ويضيف: من بين الأساليب الناجحة التي أوجدتها الهيئة أن عددا كبيرا من المستهلكين يُعدون الشراء الجماعي أحد أساليب الشراء المفيدة، وهو ما أثبت نجاحه من خلال تجارب المستهلكين، ونحن في الهيئة نؤيّد هذا النوع من عمليات التسوّق؛ لأنه يُسهم في توفير المال لدى المستهلكين ويحفّزهم على اقتناء المناسب لهم في السوق، كما أنه يُعدّ من أساليب التعاون والتكاتف لدى المجتمع؛ فالشراء الجماعي يعدّ ضمن الأساليب التي تحقق المنفعة الجماعية لدى المستهلكين وتبادل الخبرات فيما بينهم وهو ركيزة مهمة لزيادة الثقافة الاستهلاكية والتعاون، وتسعى الهيئة إلى زيادة الوعي لدى المستهلكين بأهمية الشراء الجماعي لهم.
التسوّق بأخذ الخبرة من الأقرباء
ويقول هيثم بن سليمان السليماني، الموظف في بنك أبوظبي الأول: يُعدّ أسلوب الشراء الجماعي ركيزة أساسية في توفير المال وأخذ الخبرة من الأقرباء نتيجة الخبرة الطويلة في التسوّق ومعرفة الأسعار في المراكز التجارية المختلفة، وشخصيا أعد الشراء الجماعي عاملا أساسيا في شراء السلع الضرورية، خصوصا مع متطلبات الحياة المختلفة بالإضافة إلى الكماليات؛ فالمستهلك قد يشتري بضاعة غير ضرورية للمنزل، وهنا تكمن المشكلة في ثقافة الشراء، فلا بد للمستهلك أن يعي ما يشتري وما يلزمه، لاسيما أن الحياة تمرّ بسنوات عجاف قادمة لا نعرف إلى متى تستمر، لذا فالوعي الاستهلاكي مهم جدا ويجب علينا أن نرفع من مستوى الثقافة الاستهلاكية لأنفسنا أولا ثم لأسرتنا وأقربائنا، فالتسوّق مع الأقرباء والأصدقاء ومن لديهم الباع الطويل في معرفة السلع والمتاجر التي تدعم المواطن بالمؤن المعيشية أمر مهم، ولا يعدّ تكاتفا وترابطا فقط، بل هو تبادل للخبرات، مما ينتج عنه الاقتصاد خلال الشراء، فأحيانا ينسى الشخص نفسه في المحلات التجارية وسط الإغراءات المقدَّمة، التي تأتي غالبا على هيئة تخفيضات. وشخصيا أقوم بتخصيص يوم واحد كل أسبوع وأشتري قدر حاجتي لعدة أيام فقط فأنا لا أشجّع على الشراء الباهظ وعدم المبالاة في إنفاق المال في شيء لا جدوى منه، وهناك أمر مهم يجب على الجميع إدراكه وهو أن الشهر الفضيل شارف على دخوله -نسأل الله أن يبلغنا الشهر المبارك جميعا- وفيه ترى المستهلكين يتزاحمون على البضائع دون إدراك لحقيقة توفرها في كل وقت، ما يستدعي سلوكا واعيا لا مبالغة فيه.