المؤشر الإحصائي.. والقوى العاملة الوافدة!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١١/أبريل/٢٠١٨ ٠٣:٤٠ ص
المؤشر الإحصائي.. والقوى العاملة الوافدة!

ناصر العموري

أشار موقع المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن عدد سكان السلطنة قد بلغ (4,663,561) نسمة، 55%منهم نسبة عدد العمانيين، و45%وافدون. فماذا تعني هذه النسبة المئوية؟!

تعني بما لا يدع مجالاً للشك أن الكثافة السكانية للوافد ستكون هي الأولى في تعداد السلطنة شئنا أم أبينا، وكنت قد تطرقت في مقال سابق نشر لي منذ حوالي ثلاث سنوات بعنوان (مليون وستمئة ألف عامل وافد. ماذا يعني هذا الرقم؟) وكان حينها تعداد الوافدين أقل مما هو عليه الآن، وكنت قد حذّرت من خطورة هذا المد، وها هو الرقم بعد ثلاث سنوات أصبح في ارتفاع تصاعدي رغم الجهود التي تبذلها الجهات المعنية بالتعمين للحد من زحف القوى العاملة الوافدة، وإعطاء المواطنين وشباب الوطن الأولوية في الوظائف، ولكن لو ركز فيها من ركز وأمعن التفكير فيها من أمعن لتيقنّا تمام اليقين أن القوى العاملة الوافدة تزحف رويداً رويداً لتشكل مشاكل لا حصر لها على مجتمعنا، سواء مشاكل اقتصادية بما تمثله من تحويلات لمبالغ فلكية لخارج البلد، والتي تقدر ببلايين الريالات، ولا تؤخذ عليها أي ضريبة تذكر وإن كانت بلادنا أولى بها، أو من ناحية المشاكل الاجتماعية المصاحبة لهم.
ربما يتحدث البعض عن أن أغلبية أعداد الوافدين هم ممن يحملون الشهادات الدنيا، والعدد الظاهر أنه في ارتفاع في ظل ازدياد شركات المقاولات وارتفاع نشاط رقعة العمران تجارياً وسكنياً، ولكن إلى متى؟! هنا يجب التريث والتفكير بعمق قبل إعطاء الموافقة لاستخراج مأذونيات لاستقدام القوى العاملة إلا باشتراطات وشروط معينة، وماذا عن القوى العاملة الوافدة التي تعمل في وظائف جلها إدارية مثل وكالات السيارات وشركات التأمين وشركات الصرافة والشحن وغيرها من الشركات؟ وهم كثر في السوق، وفي المقابل أبناؤنا ممن يحملون شهادة الدبلوم العام ينتظرون دورهم في الحصول على فرصة لمثل هذه الوظائف التي لا تكلف من التأهيل الشيء الكثير في ظل غزو الوافد للوظائف والمهن التي أعتقد أنها في متناول العماني. المطلوب فقط التأهيل والصقل لتلكم الوظائف الوطنية لنرى بعدها العماني يحل محل الوافد الأجنبي عوضاً عن العمل في بعض الوظائف التي قد لا تناسبه حالياً، إذ إن هناك وظائف ومهن توغّل فيها الوافد وتشبث بها وأصبح من الصعب إزالته لأنه تشرب المهنة ومن الضروري أن يتمسك بها لفترة من الزمن حتى يتعلم منه العماني، هذا إن رغب الوافد بتعليمه أساساً، والشواهد على ذلك كثيرة، ناهيك عن الأجور المتواضعة التي تمنح للعماني دون أي حوافز أو مميزات تذكر إلا فيما ندر من بعض الشركات، وهي تعد على الأصابع.
وكيف هو حال من يحملون الشهادات العليا من الوافدين هذا (إن صحت شهاداتهم)؟! أعتقد أن جل هذه الفئة يعملون كمديرين للشركات من ذوي الرواتب العالية والسيارات الفارهة.
الجميل في الأمر أن هناك حراكاً حكومياً فيما يتعلق بتأهيل صفوة منتقاة من الشباب العماني من خلال دورات داخلية وخارجية على مستوى عالٍ لإحلالهم مستقبلاً ليكونوا في المهن القيادية، نعم هي خطوة وبادرة جيدة نتمنى أن تستمر في الطريق الصحيح الذي أنشئت من أجله. وقبيل كتابة هذا المقال ظهر خبر في الصحف المحلية حول ارتفاع التعمين في الوظائف القيادية، وهو خبر مبشّر بالخير، ودليل على أن هناك جهوداً تبذل لعلاج ما يمكن علاجه، فقضية التعمين والتخلص من القوى العاملة الوافدة الزائدة عن الحاجة مسألة ليست بالهينة ولا المستحيلة، فالمطلوب فقط هو توحيد وتنسيق الجهود بين الجهات المعنية بالتعمين.
في اعتقادي أن الوقت قد حان لدق ناقوس الخطر فيما يتعلق بأعداد القوى العاملة الوافدة مقارنة بعدد سكان السلطنة، فهم يقتربون ليكونوا الأغلبية، فيجب النظر هنا بتفكير عميق ومدروس. نعم للوافدين في الوقت الحالي ووفق الحاجة المقننة وبأعداد معينة واشتراطات وظيفية محددة لا أكثر ولا أقل، بشرط ألا يخل ذلك بالنسبة السكانية الوطنية، ويفقدنا هويتنا التي طالما تميزنا بها، فالعماني هو الأساس وسيبقى الأساس.