صــداع غــزة

الحدث الأحد ٠٨/أبريل/٢٠١٨ ٠٤:٤٢ ص
صــداع غــزة

غزة - رويترز

لطالما مثلت غزة صداعا للإسرائيليين إلى درجة تمنّى فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، أن يبتلع البحر غزة حيث قال تصريحه الشهير العام 1992: «أتمنى أن أستيقظ يوماً من النوم فأرى غزة وقد ابتلعها البحر». غزة هي عبارة عن شريط ساحلي من الأرض يقع على طرق التجارة والنقل البحري القديمة على ساحل البحر المتوسط. ظلت غزة تحت حكم العثمانيين حتى العام 1917 ثم انتقلت من الحكم البريطاني إلى الحكم العسكري المصري ثم الإسرائيلي خلال القرن الأخير وأصبحت الآن عبارة عن جيب ساحلي محاصر يسكنه مليونان من الفلسطينيين.

1948

مع انتهاء الحكم الاستعماري البريطاني في فلسطين في أواخر الأربعينيات من القرن الفائت اشتدت أعمال العنف بين اليهود والعرب وبلغت ذروتها في الحرب التي اندلعت بين دولة إسرائيل التي أعلنها اليهود وجيرانها من العرب في مايو العام 1948. لجأ عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى قطاع غزة بعد فرارهم أو طردهم من بيوتهم. وسيطر الجيش المصري على شريط ساحلي يبلغ طوله 40 كيلومترا من سيناء حتى جنوبي عسقلان مباشرة. وأدى طوفان اللاجئين إلى ارتفاع عدد السكان في غزة لثلاثة أمثاله فبلغ نحو 200 ألف نسمة. وظلت مصر مسيطرة على القطاع على مدى عقدين من خلال حاكم عسكري وسمح ذلك للفلسطينيين بالعمل والدراسة في مصر.

1967

استولت إسرائيل على قطاع غزة في حرب الأيام الستة. وقدّر تعداد إسرائيلي في 1967 عدد سكان غزة بواقع 394 ألف نسمة كان 60 % منهم على الأقل من اللاجئين. وكان 65 % من الرجال في سن العمل في القطاع الذي تبلغ مساحته 375 كيلومترا مربعا يعملون هناك بالفعل قبل حرب 1967 لاسيما في الزراعة وصيد الأسماك والصناعة والمحاجر. وبخروج المصريين تحوّل اهتمام كثيرين من عمّال القطاع. فقبل ألوف العمل في قطاعات الزراعة والبناء والصناعات الخدمية داخل إسرائيل التي كان من السهل دخولها في ذلك الوقت.

1987

بعد مرور 20 عاما على حرب الأيام الستة أطلق الفلسطينيون انتفاضتهم الأولى. وبدأت أحداثها في ديسمبر العام 1987 بعد حادث مروري اصطدمت فيه شاحنة إسرائيلية بسيارة تقل عمّالا فلسطينيين في مخيم جباليا بالقطاع فقتلت أربعة منهم. وتلا ذلك احتجاجات كانت سمتها الأساسية إلقاء الحجارة والإضرابات. وباستغلال جو الغضب السائد كوّنت جماعة الإخوان المسلمين التي تتخذ من مصر مقرا لها فرعا فلسطينيا مسلحا هو حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وكانت قاعدة قوتها في غزة.

1993

وقّعت إسرائيل والفلسطينيون اتفاق سلام تاريخيا في 1993 أدى إلى إنشاء السلطة الفلسطينية. وبمقتضى الاتفاق المرحلي حصل الفلسطينيون في البداية على سيطرة محدودة في غزة وأريحا بالضفة الغربية. وعاد عرفات إلى غزة بعد أن أمضى عشرات السنين في المنفى.
ومنحت اتفاقات أوسلو السلطة الفلسطينية الجديدة قدرا من الحكم الذاتي على أن تقام دولة فلسطينية بعد خمس سنوات. لكن هذا لم يحدث قط. واتهمت إسرائيل الفلسطينيين بالرجوع عن الاتفاقات الأمنية وثار غضب الفلسطينيين لاستمرار إسرائيل في بناء المستوطنات.

2000.. الانتفاضة الثانية

في العام 2000 وصلت العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية إلى نقطة متدنية بتفجر الانتفاضة الفلسطينية الثانية. واتسمت بسلسلة من التفجيرات والهجمات من جانب الفلسطينيين وضربات جوية إسرائيلية وهدم البيوت ومنع الدخول إلى مناطق معيّنة وفرض حظر التجوّل. وكان من ضحاياها مطار غزة الدولي الذي كان رمزا لآمال الفلسطينيين المحبطة في الاستقلال الاقتصادي وهمزة الوصل الوحيدة التي تربط الفلسطينيين بالعالم الخارجي والتي لم تكن تخضع لسيطرة إسرائيل أو مصر. افتتح المطار في 1998 واعتبرته إسرائيل مصدر خطر أمني بعد ثلاث سنوات. ودمّرت إسرائيل هوائي الرادار وممر الإقلاع والهبوط بعد أشهر من هجمات 11 سبتمبر العام 2001 في الولايات المتحدة. ومن الضحايا في قطاع غزة أيضا صناعة صيد الأسماك التي كانت مصدر دخل لعشرات الآلاف من السكان. وقلّصت إسرائيل منطقة الصيد الخاصة بغزة التي حددتها اتفاقات أوسلو بمسافة 20 ميلا بحريا لتتراوح بين ثلاثة أميال و12 ميلا بحريا. وقالت إسرائيل إن القيود ضرورية لمنع الزوارق من تهريب السلاح. واتهم الفلسطينيون إسرائيل بالرجوع عن اتفاقات أوسلو.

2005.. إسرائيل تخلي مستوطناتها

في أغسطس العام 2005 أجلت إسرائيل جميع أفراد قواتها ومستوطنيها من غزة التي كانت إسرائيل قد عزلتها في ذلك الوقت بالكامل عن العالم الخارجي. وهدم الفلسطينيون المباني المهجورة والبنية الأساسية وأدت إزالة المستوطنات إلى قدر أكبر من حرية الحركة في القطاع وازدهر «اقتصاد الأنفاق» إذ سارعت الجماعات المسلحة والمهربون إلى حفر عشرات الأنفاق المؤدية إلى مصر. لكن الانسحاب أزال أيضا مصانع المستوطنات وصوبها الزراعية وورشها التي كان يعمل بها بعض سكان القطاع.

2006 - 2007.. العزلة

في 2006 حققت حركة حماس نصرا مفاجئا في الانتخابات البرلمانية. وفي وقت لاحق من ذلك العام أسر مقاتلو الحركة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وقتلوا اثنين آخرين في عملية شنّوها عبر نفق. وفي العام التالي سيطرت حماس بالكامل على القطاع وطردت القوات التابعة للرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي خلف عرفات في قيادة السلطة الفلسطينية. وقطع جانب كبير من المجتمع الدولي مساعداته للفلسطينيين في المناطق الخاضعة لسيطرة حماس باعتبارها تنظيما إرهابيا. ومنعت إسرائيل عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين من دخول البلاد وقطعت بذلك مصدر رزق مهما كما أغلقت منطقة صناعية على حدود غزة. وأصابت الضربات الجوية الإسرائيلية محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع فأعطبتها وتسبب ذلك في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع. واستنادا إلى أسباب أمنية فرضت إسرائيل ومصر قيودا أشد على انتقال الناس والبضائع عبر معابر غزة.
وتحوّل اقتصاد غزة على نحو متزايد إلى اقتصاد سري وازداد اعتماده على شبكة من أنفاق التهريب تحت الحدود مع مصر. وتعثرت خطط حماس الطموح لإعادة توجيه اقتصاد القطاع بعيدا عن إسرائيل.

2008 - 2014.. ثلاث حروب

مني اقتصاد غزة بانتكاسات مرارا على مرّ العقود في دائرة الصراع والهجمات والهجمات الانتقامية بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية المقاومة من السبعينيات وحتى السنوات الأخيرة. وخاضت إسرائيل و«المقاومة» بقيادة حماس في غزة ثلاث حروب منذ 2008 أسفرت عن دمار واسع ومقتل آلاف الفلسطينيين ونحو 100 إسرائيلي. ووقعت أسوأ الاشتباكات في العام 2014. وأطلقت حماس وجماعات أخرى الصواريخ على مدن في قلب إسرائيل. وشنّت إسرائيل هجمات جوية وقصفا مدفعيا ألحق دمارا شديدا بأحياء في غزة.

2017.. تفاقم الانقسام الفلسطيني

في العام 2017 فرض الرئيس الفلسطيني محمود عباس سلسلة من العقوبات الاقتصادية على حماس في محاولة لإرغامها على التخلي عن سيطرتها على القطاع. ودبر عملية خفض الكهرباء المتاحة في غزة وقلّص مرتبات 60 ألفا يعملون في السلطة الفلسطينية بالقطاع بنسبة 30 % الأمر الذي أضعف القوة الشرائية.