مشاهير التواصل الاجتماعي.. بين الشهرة والتأثير

مزاج الأربعاء ٠٤/أبريل/٢٠١٨ ٠٤:٥٧ ص
مشاهير التواصل الاجتماعي.. بين الشهرة والتأثير

مسقط - لورا نصره

400.000 متابع وأكثر في بلد لا يتجاوز عدد سكانه 4.6 مليون ليس رقماً سهلاً يمكن المرور عليه مرور الكرام..! نعم هنالك شخصيات في السلطنة لديها اليوم ما يزيد عن نصف مليون متابع على حساباتها في الانستجرام وتويتر وسناب شات وغيره. قد يكون هؤلاء قلة، إلا أن الكثيرين لديهم متابعون يتجاوزون حاجز الـ100 ألف وهو رقم ليس بقليل أيضاً نسبة لعدد السكان، فإذا قارنّا بينه وبين نظرائه في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، فهذا الشخص سيصبح مساوياً لمن يملكون 10 ملايين متابع في أمريكا وهم ليسوا بكثرة.

السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة: هل يملك هؤلاء بالفعل ذلك التأثير الاجتماعي الذي توحي به هذه الأرقام؟ «الشبيبة» طرحت السؤال على حسابها على تويتر. وأشارت نتيجة التصويت إلى أن 62 % من المشاركين رأوا أن هذه الحالة لا تُعدّ أكثر من فقاعة وهؤلاء ليسوا بمؤثرين إلا في حدود ضيّقة للغاية، فيما رأى 38 % أنهم فعلاً مؤثرون ويشكّلون قدوة لمتابعيهم.
النتيجة توضح لنا أن هناك فرقا بين الشهرة والتأثير. فبإمكان أي شخص أن ينشر صورة تكون مثيرة لحفيظة المجتمع ويصبح مشهورا، وبإمكان شخص آخر أن ينشر مثلا صورة فنّيّة جميلة ويصبح مشهوراً أيضا ويتابعه كثير من المهتمين بذلك المجال. ويكمن الفرق في المسؤولية. أي إحساس الشخص بالمسؤولية تجاه ما يقدّمه.
فيما يلي نرصد بعض التعليقات التي وصلتنا على التصويت.
صاحب الحساب @sultan_maskari قال في تعليقه: «ذلك يعتمد على المحتوى وأسلوب الطرح. في النهاية من البديهي أنهم مؤثرون سواء سلبا أو إيجابا. أقل شيء على نطاق من يتابعهم. لأن لو ما كانوا مؤثرين ما كانوا اشتهروا».
أما صاحب الحساب @sultannurmajan فقد قال: «نعم مؤثرون، ونذكر هنا الأخ بدر المعشري كأحد الأمثلة الناجحة في عُمان مع الإمكانيات المتواضعة لديه، ونتمنّى دعم الدولة لهم. إن الإعلاميين الشباب في عُمان لهم فخرنا واعتزازنا بأعمالهم البطولية في الرد على بعض القنوات المسيسة أو التغريدات الموجهة من الذباب الإلكتروني».
ويقول زايد صاحب الحساب @soom40440: «من باب التجربة والمتابعة فعلا المخرج بدر المعشري مؤثر حقيقي في برامج التواصل الاجتماعي، هو من أفضل الحسابات في عُمان.. إنه الملقب بملك السناب».
ويرى سيف الفزاري صاحب الحساب @saifalfazari أن التأثير سلبي 100 % وخاصة على الأطفال وأضاف: «نتمنّى من الجهات المختصة متابعة هذا الأمر».
وقالت صاحبة الحساب @bintoman999: «للأسف هم مؤثرون تأثيرا سلبيا على فئة كبيرة».
أما فاتك الجساسي صاحب الحساب @fatik342fatil فرأى أن ذلك يعتمد على ثقافة الشخص.. هل هو من النوع الذي يتأثر بسهولة بالشخص الشهير سواء كان لاعبا أو مغنيا أو مهرجا في وسائل التواصل الاجتماعي. فإذا وضع في باله أنهم المثل الأعلى فهنا سيصبح لدينا جيل غبي».
أما سالم صاحب الحساب @01lovely10 فوضع صورة باللغة الإنجليزية تقول: «أوقفوا تحويل الأغبياء إلى مشاهير».

ما رأيهم؟

بدر المعشري من مشاهير التواصل الاجتماعي المؤثرين بالفعل. كرّمه الادعاء العام والمكتب السلطاني وجهات أخرى في الدولة لكونه مؤثرا حقيقيا في المجتمع من خلال حساباته.
كما حصد الكثير من التعليقات الإيجابية ممن شاركوا في الاستطلاع. يقول: «المؤثر الحقيقي على شبكات التواصل الاجتماعي برأيي هو الإعلامي.. لأنه قريب من المصدر أو المسؤول أو المؤسسات الحكومية والخاصة التي تزوّده بالمعلومة الموثوقة والصحيحة، ومن هنا يتحوّل هذا الإعلامي إلى مشهور مؤثر».
ويضيف: «سبب ثقة الناس بي هو انعكاس لطبيعة عملي وما أنشره على حساباتي من تغريدات ومقاطع فيديو والتي تكون دائما موثوقة ومن المصدر. ففي عُمان هناك الكثير من المشاهير ولكنهم ليسوا مؤثرين لأنهم لا يمتلكون المعلومة ولا يبحثون عن مصدرها، أما نحن فنبحث عن المعلومة وعن مصدرها وهذا الفرق بيننا وبينهم».
ويختم: «هذه الثقة تحمِّلنا مسؤولية إضافية بالحرص والانتباه».

نتيجة منصفة

أما الناشطــــة منـــى المعشنية، من مشاهير وسائـــل التواصل الاجتماعي، فتقول: «أنا أرى أن نتيجـــة الاستطلاع منصفة جدا وعادلة لأن هناك فئـــة مـــن مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي فقدوا ثقة المجتمع بالفعـــل بسبب طبيعة ما ينشرونه عبـــر حساباتهم. فالشهرة يسهل الحصول عليهـــا مـــن خلال نشر أية مواضيع أو صور سخيفة أو مستفزة للمجتمع ولكن أن تكون مشهورا ومؤثرا فهذا ليس بالأمر السهل».
وتضيف: «أن تكون مؤثرا فهذا يحمّلك مسؤوليـــة أن تخـــرج للناس بصورة مشرّفة دائما».

رأي علم الاجتماع

وأوضحت دكتورة إرشاد نفسي وتربوي في جامعة السلطان قابوس د.عائشة محمد عجوة: تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي في العصر الحالي من أكثر الأدوات انتشارا وسرعة لاستقبال وإرسال محتوى متنوّع من المعلومات والأفكار والآراء في المجالات والميادين المختلفة. وهي بهذا تعتبر من أهم المصادر للمعلومات وتشكيل القيم وما يرتبط بها من معتقدات وأفكار وعادات وسلوكيات للأفراد والمجتمعات.
وهي كأي أداة سلاح ذو حدين لها إيجابيات وسلبيات. ويعتمد مدى تأثيرها السلبي أو الإيجابي على الشباب بمقدار ما يمتلكونه من مهارات التفكير الناقد والتوجه الذاتي وضبط الذات التي تمكنه من أن يكون متفاعلا وليس متلقيا سلبيا يتأثر بكل ما يُعرض من معلومات أو سلوكيات. بحيث يقيّم أي معلومة أو قيمة تُعرض سواء بشكل غير مباشر من خلال سلوكيات نجوم الإعلام أو بشكل مباشر عبر الرسائل اللفظية.
وإذا كان الفرد الذي يمتلك قدرا كافيا من التفكير الناقد والتوجه الذاتي وضبط الذات فستكون لديه القدرة على التمييز ما بين الغث والسمين فلا يتأثر بكل ما يُعرض عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وإن عددا لا بأس به من الشباب قد يفتقرون لمثل هذه المهارة والخصائص الشخصية مما قد يجعلهم أكثر عُرضة للتأثر السلبي لما يُعرض عبر وسائل بطريقة جاذبة ومن قِبل أشخاص امتلكوا نجومية إعلامية ولكنهم قد لا يمتلكون المعرفة العلمية الدقيقة في المجال الذي يتصدرون تناوله والحديث عنه. أو قد يعبّرون عن آراء خاصة منبثقة عن قيمهم ومعتقداتهم الخاصة وقد تكون غير مناسبة لقيم الشخص المتلقي ومجتمعه.
والكثير من التغييرات في السلوكيات الظاهرة للشباب كالملابس، التنمر، وردود الفعل العنيفة، والاهتمام بالجانب المادي، والمعتقدات الدينية هي نتاج تأثير المتلقي بمن فيهم الشباب للرسائل المباشرة وغير المباشرة من نجوم الإعلام الجديد.

ضغوط نفسية

وترى د.عائشة عجوة أن هوس الحصول على الشهرة قد يجعل الشخص تحت ضغط نفسي شديد من خلال الحصر المستمر لعدد المتابعين ومدى الانتشار. بل إن عددا من المشاهير يقعون في فخ شراء المتابعين لتعزيز شهرة زائفة. إضافة إلى السلوكيات التنافسية وربما الخوف أو تغيير الآراء وفقا لما يرغب المتلقون به فيبدأ يذرف بما لا يعرف. ويغيّر آراءه وقيمه للحصول على قبولهم. وقد يتعرّض للإحباط والاكتئاب عندما يرى أن بعض مشاركاته لم تحصل على متابعة عالية، أو تلقى ردود فعل وآراء سلبية من قِبل المتلقين.
كما قد يقع في فخ آخر تخرق من خلاله خصوصيته بوضع كافة تفاصيل حياته ليتم تداولها عبر وسائل التواصل وقد يكون لذلك مردود مادي مجز له. ولكنه سيكون مرهقا من الجانب النفسي لاسيما إذا كانت حياته الواقعية تحتوي صعوبات ويحاول جاهدا إظهار صورة مثالية زائفة عبر وسائل التواصل.

النصيحة من ذهب

في ظل التسارع المرعب لسيطرة وسائل التواصل الاجتماعي على تفاصيل حياة الشباب ماذا يمكننا أن نفعل؟ تقول د.عائشة: لا يمكن أن نوجه الشباب بعدم استخدام وسائل التواصل فهذا يبدو غير منطقي في ظل هذا الانتشار الواسع كما أنها إحدى أدوات العصر. ولكن أهم ما يمكن أن نوجه الشباب له أمرين:
1. ألا يأخذ كل ما يُعرض عبر هذه الوسائل كحقائق مسَلَّمة مهما كان يمتلك مصدرها من شهره وجاذبية، فأخذ المعلومة كمسَلَّمة قد تكون له نتائج كارثية على حياتك.
2. التوازن في استخدام وسائل التواصل سواء فيما يتعلّق بالمواضيع التي يتابعها الشخص بحيث يسعى لمتابعة الأكثر اختصاصا وليس الأكثر شهرة في المجال الذي يهتم به ويرغب في تطوير ذاته به. والتوازن في الوقت الذي يستهلكه في استخدام وسائل التواصل فهي كالبحر إنْ لم يُدِر وقت استخدامه لها ستفصله عن واقعه وتضرّ بإنجازاته وفعاليته في عالمه الواقعي.
وفي ظل هذا الزخم مما يُعرض من معلومات تختتم الأخصائية د.عائشة بالقول: مسؤولية المتلقي أن يطوّر ما يمتلكه من تأكيد لذاته لتكون لديه القدرة على تشكيل وتبنّي رأيه الخاص وألا يكون ريشة في مهب آراء الآخرين مهما بلغوا من شهرة ونجومية.