بالفيديو والصور.. ورود الجبل الأخضر تبتسم للربيع

مزاج الاثنين ٠٢/أبريل/٢٠١٨ ٢١:٠٥ م
بالفيديو والصور.. ورود الجبل الأخضر تبتسم للربيع

الجبل الأخضر - أسد بن حارث الزكواني
مع نهاية شهر مارس من كل عام تزهو مدرّجات الجبل الأخضر بجمال الورد الجبلي ويفوح أريجه بين أزقة البيوت وفي الأرجاء، ويمتص النحل رحيقه ليقدّم لنا المذاق الأصيل للعسل الجبلي الشهير.
يتركز محصول الورد في قرى "العقر والعين والشريجة وسيق والقشع وحيل اليمن"، ويبلغ في هذا العام عدد أشجار الورد التي يتم منها استخلاص أنواع مختلفة من ماء الورد الجبلي حوالي 7000 شجرة بمساحة إجمالية تصل إلى 9 أفدنة.
عدسة "الشبيبة" لهذا العام كانت حاضرة عند العم ناصر بن عبدالله العمري الذي يبلغ اليوم 77 عاما من العمر، وهو أحد أهالي الجبل الذين ارتبطوا بهذه الحرفة لسنين طويلة. ومن ذكرياته التي حكاها لنا قال إنه بدأ العمل في استخلاص ماء الورد الجبلي منذ أن كان طفلا في الـ9 من عمره وإلى يومنا هذا ما زال يُحيي حرفة الآباء والأجداد.
يعيش العم ناصر بن عبدالله العمري في قرية العقر في الجبل الأخضر ذات المدرّجات الزراعية المشهورة والتي تمتاز بجمال عريق ويكثر فيها الورد الجبلي وثمار الرمان والعنب والمشمش.
لكل شيء بداية، وعن بدايات العم ناصر بمزاولته للحرفة يقول: بدأت وأنا عمري 9 سنوات تعلّم حرفة استخلاص ماء الورد الجبلي من جدي -رحمه الله- وأتقنتها تماما وأنا بعمر 12 عاما وصرت أعتمد على نفسي إلى يومنا هذا، وأطمح لأن أعلّمها لأبنائي وأحفادي لتبقى خالدة جيلا بعد جيل.

العناية بشجرة الورد الجبلي
شجرة الورد الجبلي تعتبر من أقدم أنواع النباتات في الجبل الأخضر وهي تعيش طويلا، ويبدأ موسم الورد الجبلي أواخر شهر مارس ليصل إلى ذروته في شهر أبريل وينتهي في بدايات شهر مايو من كل عام، حول ذلك يقول ناصر العمري: نقوم بجهد كبير من أجل هذه الشجرة الكريمة بعطرها، وتمرّ عملية الاهتمام بالورد الجبلي بمراحل عدة حيث نبدأ في شهر يناير بعملية تقليم أشجار الورد وحراثة الأرض، والبعض في قرى أخرى يقوم بتسميدها ولكن نحن لا نسمدها حسبما أوصانا به أجدادنا سابقا؛ لكي تبقى على تربتها وفي ذلك سر عظيم علمه عند الله وحده، ثم يتم ريها بشكل جيّد وانتظار جمالها الخلّاب وتفتح الزهور، وخلال هذه الفترة نقوم بصيانة وتجهيز المصنع "الدهجان" هو عبارة عن مبنى من الطين والحجارة والأواني الفخارية "البرمة" المصنوعة عليه، ونقوم في بداية تزهير أشجار الورد بزيادة كمية الورد من خلال الاستئجار "استطناء" عدد من الأشجار من أصحاب المزارع ممن لا تتوفر لهم الظروف المناسبة للقيام بعملية العصر.

تصنيع ماء الورد الجبلي
وعن قطاف الورد يقول العم ناصر: مع بدء تزهير وتفتح الورد اللؤلؤي الذين تكسوه قطرات الندى الجميل أتّجه أنا وأسرتي، صغارا وكبارا، لقطف الورد بعد صلاة الفجر مبكرا وأحيانا عند غروب الشمس مساءً بسبب وجود أكثر من بستان في مختلف المواقع ونتساعد في عملية قطف الورد من البستان طوال فترة موسم الورد.
ويضيف: يتم الانتهاء من قطف الورد يوميا خلال ساعة في الصباح لكي لا يذبل ويتأثر بأشعة الشمس ونحمله على "القفير" وعلى أقمشة، ونذهب به للبيت وننثره على أرضية الغرفة لكي نفرز منه غير الصالح، وبعدها تتم عملية تقطيره في المصنع "الدهجان"الذي يتم إيقاد النار بداخله وذلك باستخدام الخشب ومن خلال عملية تبخر الورد يصطدم بقرص آخر في الأعلى وتستمر هذه العملية حوالي أربع ساعات أو أقل حتى تنتهي، وأقوم بذلك طوال فترة موسم العصر بحسب كمية الورد المتوفرة ويجمع الناتج من ماء الورد ويُترك لمدة تتراوح من شهر إلى أربعين يوما حتى تتسرّب الشوائب وبعدها تخزّن في وعاء من الفخار "الخرس" يظل فيه لمدة أربعة أشهر ويكون ماء الورد في النهاية ذا لون أحمر زكي الرائحة ثم يُعبّأ المنتج في عبوات زجاجية بمختلف الأحجام حسب الحاجة.
ومن وجهة نظر وخبرة العم ناصر العمري فإن تقطير ماء الورد بالأساليب الحديثة وعبر أجهزة التقطير الحديثة لا يجعله يتمتع بنفس جودة التقطير اليدوي، حيث تتم إضافة الأزهار مع الماء داخل الجهاز وتبقى لمدة أكثر من ثلاث ساعات في الجهاز مع وجود مصدر حراري وبعدها يجمع المنتج في نهاية المرحلة ويكون منتجا شفافا ليس له نفس لون ورائحة الورد، وبالتالي تقل جودته كثيرا عن ماء الورد الأحمر زكي الرائحة.

فوائد استخدامات ماء الورد الجبلي
اتضح بأن الورد الجبلي له 6 أصناف حسبما ورد في قول العم ناصر العمري: نعم.. الكثير من الناس بات لا يعلم بأن الورد الجبلي له 6 أصناف وذلك الاختلاف يكون في شكله وحجمه وحتى لون الزهرة. بعض أنواعه تستخدم في شفاء بعض الأمراض مثل الصداع النصفي وعند الإغماء، والبعض منه يدخل في النكهات التي تُضاف إلى بعض المواد الغذائية مثل القهوة والحلوى العُمانية وبعض المعجنات وغيرها، ومنه ما يُستخدم كمادة عطرية طاردة للروائح من الجسم، كما يدخل في مواد تجميل البشرة ويُستخدم كعطر فوّاح يكرم به الضيوف من خلال رشهم به في مختلف المناسبات مثل الأفراح والأعراس.

سحر الورد والعادات التقليدية
لكل مهنة سر يحفظ جودتها، وسر الجودة التي يتمتع بها ماء الورد تكمن عند العم ناصر العمري. يقول: ماء الورد هو رزق من الله وحرفة تقليدية عرفها أهالي الجبل الأخضر منذ مئات السنين، وهذه الخبرة الطويلة هي ما جعلت لماء الورد الجبلي للجبل الأخضر جودة وسمعة كبيرة؛ وذلك يعود طبعا إلى اتّباع الأسلوب التقليدي الذي يعتبره مزاولو هذه المهنة السر وراء الجودة والانتشار الكبير له في الدول المجاورة والأجنبية.
ويتوجه العم ناصر بن عبدلله العمري بنصيحة لأبناء جيل المستقبل ويقول: أولا أتوجه برسالة للمسؤولين عن المؤسسات التعليمية والدراسية بأنني مستعد لأن أعلّم أبنائي الطلاب هذه الحرفة، وأن تُدرج في المناهج الدراسية، وأنصح بالاهتمام الكبير بكل حرفة جاء بها الآباء والأجداد لأنها حرفة لا يُعيدها الزمن إذا اندثرت، وتجب ممارستها ومزاولتها من جيل إلى جيل لتكون رمزا يفتخر به العُماني على مرّ العصور والأزمان.