مطار مسقط الدولي.. صرح حضاري جديد

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٦/مارس/٢٠١٨ ٠٤:٥٢ ص
مطار مسقط الدولي.. صرح حضاري جديد

محمد محمود عثمان
mohmeedosman@yahoo.com

مطار مسقط الدولي صرح حضاري جديد بكل المقاييس، على أرض السلطنة، خاصة مع تراجع أسعار النفط وتقلص الموارد في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الجميع، ما يؤكد على قدرة الاقتصاد على النمو في خطوات ثابتة في إطار الخطط التنموية لرؤية عُمان 2040، ليواكب الاحتياجات والمتطلبات التي تساهم في جذب وتنشيط الاستثمارات والمشاريع الجديدة التي تعمل على تنويع مصادر الدخل، لأن التكلفة الإجمالية لكافة الحزم والمرافق، التي بلغت حوالي بليون و700 مليون ريال عُماني، ليست تكلفة بسيطة الآن، إنما تعبّر عن قوة الاقتصاد العماني وقدرته على الصمود في مواجهة الأزمات، وتوضح كل المؤشرات أن المطار سيكون له أثر إيجابي للسلطنة في الأنشطة السياحية والقطاعات الاقتصادية وحركة الشحن والسفر والناتج المحلي الإجمالي، لكونه يمثل إحدى حلقات الاتصال بين الشرق والغرب، وهو الذي يعطي الانطباع الأول والأخير - سلباً أو إيجاباً - للمستثمرين والسياح ورجال الأعمال، باعتباره أول مكان وآخر موقع يشاهده ويتعامل معه كل القادمين والمغادرين للسلطنة، وهو الواجهة الحقيقة للمرافق والخدمات التي توفر الجهد والوقت لكل مستخدمي المطار من مختلف الجنسيات، لذلك فإن إنجاز هذا الصرح الهام والمميز بطاقته الاستيعابية في مراحله الأولى التي تبلغ 20 مليون مسافر سنوياً وقدرته المستقبلية التي تصل إلى 56 مليون مسافر في المراحل اللاحقة، بالإضافة إلى باقي الإمكانيات من الصالات ومدارج الطائرات ومواقف السيارات، يجعل من السفر عبر المطار متعة حقيقية تتغلب على الإرهاق وعلى متاعب السفر، وحتى على الإشكاليات البسيطة في الخدمات أو التشغيل أوالثغرات في الأداء، التي قد تحدث في الساعات أو الأيام الأولى لعملية الانتقال والتي لا تظهر بوضوح إلا من خلال التشغيل الفعلي، لأنها لا يمكن أن تقلل من حجم الإنجاز الضخم، خاصة أن تصميم المطار يعكس المقومات الطبيعية والسياحية التي تتمتع بها السلطنة، الأمر الذي نأمل معه المساهمة في تعزيز وتنشيط الاقتصاد الوطني بشكل عام والقطاع اللوجستي بشكل خاص، بعد أن يضع المطار قدمه على خريطة المطارات العالمية الكبرى منافسا بقوة لكل المطارات العملاقة والأفضل في العالم.

لذلك علينا ألا ننسى الشركة العمانية لإدارة المطارات وإدارتها القديرة ودورها الرئيسي في نجاح الانتقال السلس من المطار القديم إلى المطار الجديد، وما به من التجهيزات الحديثة والمتطورة، التي نجح العمانيون في التعامل معها، بعد أن جرى التركيز على تدريب الكوادر الوطنية للعمل عليها من خلال التمارين الأساسية والتجارب التشغيلية، ولا شك أن دور الشركة العمانية لإدارة المطارات من أهم الأدوار الأساسية لسلامة وانتظام التشغيل، وكلنا نعلم أهمية دقة هذه الإجراءات وصعوبة ضبط التوقيتات والمواعيد المرتبطة بسير حركة الطيران، كما هو مخطط لها وارتباطها بخطوط الطيران العالمية، وما يترتب على ذلك من السمعة الجيدة للإدارة العمانية في الأوساط الدولية، كما تواكب مع ذلك صورة جيدة للتعاون مع باقي القطاعات اللوجستية مثل إدارة شركة «مواصلات» التي أحسنت باستعدادها المسبق لحافلات بمواصفات خاصة للمطارات، مخصص بها أماكن لأمتعة المسافرين، وكذلك بتفاعلها السريع مع الحدث بتخصيص خطين مباشرين من المطار الدولي الجديد إلى منطقة المعبيلة والآخر إلى منطقة روي في قلب العاصمة مسقط حيث تجمع مواقف الحافلات التي تتجه إلى معظم مناطق ومحافظات السلطنة، بأسعار مناسبة بقيمة ريال عماني واحد، مع تقديم عرض ترويجي لمدة 3 أشهر بخصم 50%من القيمة.

ويبقى الرأي حول الخيارات المستقبلية للاستفادة من مطار مسقط القديم الذي أنفقت عليه الدولة الملايين في السنوات الأخيرة للتطوير والإضافات والتجديد، والذي لا يجب أن نفرط فيه، فهو شاهد على سنوات النهضة العمانية ونأمل ألا يستخدم لأغراض أخرى غير مجال الطيران للاستفادة من التجهيزات والتصميمات الخاصة به، التي يمكن أن تستثمر في مجالات متنوعة للطيران التجاري والشحن إقليمياً ومحلياً، أو كمطار بديل إذا لزم الأمر في حالات الطوارئ أو الأزمات التي تتعرض لها المنطقة، كما يمكن ربطه بالمطار الجديد واستئجاره لشركات طيران أخرى بتكلفة أقل، ولكنها تحقق عائداً مجزياً أو لتخفيف الضغط على المطار الجديد في أوقات الذروة، المتوقع حدوثها مع زيادة حركة المسافرين والسياح وزيادة معدلات التجارة البينية، وتفعيل السوق الخليجية المشتركة، وفي الوقت ذاته يمكن المحافظة على البنية الأساسية، وكذلك الإبقاء على مبنى المطار.