الاتجار بالعقول إلى متى؟

بلادنا الأحد ٢٥/مارس/٢٠١٨ ٠٣:٢٤ ص
الاتجار بالعقول إلى متى؟

مسقط - محمد سليمان

طالب خبراء ومختصون بضرورة سن قانون لتنظيم «الصحة النفسية»، معتبرين أن عدم وجود تشريع ينظمها ساهم في ظهور بعض المسميات النفسية الحديثة مثل «خبراء البرمجة اللغوية العصبية»، و«خبراء علاج الوسواس القهري»، وغيرها من المسميات التي يتصدر لها غير ذوي الاختصاص من «المتاجرين بالعقول»، في حين إن الأمراض النفسية تحتاج إلى معالجين يحملون شهادات طبية متخصصة، وخبرة واسعة في هذا المجال. وأكد الخبراء أن ثقافة الصحة النفسية في السلطنة ما زالت تواجه العديد من التحديات ما يتطلب معه زيادة الوعي والثقافة لدى المجتمع.

ثقافة الصحة النفسية

عضوة مجلس الدولة المكرمة صباح البهلانية قالت لـ«الشبيبة»: «قضية الصحة النفسية ما زالت حتى الآن تواجه العديد من التحديات، ليس فقط من الخبراء الوهميين، وإنما ثقافة التعامل مع المرض النفسي إذ ما زال الكثير حتى الآن يخجلون من التعامل مع المرض والإعلان عنه، حتى إن الأسر عندما يصاب أحد أبنائها بمرض نفسي تصفه بـ«الحسد» منكرة بذلك ما يتعرض له الأبناء من خطورة ستواجههم مستقبلاً».
وأضافت: «في السياق ذاته انتشرت مؤخراً بعض دورات الإرشاد النفسي، التي يقدمها أشخاص غير مؤهلين ولا يحملون شهادات في هذا التخصص، يستقطبون في دوراتهم بعض المرضى النفسيين ليساهموا بذلك في زيادة معاناتهم وتفاقم حالاتهم. وفي المقابل أيضاً فإن السلطنة بها عدد كبير من الأطباء النفسيين القادرين على التعامل مع تلك الحالات وتقديم دورات البرمجة النفسية والعصبية.
في الدول المتقدمة يجري تنظيم تلك المسألة قانونياً، بحيث لا يستطيع أي شخص أن يسلك هذا الطريق دون أن يكون حاملاً لشهادة في ذات التخصص ولديه الخبرات الكافية، وبما أن السلطنة تنتهج عادة السياسات التي تحفظ الحقوق، فإنه من الضروري إيجاد قانون ينظم الصحة النفسية، وإذا كنا بصدد الحديث عن النواحي الإيجابية لبعض هذه الدورات في تنمية القدرات الشخصية للأفراد فلا يحق لأي شخص من حاضري تلك الدورات أن يعيد تقديمها وينصب نفسه خبيراً نفسياً ومعالجاً لمجرد حضوره دورة نفسية».

مفاهيم خاطئة

أما المختصة النفسية جناب السيدة بسمة آل سعيد فقالت: «تشهد الفترة الحالية انتشار بعض المفاهيم الخاطئة، ونرى إعلانات تنشر عبر منصات إعلامية مختلفة، يُعلن فيها عن دورات نفسية وتأهيلية، وأشخاص يحملون مسميات وهمية، لاستقطاب من لديهم مشاكل نفسية دون أن يكون لديهم دراية بأي الوجهات يقصدون، ومن ثم يقعون في فخ «الاتجار بالعقول»، لذا أنشأنا سابقاً حملة «نحن معك» التي تستهدف تعريف الناس بالصحة النفسية عبر توضيح العديد من المفاهيم ورصد التجارب الشخصية للمشاركين الذين يتلقون المحاضرات لتوضيح العديد من المعارف النفسية المختلفة مثل الاكتئاب، القلق، الرهاب الاجتماعي، وذلك عبر طرق مبتكرة تتمثل في الحوار والرسم والشعر والفن والدراما، وأثبتت تلك الطرق جدارتها في علاج الحالات النفسية، وقد تجولنا في ربوع السلطنة كافة خلال عمل الحملة في السنوات الفائتة، وقد أثبت فعاليتها في الارتقاء بالفرد والمجتمع ومدى تقبل واحتياج المجتمع لمثل هذه العلوم التثقيفية». وأضافت: «على سبيل الذكر لا الحصر سمعنا مؤخراً عما يسمى بـ «خبراء برمجة الفراسة»، وغيرهم الكثير من المسميات الطارئة البعيدة عن كل البعد عن العمل المهني الصحي. بما يتطلب معه إيجاد رؤية أكثر عمقاً تنظم تلك المسائل».

مسودة القانون

من جانبها، قالت رئيسة قسم الصحة النفسية بوزارة الصحة د.أميرة الرعيدان حول منتحلي صفة المعالجين: «وزارة الصحة بصدد إعداد مسودة لقانون الصحة النفسية، من شأنه سن تشريعات لضبط وتنظيم الصحة النفسية. خاصة أن بعضهم يخترق سرية الأشخاص ويتناول معومات خاصة عن الأفراد كالحصول على صور، وكتابة قصصهم الشخصية».
وأضافت: «لابد أن تكون هناك منهجية في تقديم التصاريح للجهات المؤهلة، وأن يكون ذا شهادة علمية معترف بها في ذات المجال، وذلك بعد أن وجدنا مهندسين ومدرسين وفنانين يقدمون دورات في البرمجة اللغوية العصبية وهذا منافٍ لما ينبغي أن يكون، ولابد أن يكون لدينا جهات ذات اختصاص بمنح التصاريح، فهناك الآن أكثر من جهة مسؤولة عن تلك التصاريح منها وزارتا التجارة والصناعة، والقوى العاملة المسؤولة عن منح تصاريح دورات التنمية البشرية، ولابد من الاشتراط أن تكون تلك الدورات عامة وليست ذات اختصاص طبي مثل الوسواس القهري، التوحد، الاكتئاب وكلها مصطلحات وعلوم نفسية بحتة.
وقد طرحت وزارة الصحة مسودة قانون الصحة النفسية بهدف تنظيم الحقوق والواجبات المتعلقة بهذا المجال، ومنها القضية الأكثر خطورة أن بعض الحالات قد تكون غير مهيأة للخروج من المستشفى، لكن لا توجد سلطة قانونية للطبيب أو المستشفى لمنع خروج المريض حتى انقضاء مدة العلاج، ومن ثم يخرج بعض المرضى بما يشكل خطورة على صحتهم وعلى المحيطين بهم في بعض الحالات الحرجة والخطيرة».