بوكو حرام حينما ينقلب السحر على الساحر

الحدث الاثنين ٠٧/مارس/٢٠١٦ ٠٠:١٣ ص

نيويورك - عواصم -
قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن تنظيم «بوكو حرام» المتطرف في نيجيريا وقع ضحية لأزمة الغذاء التي صنعها بنفسه، وباتت الجماعة التي ترعب هذا الجزء من أفريقيا في رحلة بحث عن الطعام. وذكرت الصحيفة -في تقرير بثته على موقعها الإلكتروني- أن إحدى البلدات على حدود نيجيريا شهدت هجوما ضاريا حمل بصمات بوكو حرام، حيث انقض مجموعة من المقاتلين التابعين لهذا التنظيم يقتلون كل شخص يرونه في طريقهم، ولكن هذه المرة بدلا من حرق المنازل واختطاف الأسرى شرع المقاتلون في جمع الأبقار والأغنام وأي أطعمة وجدوها قبل أن يهربوا بها. وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد سنوات من حالة الاجتياح والتمرد المسلح، عبر المنطقة الأفريقية أجبر التنظيم المتطرف مليوني شخص على الهروب من بيوتهم ومزارعهم. وقالت: يبدو أن «بوكو حرام» وقع ضحية للكارثة الغذائية الضخمة التي صنعها. وأوضحت الصحيفة أن «المزارعين هربوا تاركين وراءهم حقولا بوارا، والرعاة قاموا بتغيير مسار الماشية لتفادى أعمال العنف في المنطقة التي أخليت فيها قرى كاملة ليبقى أشخاص قليلون وكذلك موارد قليلة يمكن للتنظيم الإرهابي أن ينهبها». ونقلت الصحيفة تصريحات لمسؤولين بالأمم المتحدة تفيد بأن التجارة في شمال شرق نيجيريا والمناطق الحدودية في أقصى الشمال تم إيقافها، لتترك عشرات الآلاف من السكان على حافة المجاعة، وذلك بجانب إغلاق الأسواق، لأن الباعة لم يعد لديهم شيء يبيعوه، وحتى إذا قاموا بالبيع فإن العديد من المستهلكين خائفون من التفجيرات الانتحارية التي ينفذها «بوكو حرام» وسط الحشود. ولفتت الصحيفة نقلا عن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن هجمات الأسابيع الأولى من العام الجاري، إلى أن البحث عن الطعام هو السبب الذي دفع «بوكو حرام» للتوغل أكثر داخل الكاميرون.

تحرق أطفالا أحياء

في آخر شهر يناير الفائت صرح أحد الناجين من هجوم شنته جماعة بوكو حرام المتطرفة بأنه سمع صراخ أطفال بين الأشخاص الذين قامت الجماعة المتشددة بحرقهم في أحدث هجوم لها بنيجيريا. وأفاد المتحدث العسكري النيجيري مصطفى أنكاس بأن مسلحي بوكو حرام هاجموا منطقة دالوري الواقعة على مسافة 5 كلم إلى الشرق من مايدوغوري، مشيرا إلى أن الهجوم يعد الثالث في الآونة الأخيرة وهو من أكثر الهجمات دموية.
هذا وذكر جنود وأشخاص ناجون، أن عشرات الجثث مصابة بأعيرة نارية وأخرى متفحمة تناثرت في الشوارع إثر الهجوم الذي شنه المسلحون ليلة السبت على قرية دالوري على بعد 5 كلم من مايدوغوري، معقل جماعة بوكو حرام وأكبر مدينة في شمال شرق نيجيريا.
وقال علمين باقورة، أحد الناجين، إن الهجوم المسلح وعملية الحرق استمرت قرابة 4 ساعات، مضيفا أن العديد من أفراد أسرته قتلوا وجرحوا.
من جهته أفاد جندي، في تصريح لـ»أسوشيتد برس» بأن ثلاث انتحاريات فجرن أنفسهن بين الناس الذين تمكنوا من الفرار إلى قرية غاموري المجاورة مما أسفر عن مقتل العشرات.
من جهتها أفادت وكالة «رويترز» للأنباء بأن 65 شخصا على الأقل قتلوا في هجوم جماعة بوكو حرام قرب مدينة مايدوغوري شمال شرق نيجيريا.
وذكر مسؤولون أمنيون وطبيون أن أكثر من عُشر الضحايا احترقت أجسادهم بالكامل ولم يعد من الممكن التعرف عليهم. يذكر أن هجوما انتحاريا استهدف ولاية أداماوا المجاورة، حيث فجر انتحاري نفسه وقتل 10 أشخاص، كما لقي 12 شخصا على الأقل مصرعهم الأربعاء في هجوم على قرية تشيبوك في ولاية بورنو التي اختطف منها 200 تلميذة عام 2014.

من هي جماعة «بوكو حرام»؟

برز في السنوات الأخيرة اسم جماعة «بوكو حرام» النيجيرية في الوسائل الإعلامية باعتبارها واحدة من الجماعات المتطرفة التي تمثل تهديداً في الدول والمناطق التي توجد فيها، شأنها في ذلك شأن تنظيم (داعش) و«جبهة النصرة» في العراق وسوريا، وحركة «الشباب» الصومالية. لكن «بوكو حرام» ليست حديثة العهد، إذ يعود تاريخ تأسيسها إلى يناير 2002، على يد رجل الدين محمد يوسف الذي أعدمته الشرطة النيجيرية في العام 2009. غير أنها برزت أخيراً بعدما كثفت نشاطها ونفذت عمليات إرهابية عدة، ما وضعها في مواجهة مع الجيش والحكومة النيجيرية التي صنفتها بأنها «جماعة إرهابية» محظورة.
وذكرت «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) أن اسم «بوكو حرام» هو مزيج بين اللغة العربية واللغة المحلية (الهوساوية)، إذ تعني كلمة «بوكو» (التعليم الغربي)، وبذلك يصبح اسم الجماعة باللغة العربية «التعليم الغربي حرام».
وبدأت الجماعة المتطرفة عملياتها العسكرية في العام 2009، واستهدفت الجماعة في بداية عملياتها العسكرية مراكز للشرطة ومؤسسات حكومية من خلال سلسلة هجمات نفذتها في مدينة مايدوغوري عاصمة ولاية برنو قبل ستة أعوام. ويتزعم الجماعة المتشدد أبو بكر شيكاو عقب إعدام يوسف، وقامت بمنع ممارسة أي تقليد غربي وتطبيق «الشريعة» في البلاد، وتعد التصويت في الانتخابات وارتداء الأزياء الغربية وممارسة أي تقاليد على علاقة بالغرب «حرام».
وتعتقد الجماعة أن القيم الغربية سبب رئيس للكثير من المشكلات في البلاد، مثل الفساد المستشري والفقر.
وتعد الولايات المتحدة هذه الجماعة «منظمة إرهابية» منذ العام 2013، كما أن زعيمها شيكاو «مجرم دولي» مطلوب للسلطات الأمريكية، ورصدت واشنطن مكافأة بلغت سبعة ملايين دولار لمن يقدم أية معلومات تؤدي إلى القبض عليه.
وتقول: «وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية» (سي آي أي) إن الجماعة لديها حوالى ستة آلاف مقاتل متشدد يسعون إلى إقامة «دولة إسلامية» في شمال شرقي نيجيريا. وتسببت الجماعة بمقتل 17 ألفاً وتهجير حوالى 2.5 مليون شخص من مناطقهم، بحسب إحصاءات الحكومة النيجيرية. ولم تستهدف عمليات «بوكو حرام» الحكومة فحسب، إذ امتدت هجماتها إلى دور العبادة، فأحرقت كنيسة في ولاية بلاتيو وسط نيجيريا في يونيو 2014، فيما قتلت في هجوم على مسجد في مدينة يولا شمال شرقي البلاد في أكتوبر الفائت، حوالى 27 شخصاً وجرح 96، وقتلت الجماعة بتفجير انتحاري في مسجد في ولاية مايدوغري شمال شرقي نيجيريا، 28 شخصاً وجرح 20 آخرين.
ومن أبرز العمليات الإرهابية التي نفذتها الجماعة خطف أكثر من 200 تلميذة من مدرسة في شمال نيجيريا في أبريل 2014، في عملية أثارت استياء دولياً كبيراً.
وتعدت الجماعة الحدود النيجيرية إلى دول الجوار أيضاً، ونفذت عمليات إرهابية عدة في كل من تشاد والنيجر والكاميرون. وأعلنت تشاد الأسبوع الفائت حال الطوارئ في بحيرة تشاد الغربية لأربعة أشهر بعد هجوم لـ«بوكو حرام» أدى إلى مقتل 12 شخصاً.
وفي العام 2014، أعلن شيكاو مبايعته لتنظيم «داعش» الذي يسيطر على مساحات واسعة في سوريا والعراق، وظل يظهر عبر مقاطع فيديو تُنشر على الإنترنت بين الحين والآخر، في وقت أعلنت السلطات النيجيرية مقتله مرات عدة، لكنه يعود للظهور عبر مقاطع صوتية أو مصورة مجدداً، نافياً رواية السلطات حول مقتله.