إعداد: مجموعة من السياسيين والأكاديميين العالميين
عندما اجتمع القادة من مختلف دول منطقة أوروبا والأطلسي في مؤتمر ميونيخ للأمن دخل إطار «الفوز-الخسارة» الذي يحدد العلاقات بين الدول الغربية وروسيا عامه الخامس. وكلما طال أمد هذا الإطار، كلما أصبحت عقدة انعدام الثقة الناتجة عن ذلك أشد إحكاما ــ وكلما تعاظم خطر سيناريو «الخسارة-الخسارة»: أو الصراع العسكري. ويتعين علينا أن نعمل معا لقطع هذه العقدة، والآن.
نعتقد إلى جانب مجموعة من كبار المسؤولين السابقين والحاليين والخبراء من مختلف أنحاء منطقة أوروبا والأطلسي ــ مجموعة القيادة الأمنية الأوروبية الأطلسية ــ أن الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا، على الرغم من الخلافات الكبيرة، قادرة على التعاون في مجالات ذات أهمية مشتركة حيوية. لقد قمنا بعرض ومناقشة أفكارنا لتحسين الأمن لصالح جميع الناس الذين يعيشون في المنطقة، بدءا من الحد من المخاطر النووية وغير ذلك من المخاطر العسكرية.
يشكل الحد من المخاطر النووية والقضاء عليها مصلحة وجودية مشتركة بين الدول كافة. فقد دخلنا عصرا جديدا، حيث قد يؤدي أي خطأ مشؤوم ــ ناجم عن حادث أو سوء تقدير أو خطأ ــ إلى إشعال شرارة كارثة نووية.
في المنطقة الأوروبية الأطلسية اليوم، تتفاقم مخاطر حدوث مثل هذا الخطأ بفِعل التوترات المتصاعدة بين حلف شمال الأطلسي وروسيا ــ وقِلة الاتصالات بين القادة العسكريين والسياسيين. وفي غياب أي مبادرة إيجابية، سوف نستمر في الانجراف إلى الخطر. وفي ميونيخ، تعتزم مجموعة القيادة الأمنية الأوروبية الأطلسية توجيه الدعوة إلى الحكومات للعمل معا من أجل تخفيف مخاطر الصراع النووي.
أولا، ينبغي للدول المسلحة نوويا في المنطقة أن تؤكد من جديد على مبدأ مفاده أن الحرب النووية لا يمكن الفوز بها ولا يجب خوضها أبدا. والاتفاق على هذا المبدأ من شأنه أن يرسل إشارة مهمة ــ مفادها أن الزعماء يدركون مسؤوليتهم عن العمل معا لمنع الكارثة النووية ــ ومن الممكن أن يعمل كأساس لخطوات أخرى عملية للحد من المخاطر التي تفرضها مثل هذه الأسلحة.
ثانيا، ينبغي للدول أن تعمل على الحفاظ على الاتفاقيات والمعاهدات القائمة وتوسيعها، حيث تشكل أهمية بالغة لتعزيز الشفافية والقدرة على التنبؤ بتصرفات القوى المختلفة. وزوال هندسة السيطرة على الأسلحة من شأنه أن يزيد إلى حد كبير من المخاطر النووية التي تهدد الأوروبيين والعالَم.
وقد يكون هذا العام حاسما. ذلك أن كل الدول في المنطقة الأوروبية الأطلسية لديها مصلحة مشتركة في الحفاظ على معاهدة القوات النووية المتوسطة المدى لعام 1987 بين الولايات المتحدة وروسيا، وينبغي لها أن تصر على الامتثال التام من قِبَل الطرفين الموقعين على هذه الاتفاقية. وعلى نحو مماثل، كل الدول في المنطقة الأوروبية الأطلسية لديها مصلحة في التنفيذ الكامل لمعاهدة ستارت الجديدة بين الولايات المتحدة وروسيا لعام 2010 وتمديدها المتبادل إلى العام 2026.
ثالثا، ينبغي لكل الدول أن تدعم التنفيذ الكامل والامتثال الصارم بخطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران. إذ تشكل خطة العمل هذه حصنا بالغ الأهمية ضد انتشار الأسلحة النووية إلى منطقة الشرق الأوسط. وينبغي لنا أن نبني على نجاحها، لا أن نفكر في إنهائها. فالإجراءات التي تتخذها أي دولة مشاركة في خطة العمل لإزالة أو انتهاك شروطها من شأنها أن تزيد من المخاطر النووية في المنطقة وأن تضعف قدرة المجتمع الدولي على التصدي للمخاطر النووية في مختلف أنحاء العالَم.
وأخيرا، يتعين علينا أن ندرك الحقيقة الصعبة المتمثلة في القدرات السيبرانية القادرة على تحويل المخاطر النووية من خلال زيادة احتمالات وقوع حوادث، أو حسابات خاطئة، أو أخطاء. وتتفاقم هذه المخاطر بفِعل احتمال وقوع هجمات سيبرانية من قِبَل قوى غير تابعة لدول بعينها تؤدي إلى سرقة مواد نووية، أو تخريب منشآت نووية، أو إصدار تحذيرات كاذبة عن هجمة صاروخية، أو التدخل في أنظمة القيادة والتحكم النووية.
وتعتزم مجموعة القيادة الأمنية الأوروبية الأطلسية أيضا توجيه الدعوة إلى الحكومات للعمل معا من أجل التوصل إلى تفاهمات غير رسمية على الأقل بشأن المخاطر السيبرانية التي تتعلق بالمرافق النووية، وأنظمة الإنذار الاستراتيجية، والقيادة والتحكم النووي. ويتوجب علينا أن نبدأ بوضع «قواعد طريق» واضحة لمنع العواقب الكارثية المترتبة على هجوم سيبراني يستهدف منشأة نووية أو نشوب حرب عن طريق الخطأ.
الواقع أن المنطقة الأوروبية الأطلسية تواجه مجموعة من القضايا الكبرى اليوم. ولكن لا ينبغي لأي من هذه القضايا أن تصرف انتباه حكومات المنطقة عن السعي الحثيث إلى اتخاذ خطوات عملية للحد من المخاطر الحقيقية. والخطوات التي قمنا بتحديدها هناك هي البداية الصحيحة؛ ويتعين علينا أن نبدأ الآن، قبل أن نصبح عاجزين عن منع الفشل الذريع.