مسافات

مقالات رأي و تحليلات الجمعة ٠٨/يناير/٢٠١٦ ٠٣:١٠ ص
مسافات

في المسافة الفاصلة بين كرسي مسؤول وطاولة موظف ممر يمكن عبوره بأريحية، أو بحذر، لأن العامل، ماسح الرخام لم يجفف الصابون من على الممر كما ينبغي.. لا أكثر.
كلاهما لا يريد الانزلاق..
وكلاهما يحاذر أن يراه الآخر.. منزلقا.
**
وفي المؤسسات الحكومية والخاصة تقوم شركات التنظيف بعملها قدر المستطاع، وحماسة العامل للتنظيف، هناك حيث يلتقي عالمان، عالم الموظف الحكومي / المواطن مع عالم العامل الآسيوي المحسوب على شركات القطاع الخاص، مسافة كبيرة لا يتخيل أحد الطرفين قطعها في اتجاه الآخر.
**
لو أن نفطنا يعود من الأسواق العالمية "خالي الوفاض"، بضاعة ردّت إلينا، هل سنجد طريقنا، مرة أخرى، لعبور المسافة الفاصلة بين زمن النفط، وزمن اللانفط؟!
من يقوم بالكنس والمسح وحمل القمامة إذن؟ في المكتب أو في البيت.. وفي الشارع أيضا.
هل حقا سنبتعد مسافات بين ما عليه أمكنتنا الآن.. وما نتخيل أننا سنصبح عليه لو لم نجد ما ندفعه لهؤلاء؟!
**
في المسافة الفاصلة بين أعلى سعر لبرميل النفط وأدنى سعر، عيون تراقب المشهد بوجل، تمعن النظر أكثر فأكثر لتعرف المسافة الممكنة أمامها للحركة، السباحة في محيط غامض، ومخافة الغرق في لجّة غير آمنة.
يقول مواطن إنه لم يكن يعنيه أعلى سعر، لكن عليه أن ينتبه لمتطلبات وصوله إلى.. أقل سعر، فالمسافة بين الاثنين تتطلب تدقيقا أكثر في المرحلة المقبلة.

**
في المسافة الفاصلة بين المفترض والممكن علامات استفهام؟
ما الذي يمنعنا من فعل "المفترض" والقناعة "بالممكن" والذي قد يتضاءل كلما أوغلنا في سوق المثبطات والتراكمات لتكون حجّتنا أمام ضميرنا: حاولنا، ولم يكن بالإمكان "أسوأ" مما كان، ولا نقول "أفضل" لأن كثيرين منّا لم يطمحوا إليه.. أصلا.
**
وأخيرا:
المسافة الفاصلة بيني وبينك هي ذاتها المسافة الواصلة بيننا.
تصغر أو تكبر بحسب النبض المرتعش اشتياقا في قلبينا.