مسقط - محمد سليمان
في أعلى ارتفاع له منذ بداية الأزمة النفطية في العام 2014 بلغ سعر نفط عُمان تسليم شهر مارس المقبل أمس 64.50 دولار أمريكي، وأفادت بورصة دبي للطاقة أن سعر نفط عُمان شهد ارتفاعا قدره 52 سنتا مقارنة بسعر يوم الجمعة الفائت الذي بلغ 63.98 دولار أمريكي، في حين بلغ معدل سعر النفط العُماني تسليم شهر يناير الجاري بلغ 60.79 دولار أمريكي للبرميل مرتفعا بمقدار 5.19 دولار أمريكي مقارنة بسعر تسليم شهر ديسمبر الفائت. وفي ذات السياق حذر خبراء ومسؤولون من هذا الارتفاع مطالبين بأخذ الحيطة والحذر، مشيرين إلى أنه قد يدعم الموازنة العامة الجديدة، ولكن لا يجب الاعتماد على هذا الارتفاع الذي وصفوه بالغير آمن.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم احتساب متوسط سعر النفط في موازنه 2018 على أساس سعر 50 دولاراً أمريكياً.
نظرة واقعية
الخبير الاقتصادي د. جمعة بن صالح الغيلاني أوضح أن السعر الذي وصل إليه نفط عُمان يعد الأول منذ العام 2014، مؤكدا أن هذا التأثير سُيلقي بظلاله على الموازنة العامة، ولكن كتأثير مؤقت، خاصة وأن أسواق الطاقة الأخرى البديلة تنمو بوتيرة أكثر تسارعاً من الأسواق النفطية.
وأضاف الغيلاني أن الارتفاع الحالي المؤقت يحتاج أن نتعامل معه بحيطة وحذر شديدين، وعدم الاعتماد عليه خلال الفترة المقبلة حتى لا يكون له تأثيرات سلبية، مضيفاً أن هذا الارتفاع جاء نتيجة التقارير الدولية التي نُشرت مؤخرا لكن السوق النفطية على أية حال تنمو بوتيرة بطيئة ولا زال يشوبها التذبذب».
موازنة انتقالية
من جانبها قالت عضو مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية آن بنت سعيد الكندية: «يمكن اعتبار أن موازنة 2018 موازنة انتقالية، حيث إن وصف المجلس الأعلى للتخطيط بأننا وصلنا إلى مرحلة بداية التعافي رغم التحديات. إذ ارتفعت أسعار النفط ووصلت إلى مرحلة من الاستقرار، وعليه فهنا تأتي فرصة وضع الحلول المتكاملة نحو مستقبل النمو في السلطنة، وعلى رأسها التأسيس لشراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، ويدعم ذلك أن الموازنة راعت هذه المرة الاقتراض من الخارج بنسبة 90% وليس الداخل، وذلك لتوفير السيولة للقطاع الخاص حتى يلعب دوره في النمو الاقتصادي، وهو ما يحقق مزيداً من التشغيل الذي يعتبر التحدي الاقتصادي الأول أمام السلطنة، مشيرة إلى أن سعر برميل النفط الذي بنيت عليه الموازنة عند 50 دولارا سعر متحفظ تحسبا لأي تقلب في أسواق سعر النفط الخام.
وأضافت: ليس هناك تغيير بدون ألم، وعليه فإن المرور بمرحلة من التحديات وانتهاز أزمة انخفاض سعر النفط نحو تحقيق التنويع الاقتصادي لن يكون سهلا، وعبئه سيتحمله الجميع إلا أنه من غير المنصف تحميل العبء الأكبر للمواطن محدود الدخل، ومن هنا أدعو إلى ضرورة توسيع شبكة من الضمان الاجتماعي، وما هو بدأته الحكومة بتقديم الدعم لأسعار المشتقات لمن يقل دخلهم عن 600 ريال عماني، وبما أن موازنة 2018 هي موازنة للتنويع الاقتصادي، فإنه من المناسب توضيح نقطة قد كون غائبة، وهو أن التنويع الاقتصادي لا يعني بالضرورة مجرد الحديث عن قطاعات جديدة مثل القطاع السياحي واللوجستي، وإنما قد يكون التنويع عبر التوسع الرأسي في القطاع النفطي نفسه عبر الصناعات التحويلية في مجال البتروكيماويات، فمثل ما لدينا مجمع بتروكيماويات في صحار سيكون لدينا في الدقم بعد إنشاء المصفاة في 2020. إن التنويع الاقتصادي أولا و أخيرا هو تنويع القوى العاملة الماهرة.
وأوضحت الكندية أن الموازنة هي خطة مالية لتوقعات الإيرادات والنفقات وبالتالي العجز ولا تشمل جميع السياسات الاقتصادية، فما زال هناك السياسات النقدية، والتنموية والسياسات القطاعية، وحتى لا نحمل الموازنة هذه الأعباء المالية ونستمر في الاقتراض، فلابد من إصلاحات في المجال التشريعي، وذلك بالتسريع في إصدار قانون الاستثمار وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص والقانون سوق العمل وقانون الإفلاس. كما أن هناك ضرورة لتطبيق الحوكمة للشركات الحكومية وذلك لرفع كفاءة الأنفاق، فهل سيصدر ميثاق الحوكمة للشركات في عام 2018. وحتى لا ننسى التحدي الديموغرافي المتمثل في النمو السكاني ودخول حوالي 44 ألف مواطن إلى سوق العمل كل عام، وبالتالي فإن استدامة الأنفاق على مستوياته الحالية، في ظل الأسعار الحالية للنفط لا شك من الصعب تحقيقه، لذا فإن حزمة من الإصلاحات في السياسات المالية وتفعيل السياسة النقدية، وسياسات سوق العمل، والعمل على رفع أداء القطاع الحكومي، والأهم ربط الإنفاق والأداء بالكفاءة بما يحقق تخفيض الاتفاق الجاري، والتركيز على الأنفاق الاستثماري مع أفساح المجال للقطاع الخاص».
كبح الأسعار
وقالت وكالة موديز انفستورز سيرفيس إنها تتوقع أن تتراوح أسعار النفط بين 40 و60 دولارا للبرميل في 2018، مضيفة أن وفرة إمدادات الغاز الطبيعي الأمريكية ستكبح الأسعار حتى مع ارتفاع الطلب.
وأضافت موديز «من المرجح أن تظل الأسعار في نطاق محدود، وربما تتقلب، بفعل مزيج من زيادة الإنتاج الصخري الأمريكي وانخفاض الإمدادات العالمية، وإن كانت لا تزال كبيرة وعدم الامتثال المحتمل بتخفيضات الإنتاج المتفق عليها، خاصة إذا زاد فتور نمو الطلب، وذكرت «موديز» أن أسعار النفط ارتفعت في أواخر 2017 بدعم من توقعات تمديد «أوبك» اتفاقها لخفض الإنتاج و«اضطرابات سياسية» في منطقة الشرق الأوسط.