مسقط - عزان الحوسني
قال رئيس لجنة التربية والبحث العلمي بمجلـــس الشـــورى سعادة خــالد الفرعي: «إن العلاقــة بين المعلم والطالــب ينبـــغي أن تكون علاقــة ودّ كعلاقة الأب والابن، بمعنى تربية وتعليم من الأب واحترام وطاعة من الابن». وأضاف أنه يجب على الطالب أن يتلهف في هذه العلاقة للحصول على أقصى ما يستطيع من المعرفة التي تجعل منه شاباً ناجحاً منتجاً في الحياة لنفسه وأسرته ووطنه وأمته. وعلى المعلم كذلك أن يسعى لبذل كل إمكانياته لإفادة طلابه، أما إن حصل نشاز في هذه العلاقة كأن يضيع الطالب شيئاً من الواجبات التي عليه فإن للمعلم الحق في تأديب الطالب ولكن بالحدود المسموحة قانوناً وشرعاً والطرق التي تتناسب مع عمر ومستوى الطلاب وتراعي الفروق الفردية بينهم.
وأكد الفرعي أن هذا الأدب لا ينبغي أن يكون من باب التشفي أو أن يصل إلى الضرب المؤذي. وفي المقابل فإن على الطالب احترام معلــمــه وأن لا يتعـــدى عليه بأدنى شيء يقلـل من قـــدره ولو بكلمـــة أو إشارة. وأشار إلى أن للمعلم دوراً كبيراً في غرس الهيبة والاحترام له من خلال كونه القدوة الحسنة لطلابه. ولا يكون في أماكن لا تليق بمقامه، ولا يتعامل مع طلابه بأســلوب يؤدي إلى الضرر به «كالإساءة إليه أو السخرية منه».
موقع المعلم
وعن العلاقة بينه وبين المعلم يخبرنا الكاتب والباحث في التعليم والمواطنة د. رجب بن علي العويسي قائلاً: «بقدر ما يكون الطالب حاضراً في بيئة التعلم واهتمام المعلم والأنظمة والتشريعات والتوجيهات والسياسات والحوارات واللقاءات، بقـــدر ما سيكون هناك أثر في الناتج التعليمي وجودة المخرجات، إذ كل الجهود تصب لصالحه، وتبنى من أجله، وهــذا المنطلق هو الذي بنيت عليه الســـياسة التعليمـــية بالســلطنة، وهو الذي تؤكده جميع النظريات والفكر التربوي المعاصر».
وعن تشكل لائحة شؤون الطلبة واللائحة التنظيمية للمدارس وغيرها من الأنظمة واللوائح التعليمية يقول د. العويسي: «انطلقت منها موجهات العمل بين الطالب والمعلم، عبر اختصاصات المعلم ومسؤولياته وواجباته ومحظوراته، إذ جميعها قد رسمت خطوط العمل بين الطالب والمعلم، وأكدت جميعها على أهمية بناء هذه العلاقة على منطق القوة والاستدامة والعدل والمساواة والاحترام والشراكة والضبطية والمسؤولية التعليمية لكل منهما، فكما أن للطالب حق التعلم، والحصول على المعلومة المفيدة، وتيسير التعلم له، ومساعدته في تجاوز عثراته، ونقله إلى مستوى الشعور بقيمة التعلم، ومتابعة تعلمه وتقييمه، فللمعلم أيضاً حقوق حددتها لائحة شؤون الطلبة واللائحة التنظيمية للمدارس والأنظمة الأخرى بوزارة التربية والتعليم».
وتابع د.رجب عن الممارسات الخاطئة من بعض المعلمين قائلاً: «يبقى حدوث بعض الممارسات غير المسؤولة التي تحصل من بعض الممارسين كاستخدام العصا أو الضرب أو بعض الألفاظ غير المقصودة سلوكاً لا يحكم عليه بأنه يمثل موقفاً تعليمياً رسمياً، على أن هناك العديد من التعميمات والضوابط التي أصدرتها الوزارة في هذا الخصوص، وحددت العلاقة الإيجابية التفاعلية التشاركية الساعية لبلوغ الأهداف، والقائمة على تأكيد العمل معاً، وتحمل المسؤولية التعليمية بين المعلم والطالب، منعاً من أي محاولة لتفسير هذه الممارسات على أنها سلوك تربوي تقره أنظمة الوزارة وتشريعاتها، ونعتقد بأن المعلمين مدركين لهذه التعليمات واعين بها مقدرين لما تقوم به الوزارة من سعي لإبقاء العلاقة الإيجابية متينة بين الطالب والمعلم، لما يمثله ذلك من مسار يدفع إلى جودة التعلم، وقدرة الطالب على الاستفادة من الموقف التعليمي بشكل أكبر، وتوظيف خبرات المعلم وتجاربه بشكل أفضل، ويقلل من حالة الهدر الحاصلة في بيئة التعلم، بسبب سلوك الاندفاع والتهور أو ضعف الالتزام أو سلوك الاستهتار الذي يمارس من قبل بعض الطلبة، وهناك العديد من الإجراءات التي وضعتها الوزارة، ويحق للمعلم أن يتخذها عندما يجد من الطالب عدم الاهتمام واتخاذ سلوك مغاير لقواعد العمل بالصف الدراسي، أو تثير حالة من الإرباك وعدم الانتباه لما يقوم به المعلم، بحيث تتخذ إدارة المدرسة الإجراء المناسب المحدد في لائحة شؤون الطلبة، وعبر وضع ولي أمر الطالب في صورة الإجراء المتخذ وبحضوره للمدرسة».
الإيجابية والتعاون والتكامل
وعن جهود وزارة التربية والتعليم القائمة عبر المديريات والدوائر المختصة بالوزارة يقول العويسي: «المديريات «إدارة التربية والتعليم بالمحافظات التعليمية»، وإدارات المدارس تساهم في زيادة مستوى التوعية والتثقيف بهذه اللوائح والأنظمة، وأهمية وصولها في يد المعلم، وأهمية تبصير الطلبة بحقوقهم ومسؤولياتهم وواجباتهم، ودور إدارات المدارس في توفير بيئات داعمة لسلوك التعاون وثقافة الإنجاز القائم على حرص الجميع على ممارسة دوره في ظل مراعاته للضوابط والتشريعات والتزامه بها، وعززت في الوقت نفسه من أهمية أن تقوم العلاقة الإيجابية بين الطالب والمعلم وتعميق حضورها بشكل أكبر عبر تعدد الأنشطة واللقاءات وتمكين الطلبة وزيادة مستوى الثقة من خلال برنامج الإدارة الذاتية الطلابية والمسابقات التعليمية المختلفة، بما يقلل من الحالات المعاكسة التي قد تصدر من الطلبة ومن الممارسين للتعليم بدون قصد أو نتيجة لضغط معين.
وأخيراً، فإن الأصل في هذه العلاقة الإيجابية والتعاون والتكامل من أجل مصلحة الطالب، وإن ما وضعته الوزارة من إجراءات سواء الطالب أو المعلم، إنما يأتي لإبقاء خيوط الإنجاز النوعي مترابطة، وتقليل حالات الإخفاق أو التذبذب في هذه العلاقات، على أن عمليات المتابع الدورية لواقع العمل المدرسي، والتوعيات المستمرة للمدارس في هذا الشأن، والثقافة القائمة على تعدد المنصات التواصلية بين المدارس والوزارة، واللقاءات الدورية بين المدارس والقيادات التربوية بالوزارة ممثلة في معالي الوزيرة الموقرة، قد أسهمت بلا شك في التقليل من هذه الحالات، وإن كان ثمة انحراف عن هذا النهج، فهو لا يمثل إلا حالة فردية خاصة تعمل الجهات المختصة بالوزارة والمديريات على التعامل معها بكل مهنية، بما يحفظ للمعلم والطالب حقوقهم، ويعزز من مسار الحكمة التي يحتاجها البناء التعليمي الناجح».
وقال المعلم محمد بن علي البوسعيدي عن العلاقة بين المعلم والطالب: «من منطلق مسمى وزاره التربية والتعليم فإنني كمعلم اتخذ في أداء مهنتي أسلوب المربي قبل المعلم، وذلك لرفع المستوى التربوي والأخلاقي أولاً لدى الطالب ثم التعليمي أو التحصيلي، إن التربية هي البنية الأساسية التي يجب أن يقام عليها الإنسان في حياته وعلاقة المعلم مع طلابه يجب أن لا تنحصر في التعامل مع الكتب والمناهج فقط، وإنما يجب أن تزرع بداخله أسس أخلاقية لتصبح العلاقة وطيدة بينهما، فهذا يسهل ويطور العملية التعليمية، وأخيراً كلكم راعِ وكلكم مسؤول عن رعيته».
طرق حل المشاكل
وينصح المعلم محمد المعلمين قائلاً: «مشاكل الطلاب كثـيرة وطرق حلها كثيرة ولكن اختيار الطــريقة المناســـبة قد يختلف من معلم لآخر. ومن أهم الطرق في حل المشاكل معرفة جذور أو أسباب المشكلة أو التشخيص فعند تشخيص المشكلة تشخيصاً دقيقاً نستطيع ابتكار الحل المناسب. أما عن تقوية العلاقة بين المعلم والطالب فقد رأيت أن احترام المعلم لطالبه والإحسان إليه والعدل هي أكثر الأسباب نجاحاً في تقوية صلة المعلم بطالبه، كذلك يجب أن يكون واضحاً عطوفاً صبوراً إيجابياً حازماً «من غير إفراط» بشوشاً من غير ابتذال غير متقلب المزاج بمعنى أشمل هو أن يكون أباً والداً».