خبراء: «أزمة» أم «دورة اقتصادية»؟ السلطنة تجاوزت الواقع بإدارة كفؤة

مؤشر الثلاثاء ١٢/ديسمبر/٢٠١٧ ٠٣:٠٣ ص
خبراء: «أزمة» أم «دورة اقتصادية»؟

السلطنة تجاوزت الواقع بإدارة كفؤة

مسقط - يوسف بن محمد البلوشي

أوضح عدد من المسؤولين والاقتصاديون أن السلطنة تملك جميع المقومات لتكون دول صناعية الكبرى، مشيرين إلى أن ما تمر به السلطنة حاليا هو دورة اقتصادية وليست أزمة، منوهين إلى ضرورة تنمية الموارد البشرية وتسريع الإجراءات وإنهاء البيروقراطية نهائيا، وأشاروا من خلال حلقة نقاشية نضمها مركز البحوث والدراسات الإنسانية بجامعة السلطان قابوس أمس حول إدارة الأزمات الاقتصادية أن السلطنة استطاعت التغلب على الأزمة الاقتصادية بالعديد من الإجراءات الاحترازية وأهمها تقوية الصندوق الاحتياطي، وتخصيص الصندوق منذ بداية الأزمة جزءا من الأموال لمعالجة العجوزات وتمكن من توفيرها، مؤكدين إلى أن التوجهات الحكومية كانت بعدم المساس بمعيشة المواطنين.

عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة المكرم د. سعيد بن المحرمي أكد خلال الحلقة أن ما تمر به السلطنة حالياً هي دورة اقتصادية وليس أزمة اقتصادية وتحتاج إلى فكر اقتصادي يستشرف الأزمات.
وأشار المحرمي إلى أن الأزمة الناتجة عن الدورة الاقتصادية هي خامس أزمة تواجهها السلطنة وبدأت في يوليو 2014.
وأضاف المحرمي أن السمة الأبرز لمعالجة الأزمات الاقتصادية كانت في تقليل الإنفاق والسحب من الاحتياطيات، والأزمة الحالية يضاف إليها الاقتراض الذي ارتفع من 1.5 بليون إلى 11.6 بليون ريال عُماني إضافة إلى الضرائب والرسوم وأهمها الضرائب على الأرباح.
وأوضح المحرمي أن معالجة الأزمة يتم عبر ما أودعته الحكومة من احتياطيات في البنك المركزي واستثمارات داخلية وخارجية وتفعيل السياسة المالية والنقدية خلال فترة الأزمة، مشيراً إلى أن التحديات الرئيسة للاقتصاد العُماني تتمثل في أن الحكومة هي التي تقود الاقتصاد العُماني والذي لا يزال صغيرا ويعادل 5% من إجمالي اقتصاديات مجلس التعاون، وكذلك أبرز مكونات هذا الاقتصاد ما زالت دون المستوى المطلوب، موضحاً أن التحديات كبيرة والحل يمكن في تسهيل بيئة الأعمال، حيث إن الدول تسارع في الإجراءات، وما يعاب علينا البطء في اتخاذ القرار.
من جهته قال الرئيس التنفيذي للصندوق الاحتياطي العام للدولة سعادة عبدالسلام بن محمد المرشدي: إن الأزمة الحالية كانت الأعمق والأطول ولم يتوقع استمرارها بهذه الطريق، موضحاً أن الأزمة الاقتصادية مزمنة بسبب الاعتماد الكبير على النفط، مؤكدا على أن السلطنة تمتلك كل مقومات التحول إلى اقتصاد صناعي فهناك قطاعات كثيرة واعدة، وجميع الحلول موجودة، وما ينقص هو البيئة الاستثمارية والإدارة الفعالة للاقتصاد.
وأوضح المرشدي أن السلطنة نجحت في إدارة الأزمة المالية، مضيفا: «أزمتنا المالية كانت داخلية وكان العالم حولنا منتعش مما سهل عملية الاقتراض، والصندوق استطاع الضخ في الموازنة دون أن تتأثر أصوله أو سمعته المالية وذلك نتيجة لتخصيص الصندوق منذ بداية الأزمة جزء من الأموال لمعالجة العجوزات وتمكن من توفيرها».
وأكد المرشدي أن الصندوق الاحتياطي يسعى إلى توسيع مستوى الشفافية وينشر التقرير السنوي بشكل دوري، مشيرا إلى أن النتائج في العام الجاري ستكون الأفضل للصندوق منذ تأسيسه وساعد في ذلك تغيير استراتيجيته والانتعاش الاقتصادي في العالم.
وأفاد المرشدي إلى أن الصندوق يسعى إلى نقل استثماراته من الغرب إلى الشرق، والاستثمار في الاقتصاديات الآسيوية كالصين، والهند، وإندونيسيا، وذلك بسبب زيادة القوة الشرائية في هذه الدول، مع التوجه نحو التنويع في القطاعات وبأيدي عمانية، مشيراً إلى أن استثمارات الصندوق في الهند ارتفعت من 50 مليون دولار إلى 700 مليون دولار.ومن بين أبرز الصفقات الرابحة للصندوق قال المرشدي: «استحوذ الصندوق على شركة فرنسية في صناعة صمامات القلب بـ 25 مليون دولار وتم بيعها خلال أشهر بـ 60 مليون ريال عماني.
من جانبه قال وكيل الزراعة والثروة السمكية سعادة د. حمد العوفي: إن التوجيهات الحكومية كانت في اتجاه أن كل الإجراءات يجب أن لا تمس معيشة المواطنين بشكل مباشر.وأكد العوفي على أن الحكومة وضعت جدولة للمشاريع واستهدفت المشاريع المنتجة والمشغلة للباحثين عن عمل، مضيفا أن الخطة الخمسية التاسعة احتوت خمسة قطاعات ووضعت لها برامج تنفيذية دقيقة، وكانت بها معالجات للبيروقراطية وحدد مدة زمنية لكل مشروع.وحول قطاع الثروة السمكية قال العوفي: إن بحلول عام 2023 ستكون مساهمة الناتج المحلي بليون و300 مليون ريال عماني، مشيراً إلى أن قطاع الثروة السمكية ينمو بنسبة 11 بالمئة سنوياً.
فيما أكد وزير التجارة والصناعة «سابقا» مقبول بن علي سلطان خلال مداخلته في المناقشات أن الإدارة المركزية للاقتصاد تعد من أبرز متطلبات المرحلة الراهنة والتي تواجه في السلطنة تحديات كثيرة.
وأضاف مقبول أن التحدي الرئيس الذي يواجه السلطنة هو تنمية الموارد البشرية وإيجاد عقول إنتاجية تفرض مقولة «العُماني أولا» وتعزز من وجود الشباب العُماني في مختلف القطاعات الاقتصادية، مشيراً إلى أن الأصل في التوظيف هو للشباب العُماني المؤهل.وأشار إلى أن تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد بشكل كبير على النفط يعد من التحديات الجوهرية التي يعاني منها الاقتصاد العُماني مما يتطلب من القيادات الاقتصادية تسريع النمو في القطاعات الأخرى.
من جانبه قال رئيس مجلس إدارة شركة دبليو جي تاول حسين جواد: «لا توجد معادلة واحدة لإدارة الأزمات ولكن علينا التكاتف لإيجاد الحلول اللازمة للأزمة الاقتصادية التي تمر بها السلطنة».
وأوضح جواد أن السلطنة تحتاج إلى تخطيط متكامل للمستقبل يعتمد على المقومات الرئيسة التي تمتلكها، مفنداً ذلك إلى أن السلطنة تصدر المواد الخام والتي يمكن أن يوجد قيمة مضافة منها إذا ما تمت تهيئة البيئة للتوسع والاستثمار في القطاعات المختلفة. وأشار حسين جواد إلى أن البيروقراطية من الأسباب الرئيسة للتباطؤ الاقتصادي، مضيفاً أن ترخيص بناء فندق يحتاج إلى 27 موافقة من جهات مختلفة ويستغرق عدة أشهر إذا ما لم يكن سنوات.

وكانت الحلقة النقاشية قد بدأت بكلمة لمدير مركز البحوث والدراسات الإنسانية بجامعة السلطان قابوس د. ناصر المعولي وقال فيها: «إن المركز يسعى من خلال تنظيم هذه الحلقة النقاشية المساهمة في إثراء الأفكار والأطروحات الاقتصادية ورفد المشهد الاقتصادي العُماني بإضافات نوعية تحقق للمشاركين والقيادات العاملة في مجال إدارة الأزمات الاقتصادية فرصة لتبادل الخبرات ونقل المعارف والاطلاع على المستجدات الحديثة حول الأساليب المتبعة في إدارة الأزمات الاقتصادية». وأضاف المعولي: «إن هذه الحلقة النقاشية تكتسب أهمية خاصة سواء من حيث التوقيت أو المضمون، حيث إنها تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة متغيرات اقتصادية متسارعة في ظل التذبذبات المتواترة لأسعار النفط منذ منتصف عام 2014، كما إنها تنعقدُ على أعتاب منتصف الخطة الخمسية الحالية (2016 - 2020م)، والتي تُعد الحلقة الأخيرة من الرؤية المستقبلية للاقتصاد العُماني (عُمان 2020) والممهدة للرؤية المستقبلية (عُمان 2040).