مصداقية البيع قبل البناء

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٩/فبراير/٢٠١٦ ٠٠:٢٥ ص
مصداقية البيع قبل البناء

محمود بن سعيد العوفي
alaufi-992@hotmail.com

لعل الجميع يعلم بأن أغلب المستثمرين العقاريين يقومون بطرح بيع حدات سكنية أومحلات تجارية في السوق قبل اكتمالها أو بالأحرى قبل إنشائها «ليس لها وجود على أرض الواقع» فقط تصاميم هندسية للمشروع، بغرض التملك عبر الإعلانات في الصحف المحلية أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.

ونظرا لأن قيمة الوحدة السكنية أو المحل التجاري تدفع للشركة المطورة للمشروع نقدا أو على دفعات على حسب مراحل البناء، فإن من واجب صاحب المشروع تقديم الضمانات الكافية للمشتري، والتي من خلالها يضمن حقه لأي أسباب غير متوقعة، وفي المقابل على المشتري قراءة العقد المقدم من الشركة المطورة أو الشركة الحصرية للتسويق بدقة وعناية لمعرفة حقوقه وواجباته والجزاءات المقدمة من صاحب المشروع في حالة عدم إيفائه بتسليم المشروع في وقته أو قام بتغيير المواصفات المتفق عليها، إضافة إلى التزام المشتري ببنود العقد بشكل كامل.

وقد قنن قانون المعاملات المدنية 29 لسنة 2013 هذا النوع من التعامل بضوابط معينة، حيث إن عقد بيع هذه الوحدات شأنه شأن أي عقد بيع آخر فهو عقد تمليك مال أو حق مالي مقابل ثمن نقدي، ويلزم له توافر أركان ثلاثة، هي: التراضي والمحل والسبب. وبالتالي يعد بيع الشقة السكنية محل عقد البيع ومحل العقد قانوناً يعَرف بأنه العملية القانونية المقصودة من العقد التي يريد المتعاقدان تحقيقها عن طريق العقد، وهي هنا عملية بيع وشراء الشقة السكنية، وهو بذلك يختلف عن محل الالتزام الذي يجب على بائع الوحدة السكنية أن يقوم به لصالح المشتري، ونشأ بمقتضى عقد البيع - وهو القيام بنقل الملكية - التزام يهدف إلى تحقيق العملية القانونية المقصودة من العقد؛ وبذلك يتضح الفارق بين محل عقد البيع ومحل التزام البائع؛ فمحل العقد هو البيع والشراء أي نقل الملكية مقابل الثمن. أما محل التزام البائع، فهو ما يلزمه به العقد من نقل الملكية وتسليم المبيع.
ويشترط في محل عقد البيع أن يكون معينا تعييناً نافياً للجهالة، ففي عقد البيع يجب أن يوضح في العقد موقع العقار الكائن به الشقة والطابق الذي توجد به ومساحتها ومواصفاتها الضرورية، وإلا كان عقد البيع باطلاً للجهالة طبقاً لنص المادة ( 117) من قانون المعاملات المدنية التي نصت الفقرة الأولى منها على أنه يشترط في عقود المعاوضات المالية أن يكون المحل معيناً تعييناً نافياً للجهالة، كما نصت الفقرة الثالثة منها على أنه إذا لم يعين محل العقد على النحو المتقدم كان باطلاً.
كما أن المادة (118) من قانون المعاملات المدنية، أجازت بيع الشقق التي سيتم إنشاؤها مستقلاً بشرط أن يتم تعيينها تعييناً نافياً للجهالة والغرر، فقد نصت على أنه يجوز أن يكون محل العقد شيئاً مستقبلاً إذا عين تعييناً نافياً للجهالة والغرر، وإذا كان البيع بالنموذج يجب أن تكون الشقة مطابقة للنموذج الذي تم الاتفاق عليه مع المشتري، وإذا تبين للمشتري بعد إنشاء الشقة أنها لا تطابق النموذج كان له الخيار بين قبول البيع أو رده، وذلك طبقاً للمادة ( 358 ) من قانون المعاملات المدنية.
وأكد نص المادة ( 378 ) من قانون المعاملات المدنية على أن بعد استيفاء البائع للثمن من المشتري عليه أن يقوم بنقل الملكية إلى المشتري، أما إذا كان سداد الثمن على أقساط مؤجلة، فإنه يجوز للبائع أن يشترط تعليق نقل الملكية للمشتري حتى يتم سداد جميع الثمن حتى لو استلم المشتري الشقة.
ونظراً لكون الشقة محل البيع وحدة عقارية، فإن الملكية لا تنتقل فيها إلا بالتسجيل طبقاً لما نصت عليه المادة الخامسة من قانون السجل العقاري 2 لسنة 1998 التي نصت على اعتبار المباني وحدة عقارية، لذا يلزم تسجيل عقد البيع لدى أمانة السجل العقاري المختصة، لأنه لا يقبل في إثبات الملكية سوى سندات الملكية أو الشهادات المستخرجة من أمانة السجل العقاري، وذلك طبقاً لنص المادة (18) من قانون السجل العقاري.
وفي حالة عدم تسجيل عقد بيع الشقة لدى السجل العقاري، فإن عقد البيع يقتصر أثره على الالتزامات الشخصية بين البائع والمشتري، ولا يكون عقد البيع غير مسجل حجة على الغير، لذا فإنه يجب تسجيل عقد البيع بوصفه منشأً لحق عيني أصلي، وهو حق الملكية، وذلك طبقاً للمواد 28 و29 و30 من قانون السجل العقاري، فإذا امتنع البائع عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لنقل ملكية الشقة للمشتري كان للمشتري أن يلجأ إلى القضاء طالباً إلزام البائع القيام بالإجراءات اللازمة لتسجيل الشقة، باسمه فإذا امتنع البائع عن التسجيل قام حكم القاضي مقام البائع في نقل الملكية للمشتري لدى السجل العقاري.
وعلى ما سبق ذكره قانونيا فأن من الضروري بمكان أن يقوم الشخص بالبحث عن مصداقية المطور العقاري لأن معظم هذه المشاريع يتم بيعها قبل بنائها أو في المراحل الأولية للتشييد بغض النظر عن الشقق أو المحلات التجارية الجاهزة، ولا شك أن مصداقية المطور للمشروع تتضح من حيث سمعته في بناء مشاريع مماثلة، ونسبة النجاح فيها، إضافة إلى جودة العمل المقدم لمالكي الشقق أو المحلات التجارية، فضلا عن جودة عمل المقاول والاستشاري الذي قد يكون عاملا رئيسيا في نجاح وإتمام المشروع في وقته وبالجودة المطلوبة.
أن أوضاع البيع في السوق حاليا تحتاج للكثير من المراجعة، بسبب عدم وجود الأسس والقوانين التي تنظم الشروط الرئيسية المطلوبة في عملية التمليك، وأهمها القوانين التي تحمي المشتري من المشكلات الناجمة بعد البيع، وبالتالي ضرورة توجيه وتوعية المواطنين الراغبين في شراء الوحدات السكنية أو المحلات التجارية، من خلال تنظيم ندوات وحملات توعية في هذا المجال، حتى لا يقعوا فريسة في أيدي من يغرر بهم.