خميس البلوشي
انتخبت الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم مساء أمس الأول الجمعة وفي جلسة غير عادية السويسري جياني اينفانتينو الرئيس الجديد والتاسع لإمبراطورية الفيفا خلفاً للموقوف جوزيف بلاتر ليبدأ الفيفا عهدا جديداً مع رئيس أوروبي جديد ولتستمر هيمنة القارة العجوز على هذا المنصب الكبير..
اينفانتينو هذا الرجل الذي تعرفه الجماهير من خلال قرعة البطولات الأوروبية لكرة القدم كان هو الخيار الأنسب لأستاذه ميشيل بلاتيني الموقوف أيضاً والذي دفع به في اللحظات الأخيرة للتنافس على المنصب الدولي..هذا الرجل حليق الرأس جاء أولا في الدورة الأولى من التصويت بـ ٨٨ صوتاً قبل أن يكتسح المشهد في الجولة الثانية بـ ١١٥ صوتاً بعد منافسة شرسة مع الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم الذي كان هو الآخر في صراع خفي مع الأمير علي بن الحسين وسأعود لهذه المنافسة لاحقاً لكن علينا القول إن جياني وعد الاتحادات الوطنية بمبلغ خمسة ملايين دولار كل أربع سنوات بالإضافة إلى أربعين مليون دولار لكل اتحاد قاري وهو أيضا من مؤيدي رفع عدد المنتخبات في بطولات كأس العالم..الرئيس الجديد للفيفا للمرة الثانية على التوالي من بلد المقر سويسرا ولا شك في أنه كان المرشح الأبرز والأوفر حظاً من الجميع ولا بد أن نكون واقعيين مع أنفسنا ونعلم علم اليقين بأن الأوروبيين ومن معهم لا يريدون تسليم الفيفا لشخصيات آسيوية أو عربية على وجه التحديد لأنهم يعتقدون أنه ملكٌ لهم لا يجب التنازل عنه وأنهم الأحق بإدارته والتصرف فيه مهما كان حجم الفساد الذي تم اكتشافه في السنة الفائتة ..جياني مثلا محسوب على بلاتيني في الاتحاد الأوروبي ومحسوب على بلاتر في الجنسية السويسرية ولا نستبعد أنهما وقفا معه بشكل مباشر وغير مباشر بداية من الترشح للمنصب ونهاية بالجولة الثانية من الانتخابات التي فاز فيها.. هي لعبة الانتخابات التي اعتقدنا نحن أصحاب الهوية العربية أننا قادرون على إتقانها أمام الأوروبيين في امبراطورية الفيفا..سقط ابن همام من قبل بفعل فاعل ثم جاء الدور على الأمير علي بن الحسين الذي وقف في وجه بلاتر بكل شجاعة العام الفائت قبل أن ينسحب في الجولة الثانية وأخيرا حاول الشيخ سلمان أل خليفة وفي ظروف أحسن من سابقيه لكنه لم ينجح..وأعود إلى حكاية تنافس الشيخ سلمان والأمير علي في الانتخابات الأخيرة فقد كانت خطوة مدمرة للطرفين..عندما دخل الأمير علي الانتخابات أمام بلاتر العام الفائت تركه الآسيويون والعرب وحيداً في وجه المدفع ( إلا عدد بسيط) رغم أنه أحد أعضاء الاتحاد الآسيوي( رئيس الاتحاد الأردني ) وقاتل الرجل في الانتخابات بكل بسالة معتمدا على بقية القارات وخرج مرفوع الرأس بعد أن فتح باباً واسعاً لموضوع النزاهة والشفافية في جسد الفيفا..وبعد أن سقط بلاتر وبلاتيني في بيت العنكبوت وظهر فسادهم في البر والبحر وأمام العالم أجمع وفُتحت أبواب الترشح للمنصب ولم يجد الأمير علي نفسه وللمرة الثانية مرشحا وحيدا للقارة الآسيوية فقد زاحمه هذه المرة رئيس اتحاد القارة الذي وجد المشهد يتسع للجميع ليصبح هناك مرشحان عربيان من قارة واحدة كل له أدواته وتحركاته وخططه وبرامجه ..
لم يتفق الإخوة العرب على مرشح واحد في المرة السابقة فكيف يتفقون على مرشحين اثنين في المرة الأخيرة فحدث ما حدث وإن كنت أرى شخصيا أن الأمير علي كان الأحق بالدعم في الانتخابات الأخيرة لأنه مترشح سابق وحصل على أصوات جيدة في ذلك اليوم ( ٧٣ ) صوتاً وكنت أرى أن الشيخ سلمان عليه أن يواصل مشواره في الاتحاد الآسيوي ويحقق أهدافه التي أعلنها في مواقف كثيرة لكن لعبة الانتخابات والمناصب يبدو أنها أجمل مما نتخيل غير أنها بالتأكيد أكثر مرارة مما نعتقد..لا أتفق بتاتاً مع بعض الطرح العاطفي ( رغم أنه حقيقة) القائل إن ترشح الأمير علي أضر بترشح الشيخ سلمان وفرصه في الفوز وأن أصوات الأمير علي في الجولة الثانية تحديدا هي من أسقطت الشيخ سلمان وأهدت الفوز للسويسري جياني وأن العرب فقدوا فرصة ثمينة للفوز برئاسة الفيفا لن تتكرر بسهولة ..من ارتضى الدخول في هذه اللعبة الانتخابية عليه القبول بطرق إدارتها وبنتائجها ولا مجال للعواطف لأنه وببساطة هناك قائل يقول: لماذا لم يقف الشيخ سلمان والاتحاد الآسيوي والعرب جميعاً مع الأمير علي عندما كان المنافس الوحيد لبلاتر في الانتخابات العام الفائت ؟! أليس الأمير علي رجل عربي وآسيوي ؟! ببساطة أكثر ما تقبله على غيرك يجب أن تقبله على نفسك ومن لا يتقن اللعبة على المستوى العالمي عليه أن يتعلمها أكثر ..على كل حال انتهت الحكاية وخسر العرب كالعادة وبات جياني اينفانتينو على رأس الفيفا وعسى أن يكون القادم أفضل لأن كرة القدم أجمل وأثمن من كل هذه الحكايات والتحزبات والفساد الذي أخذ الكثير من روحها الحقيقية..