الثورة الصناعية الرابعة مقاربة اقتصادية مُغايرة

مؤشر الأحد ١٢/نوفمبر/٢٠١٧ ٠١:٥٦ ص

خاص -

يقول تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي إن الثورة الصناعية الرابعة ستُحدث تغييراً جوهرياً في طريقة عيشنا وعملنا وعلاقتنا ببعضنا بعضاً، إيذاناً ببداية فصل جديد في تاريخ التنمية البشرية، حيث تزودها التطورات التكنولوجية المذهلة بالإمكانيات الضخمة، شأنها في ذلك شأن التكنولوجيات التي صاحبت الثورات الصناعية الأولى والثانية والثالثة.

ويتابع التقرير الصادر على هامش إطلاق «خرائط التحوّل العالمي» -وهي أداة معرفية ديناميكية تغطي أكثر من 100 محور بين دول وصناعات: «تؤدي هذه التطورات إلى دمج المجالات المادية والرقمية والبيولوجية في العالم، مبشّرة بوعود عظيمة ومنذرة بمخاطر محتملة. لذا فإن هذه الثورة، بسرعة إيقاعها واتساع نطاقها وعمق حدودها، تدفعنا إلى أن نُعيد التفكير في الكيفية التي تتطور بها بلداننا، وتوفر بها مؤسساتنا القيمة المضافة، بل وإلى أن نجدد رؤيتنا في معنى أن تكون إنساناً. فالثورة الصناعية الرابعة ليست معنية بما تُحدثه التكنولوجيا من تغيُّر فحسب، وإنما بما توفره من فرصة تساعد الجميع، بمن فيهم القادة، وصانعي السياسات، والأفراد باختلاف دخولهم وأوطانهم، على استغلال فروع التكنولوجيا المتقاطعة من أجل بناء مستقبل يحقق الشمول للكافة ويضع الإنسان في بؤرة الاهتمام. وتتأتى الفرصة الحقيقية بالنظر فيما وراء التكنولوجيا، والبحث عن طرق تمكين أكبر عدد من الأشخاص من التأثير على أسرهم ومؤسساتهم ومجتمعاتهم تأثيراً إيجابياً.

ويتطرّق التقرير إلى العلاقات بين الشركات وزبائنها، نتيجة للثورة الصناعية الرابعة، ليصبح نموذجاً يجعل الشركات مدركة لأهمية سرعة الاستجابة لطلب زبائنها المتواصلين دائماً عبر الانتشار الشامل لوسائل الاتصال المتنقلة. ففي يناير 2016، ذكرت خدمة المحمول واتساب أن مستخدميها يتبادلون 42 بليون رسالة يومياً، وعندما أعلنت مجموعة علي بابا الصينية الكبرى للتجارة على الإنترنت عن «يوم العُزّاب» في العام 2015، وصلت قيمة التعاملات على الإنترنت 14 بليون دولار أمريكي في الصين وحدها، حيث كانت نسبة المبيعات عبر المحمول 68 % من قيمة هذه التعاملات. كما أن المناطق التي تعاني من تباطؤ وصول وسائل الاتصال الإلكتروني تبذل قصارى جهدها للحاق بركب المناطق المتقدمة في هذا المجال. إذ تتوقع هيئة النظام العالمي للاتصالات المتنقلة GSM أن يضاف 240 مليون مستخدم إلى عدد مستخدمي الإنترنت على الهواتف النقالة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، في المدة ما بين 2014 و2020. وعلى الشركات أن تفهم أيضاً الطرق التي يمكن استعمالها لتطوير القيمة الرقمية المضافة لمنتجاتها. فعلى سبيل المثال، نشرت شركة تصنيع السيارات الكهربائية «تِزلا» Tesla أنها أدخلت تحديثات على البرمجيات العابرة للأثير OTA، بما يساعدها على الحفاظ على قيمة سياراتها بعد الشراء. وهذا بالإضافة إلى إمكانية ابتكار فرص جديدة للخدمات التي تضيف القيمة.

ابتكار في التعاون

وبحسب المنتدى الاقتصادي العالمي تشجع الثورة الصناعية الرابعة على ابتكار أشكال جديدة من التعاون، ففي كثير من الأحيان تفتقر الشركات العريقة لما يلزم من مهارات وحساسية كي تتطور لتواكب احتياجات الزبائن. في حين أن الشركات حديثة الإنشاء والمقبلة بنشاط على الأعمال بحاجة إلى رأس المال والبيانات الغزيرة التي تتمتع بها الشركات النظيرة الأكثر استقراراً. وكما ورد في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، انه عندما تتبادل الشركات الموارد عبر منابر الابتكار التعاوني، فمن الممكن توليد قيمة لكلا الطرفين وكذا للاقتصادات على نطاق أوسع. بيد أن هذه الأشكال التعاونية تتطلب وجود الشركاء المناسبين، وحجماً ضخماً من الاستثمارات، وقنوات تواصل مستقرة، وعمليات موحَّدة، وقدرة على الاستجابة المرنة للأوضاع المتغيّرة. ومع قبول المؤسسات للشراكات الجديدة، فإنها ستواصل التركيز على فتح نماذج عمل يمكن أن تستفيد من مزايا الشبكات الرقمية.
وتُبرز مبادرة التحوّل الرقمي للصناعات Digital Transformation of Industries، التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي، عدداً من نماذج الأعمال الأخرى المصمَّمة للانتفاع من الثورة الصناعية الرابعة. فالنماذج التي تضع الزبون في أولوية اهتماماتها، وتقتصد في نفقاتها، يمكن أن تستعمل التفاعل في الميادين الرقمية والمادية والبشرية من أجل فتح أشكال جديدة لتعظيم الاستفادة. وتنشئ النماذج العاملة بالبيانات مصادر جديدة لتوليد العائد من الثروة المخزَّنة من بيانات الزبائن المهمين، مما يعزز اعتمادها على التحليلات والبرمجيات لفتح آفاق جديدة للنفاذ.