الغش التجاري في قبضة القانون

مؤشر الأربعاء ٢٧/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٠:٢٢ ص
الغش التجاري

في قبضة القانون

مسقط-
تعد ظاهرة الغش التجاري أحد أهم التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة وتعاني منها غالبية الأسواق العالمية بفعل ما تخلفه من أضرار اقتصادية وصحية وبيئية للمستهلكين.

وتأتي الأجهزة الإلكترونية والكهربائية واحدة من أكثر السلع تعرضًا للغش مقارنة بالسلع الأخرى. وقد أظهر تحليل المؤشرات الإحصائية للنصف السنوي الأول للعام 2017 الصادر من دائرة البيانات والمعلومات بهيئة حماية المستهلك ارتفاع معدل الشكاوى المسجلة في قطاع الأجهزة الكهربائية والإلكترونية مقارنة مع نفس الفترة الفائتة بنسبة 13% وجاء في المرتبة الثانية من بين إجمالي قطاعات الشكاوى.
ويقول سالم بن عبدالله المعدي -تاجر وصاحب محل هواتف- إن خسائر التجار ووكلاء الأجهزة الإلكترونية في العالم تقدر بالبلايين سنويًا بسبب انتشار عمليات الغش والتقليد في الماركات العالمية والعلامات التجارية، وانتشار أسواق لتصنيع البضائع المقلدة في العديد من الدول الآسيوية، لذلك احرص على شراء الأجهزة ومعدات الاتصالات من مصدرها ووكيلها الحصري في السلطنة لضمان جودتها، والتأكد بأنها أصلية وتحمل ترخيص واعتــماد هيــئة تنظيم الاتصالات. وأضاف: بأنه يشترط على المتعاملين في أجهزة الاتصــالات في السلطنة التسجيل لدى هيئة تنظيم الاتصالات والتقيد بالشــروط المحددة ومن ضمنها الالتزام فقط ببيع الأجهزة المعتمدة التي يتم اعتــماد نوعيتها من الهيــئة وفقـا للمعايير العالمية.
ويرى المعدي أن أســـباب ظهـــور الأجهزة المقلدة وملحقاتهــا هو ارتفاع أسعار الهواتف الذكية في الســـلطنة مقارنة بالدول المجاورة، كذلك نقص الخبرة لدى المستهلك فيما يخص أخبار التكنولوجيا الحديثة، وآخر إصدارات الهواتف المحمولة.

مخاطر الأجهزة المقلدة

وأكد مساعد رئيس قسم العلاقات العامة بالهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف الملازم الأول الجلندى بن محمد البلوشي إن رداءة الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، وضعف جودتها تشكل خطرًا على مستخدميها واحتمال وقوع المخاطر تزداد فيها بنسبة أكبر عن الأجهزة ذات الجودة العالية وخصوصاً عند الاستخدام غير الأمثل لها، مما يؤدي إلى وقوع خسائر في الأرواح والممتلكات وفي كل الأحوال فإنه يجب اتخاذ الحيطة والحذر عند التعامل مع الكهرباء بشكل عام، حيث بلغت آخر إحصائية للهيئة العامة للدفاع المدني والإســعاف فيما يتعلق بحوادث الأجهزة الكهربائية بشــكل عام 387 بلاغاً الأمر الذي يوضح ضرورة إتباع وأهمية إرشادات السلامة في التعامل مع الأجهزة الكهربائية.

وأضاف البلوشي إن الكهرباء أصبحت شريان الحياة ولا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال ورغم إيجابياتها وأهميتها فإنها في المقابل ذات خطر بالغ وقد تتسبب في إلحاق الضرر ووقوع الخسائر البشرية والمادية، لذا فإنه من الواجب اختيار الأجهزة والأدوات الكهربائية ذات الجودة العالية والمعتمدة من الجهات المعنية وعدم تحميل المصدر أكبر من طاقته والاهتمام باستبدال وصيانة التمديدات والتوصيلات بين حين وآخر، وضرورة اغلاق الاجهزة بعد استخدامها مباشرة.

أسباب الانتشار
وعن ظاهرة الغش التجاري المتمثل في الأجهزة المقلدة يقول الفضل بن نصير اليحمدي مدير دائرة مكافحة الغش التجاري: «إن هذه الظاهرة تزايدت بشكل كبير بسبب التقدم في مجالات العلوم الطبيعية والكيميائية والبيولوجية، مما ييسر ممارسة الغش وخداع المستهلكين من قبل ممارسي الغش من التجار في أي حلقة كانت من ممارسة التجارة أي من بداية صنع المنتج وحتى بيعه للمستهلك، مما يجعل عملية تحديد المجرم صعبة، كما يصعب تحديد أكان الغش متعمدا أم بسبب الإهمال».

وأضاف اليحمدي: «إن مبالغة أصحاب الوكالات التجارية في أسعار بعض السلع والمنتجات التي تحمل العلامة الأصلية، يدفع المستهلك التوجه الى شراء السلع المقلدة وبسعر أرخص لاعتقاده أنها تؤدي نفس الغرض. ومن الأسباب أيضاً ضعف الوعي الاستهلاكي في الدول التي تنتشر فيها السلع المقلدة، والربح السريع من خلال الاستفادة من سمعة ورواج السلع الأصلية، وسهولة الحصول على التصميم الخاص بالسلع الأصلية، وانتشار السلع المقلدة والرخيصة».
ومن الأسباب أيضا الزيادة في عدد المنشآت التجارية والمؤسسات والشركات وقلة الكوادر البشرية المؤهلة لدى الأجهزة الرقابية المعنية بمكافحة ظاهرة الغش التجاري والتقليد، بالإضافة الى غياب الوعي لدى المستهلك وضعف الوازع الديني والنظرة المادية الربحية الغالبة على أخلاق بعض ضعاف النفوس من التجار وسيطرة القوى العاملة الوافدة على العديد من الأعمال التجارية وانتشار ظاهرة التستر التجاري.

«حماية المستهلك» والحملات التفتيشية
وعن دور الهيئة في مكافحة الغش التجاري أشار اليحمدي إلى أن قانون حماية المستهلك الصادر بالمرسوم السلطاني 66 /‏‏2014م، يحظر تداول أي سلع مغشوشة أو فاسدة أو مقلدة أو غير مصرح بتداولها أو الإعلان عنها، كما جرم تداول أي سلعة أو تقديم أي خدمة قبل استيفاء كافة الشروط الخاصة بالصحة والسلامة والحصول على التراخيص أو الموافقات من الجهات المعنية، كما أوجب على كل سلعة أو خدمة يؤدي استعمالها بطريقة غير صحيحة الى الإضرار بسلامة المستهلك أو أمواله أن يعطى عنها تحذيراً واضحاً ومحدداً باللغتين العربية والانجليزية يبين الطريقة الصحيحة لاستخدامها وسبل العلاج من أي ضرر ينتج عنها. وقد بينت اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك الصادرة بالقرار الوزاري رقم 77/‏‏2017م ما يعتبر مغشوشا أو فاسدا أو مقلداً، كما حددت العقوبات لذلك.

فبالإضافة إلى ما سبق فإن الهيئة تقوم بجولات تفتيشية على محلات بيع الاجهزة الإلكترونية في مختلف مناطق السلطنة وضبط الأجهزة المقلدة ومصادرتها بعد التحقق منها، كما أن أنها تقوم بمتابعة البلاغات المتعلقة بهذه الأجهزة وفي حال عدم اعتراف المزود أكان الجهاز أصلي أم مقلد فإنها تقوم بعرضـــه على صاحب العلامة الأصلي حتى يتحقق منه واستكمال الإجراءات القانونية حيال ذلك. كما أن الهيئة تقوم بدورات تدريبية لمأموري الضبط القضائي بشكل مستمر للتعرف على الوسائل الحديثة في الكشف عن العلامات المقلدة والمغشوشة.

طرق التوعية
ويرى اليحمدي أن التوعية المستمرة للمستهلك في جميع القنوات الإعلامية هي أفضل الحلول ضد ممارسات الغش التجاري والتقليد، ومن خلال الندوات والمحاضرات للمستهلك وإرشاده نحو اختياره السلع الأصلية وكيفية تعامله مع هذه السلع والمنتجات بطريقة آمنة وبأسلوب يكفل له الصحة والسلامة وكذلك الاستخدام الصحيح لهذه السلع، وتحذيره من السلع المغشوشة والمقلدة والآثار السلبية التي قد تنجم عنها.

كما أن استحداث بعض الفعاليات الخاصة بالمستهلك بالسلطنة كجعل يوم له فإن هذا سيؤدي الى مزيداً من التثقيف تجاه السلع والمنتجات المقلدة والمغشوشة، ويحقق توعية جيدة للمستهلك بشكل عام، من خلال تفاعل وسائل الإعلام المختلفة بهذا اليوم.
و تعد السلطنة من بين البلدان الأكثر تعرضا للغش والتقليد كونها بلد مستورد وبذلك تحتم الضرورة الشراكة بين الجهات الحكومية ذات الاختصاص والقطاع الخاص كبيرة وذلك لإيجاد نظام متكامل وفعال بين الجهات التي يكون لها دور في مكافحة الأجهزة المقلدة أو بالأحرى من دخولها إلى السلطنة من جميع منافذها البرية والبحرية أو عبر الشحن الجوي وهذه من أنجع الحلول للحيلولة دون دخولها إلى السلطنة حيث يكون هذا النظام لدى الجمارك و يأتي في المرتبة الثانية توعية المستهلك بطرق الكشف عن الأجهزة و إرشاده بالتوجه إلى المنشئات التي تملك العلامة التجارية المعروفة و أيضا لا يتم السماح لأي أجهزة مستوردة بالدخول إلا بعد إثبات الفحص المخبري و تقديم شهادة مطابقة صادرة من جهات معتمدة في الدولة المصدرة تثبت مطابقتها للمواصفات والمقاييس.

قصة مستهلك
ويذكر المستهلك فهد النعماني تجربته في التعرض لغش تجاري بدون معرفته وذلك بعد تعرضه لحادث مروري فيقول النعماني، ويقول: «بعد انتهائي من إجراءات التأمين تم تحويل المركبة للتصليح في أحد ورش إصلاح السيارات ودفعت مبالغ كمساهمة من أجل تغيير كل قطع الغيار من الوكيل المعتمد واستلمت المركبة بحاله جيدة».

وبعد ثلاث سنوات حدثت أعطال في بعض قطع الغيار التي تشملها ضمان الوكيل وبعد الفحص تم إبلاغي بالموافقة على تغيير كل القطع التي تشملها الضمان ماعدا مبرد السيارة «الراديتر» لأنها ليست أصلية. بالرغم من أن الفواتير التي بحوزتي تظهر أن التأمين دفع مبلغ للوكيل لشراء قطعه أصلية ولكن ورشة إصلاح الســـيارات اســتغلت القطعة الأصلية وتم تركيب مبرد تقليد غير أصلي. توجهت بعدها إلى هيئة حماية المستهلك وقدمت شكوى رسمية مرفقة مع الإيصالات وتقرير من الوكيل تثبت بأن القطعة الموجودة في السيارة غير أصلية، وتم اتخاذ الإجراءات من قبل الهيئة المتمثلة في دائرة مكافحة الغش التجــاري ضــد ورشة إصــلاح السيارات، وتم تركيب قطعة جديدة من الوكيل.

وأضاف النعماني أطالب المستهلكين بعدم التنازل عن حقوقهم والتوجه للهيئة في حال تعرضهم للغش أو الاحتيال كما أتقدم لجميع موظفي الهيئة بالشكر الجزيل على سهولة وسرعة إنجاز إجراءات الشكوى وحل القضية.