تمكين الفتيات صحياً واجتماعياً

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٦/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٤:٠٤ ص

بيورن لومبورج

في قرعة الحياة، عندما تولد امرأة في بلد فقير تكون في وضع صعب جدًا. فالمرأة في البلدان الفقيرة تعاني من أعلى نسبة انتشار الفقر من أي فئة ديمغرافية أخرى في العالم، إلى جانب أسوأ الظروف الصحية، وأقل فرص الحصول على التعليم، وأكثر عرضة للعنف.

إن عدم تمكين المرأة – المتجسد في الإقصاء من العمل وانخفاض الأجور - يكلف العالم 15.5%من الناتج المحلي الإجمالي. إن حرمان المرأة من فرص تطوير إمكاناتها يدل على تخلي المجتمعات عن مساهمتها. غير أن الواقع المحبط هو أنه يصعب تحديد حلول فعالة لمعالجة الهوة الواسعة بين الجنسين.

وتحذر منظمة الصحة العالمية من أن النساء اللاتي يعانين من مشاكل صحية طويلة الأجل ومعدلات أعلى للوفاة في فترة الولادة.
إن زواج الأطفال هو عرف آخر غير مقبول يحرم الفتيات من فرص العيش الكريم. وفي الفترة ما بين العام 2011 والعام 2020، ستصبح أكثر من 140 مليون فتاة في جميع أنحاء العالم عرائس أطفال - وذلك ما يعرف في الأمم المتحدة بالزواج قبل سن 18. وفي تسعة بلدان - النيجر وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وبنغلاديش ومالي وغينيا وجنوب السودان وبوركينا فاصو، ومالوي - تقدر اليونيسيف أن معدلات زواج الأطفال أعلى من 50%.وبالنسبة للعرائس الصغار، فإن الآثار بعيدة المدى: انخفاض مستويات التعليم ومكتسبات الحياة، وارتفاع معدلات العنف المنزلي، وزيادة خطر الوفاة أثناء الحمل أو الولادة، وزيادة معدلات وفيات أطفالهن.

إن القوانين وحدها ليست كافية لمعالجة المشكلة. في بنغلاديش، على سبيل المثال، يتم تزويج 52٪ من الفتيات قبل سن 18 القانوني. العديد من القوانين التي تحظر تزويج الأطفال والمهر كان لها تأثير ضئيل، حيث تتزوج 18 % من الفتيات - أعلى معدل في العالم - قبل بلوغهن سن 15. وكان للبرامج التي تقودها الجماعات المحلية لتوجيه و إعطاء المهارات الحياتية للمراهقات تأثير محدود.
ويشير التحليل الذي أجراه اقتصاديون من جامعة ديوك ومعهد عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر في بنغلاديش إلى أن توفير الحوافز المالية لتأخير الزواج يمكن أن يكون أكثر الاستراتيجيات فعالية. والفتيات في أفقر 20 في المائة من سكان العالم هن أكثر من ضعفي الفتيات في أغنى 20 في المائة ومتزوجات في سن الطفولة.
وقدم برنامج واعد في جنوب بنغلاديش زيت الطهي لأولياء أمور الفتيات غير المتزوجات. وكل أربعة أشهر، يتلقى المشاركون أربعة لتر من الزيت، مشروطا برصد يؤكد أن الفتيات ما زلن غير متزوجات.
وقد نجح هذا الحافز المتواضع: فبنات المستفيدين أقل عرضة للتزويج بنسبة 30 % قبل 16 عاما، مما يؤدي إلى تحقيق فوائد أعلى بأربع مرات من التكاليف. وقد حقق البرنامج تحسنا ملحوظا في مستويات تعليم البنات: حيث زادت نسبة البنات في المدارس إلى 22 في المائة.
وهذا أمر هام، لأن أحد العناصر الرئيسية للأهداف الإنمائية للألفية، الذي اختتم في العام 2015، هو القضاء على التفاوت بين الجنسين في التعليم الابتدائي والثانوي. وقد أحرز تقدم جيد في القطاع الأولي، غير أن الحصول على التعليم الثانوي والجامعي ما زال غير متكافئ إلى حد كبير. كما انخفضت الفوارق في الالتحاق بالتعليم الابتدائي في جميع المناطق، ولكن أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا زالت متخلفة.
ومن شأن تقليص الفجوة بين الذكور والإناث في التعليم أن يعود بالفائدة على الجيل المقبل أيضا. إن المزيد من التعليم للفتيات يؤدي إلى نتائج صحية وتغذية أفضل لأطفالهن.
كيفية تحقيق ذلك سوف تختلف. فتوفير الزي المدرسي المجاني، على سبيل المثال، يساعد في بعض الأماكن، ولكن ليس في كل مكان. وفي بنغلاديش، كان للتدخل من أجل تخفيض تزويج الأطفال فوائد إضافية في تعزيز التعليم الثانوي. وتبين البحوث الجديدة أن الأموال التي تنفق على الصعيد العالمي من أجل الحد من التفاوت بين الجنسين في مجال التعليم تسفر عن فوائد تزيد بنحو خمسة أضعاف عن التكاليف.
ومن الصعب تحليل الكثير من الأفكار الجيدة، بل والأفكار الجيدة التي لا شك فيها للحد من عدم المساواة بين الجنسين. ومن شأن ضمان تمتع المرأة بحقوق طبيعية مثل توقيع العقود، أو تسجيل نشاط تجاري، أو فتح حساب مصرفي أن يكلف شيئا ضئيلا ويمكن أن يكون له فوائد بعيدة المدى. وعلى الرغم من مشاكل البيانات، حددت لجنة من الحائزين على جائزة نوبل التي عقدها توافق كوبنهاغن مثل هذه التدابير كأحد أفضل الأهداف الإنمائية 19 التي تسعى إلى تحقيقها، حيث أن كل دولار أنفق سينتج قيمة تزيد عن 15 دولارا.
ونحن نعلم كيف نتعامل مع مشكلة واحدة - ولدينا بيانات وافرة عن التكاليف والمنافع. إن حوالي 225 مليون امرأة يرغبن في تجنب الحمل لا يستخدمن أساليب آمنة وفعالة لتنظيم الأسرة مثل وقف الإنجاب لسنة او سنتين عبر وسائل المباعدة بين الولادات. وتتراوح الأسباب من عدم الوصول إلى المعلومات أو الخدمات إلى نقص الدعم من أزواجهن أو مجتمعاتهن المحلية.
ومن شأن ضمان حصول الجميع على وسائل المياعدة بين الولادات أو منع الحمل أن يكلف 3.6 بليون دولار سنويا، ولكنه يعني 000. 150 حالة وفاة للأمهات و 000.600 من الأيتام. وعلاوة على ذلك، فإن العائد الديمغرافي من عدد أقل من المعالين والمزيد من الناس النشيطين ضمن القوى العاملة من شأنه أن يعجل بالنمو الاقتصادي. وسترتفع الفوائد الإجمالية 120 مرة أكثر من التكاليف.
لا توجد إصلاحات سريعة لردم الهوة والفروقات غير الواقعية بين الجنسين، ولكن هناك شيء واحد واضح: ليس كل الجهود جيدة على قدم المساواة أو مدعَمة من البيانات السليمة. وعلى أسس أخلاقية واقتصادية، ينبغي لواضعي السياسات أن يعتمدوا التدابير التي تبذل أقصى ما يمكن لتمكين الفتيات والنساء.

مدير مركز توافق آراء كوبنهاجن