أربيل - إسطنبول - - وكالات
يشارك نحو خمسة ملايين نسمة في مناطق خاضعة لسيطرة الأكراد في شمال العراق في استفتاء غير ملزم على الاستقلال يوم غد الاثنين. وسيجيب المشاركون في الاستفتاء بنعم أو لا على سؤال «هل تريد إقليم كردستان والمناطق الكردية خارج إدارة الإقليم أن تصبح دولة مستقلة؟».
رفض عراقي
من جانبه أكد رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أمس السبت، موقف العراق الثابت برفض استفتاء إقليم كردستان لعدم دستوريته، لافتًا إلى أن الأولوية هي للحرب ضد الإرهاب وتحرير كامل الأراضي العراقية.
وقال مكتب العبادي -في بيان أوردته قناة (السومرية) الإخبارية- «إن رئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي، استقبل في مكتبه رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق، يان كوبيتش»، مضيفًا أن كوبيتش، هنأ بالانتصارات العراقية المتحققة على عصابات «داعش» الإرهابية في عانة والحويجة.
وأبدى رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق، يان كوبيتش، إعجاب العالم كله بما حققه العراق في حربه ضد الإرهاب، مشيرًا إلى موقف الأمم المتحدة الواضح برفض الاستفتاء في إقليم كردستان وأهمية اللجوء إلى الحوار.
وأضاف أن الإجماع الدولي كان واضحًا في بيان مجلس الأمن الدولي، الذي أبدى معارضته للاستفتاء الأحادي الجانب؛ لأن من شأنه زعزعة الاستقرار في المنطقة، موضحًا أن دول العالم متمسكة بسيادة العراق ووحدته وسلامة أراضيه.
لماذا الاستفتاء؟
تقول حكومة إقليم كردستان شبه المستقل في شمال العراق إن الحكومة المركزية في بغداد لم تحترم الحكم الذاتي الذي حدث بعد الإطاحة بصدام حسين العام 2003 في غزو قادته الولايات المتحدة.
تقول حكومة إقليم كردستان إن الاستفتاء يقر بالمساهمة الحاسمة التي قدمها الأكراد في مواجهة تنظيم داعش بعد انهيار الجيش العراقي أمامه العام 2014 وبعدما بسط سيطرته على ثلث العراق.
النتيجة المرجحة
ستكون نتيجة الاستفتاء تصويت الأغلبية «بنعم» على الأرجح. وتخطط حكومة إقليم كردستان التي يقودها مسعود البرزاني إلى استخدام هذا التصويت كتفويض شرعي للضغط من أجل إجراء مفاوضات مع بغداد ودول الجوار للوصول إلى الاستقلال.
تعتقد بغداد أن التصويت قد يحدث انقسامًا فوضويًا بالعراق في الوقت الذي يكافح فيه من أجل إعادة الإعمار وعودة اللاجئين. وهي تعرض إجراء محادثات لحل النزاعات على الأراضي وموارد الطاقة والمشاركة في السلطة بما في ذلك وضع منطقة كركوك متعددة الأعراق الغنية بالنفط.
المعارضون
يخشى جيران العراق من انتقال عدوى الانفصال إلى سكانهم الأكراد. وبتركيا أكبر أقلية كردية بالمنطقة، وهي تقاتل لإنهاء تمرد كردي في جنوبها الشرقي منذ العام 1984. أما الأكراد الإيرانيون فقريبون ثقافيًا من أكراد العراق ويتحدثون اللغة الكردية ذاتها. كما أن طهران قريبة من الأحزاب السياسية التي تحكم العراق أو تتولى مواقع أمنية أو حكومية مهمة منذ العام 2003.
وتعصف بسوريا حرب أهلية يسعى فيها الأكراد لحكم ذاتي.
الاستفتاء يعارضه الجميع تقريبًا بما في ذلك الولايات المتحدة والأمم المتحدة خشية زعزعة استقرار العراق في وقت لم تضع فيه الحرب على تنظيم داعش أوزارها.
بؤرة التوتر
كركوك مدينة متعددة الأعراق تقع خارج إقليم كردستان ويقطنها أكراد وتركمان وعرب ومسيحيون آشوريون. ولدى كركوك احتياطيات نفطية كبيرة وهي تصدّر النفط الخام من خلال خط أنابيب عبر البحر المتوسط يمر من إقليم كردستان العراق وتركيا. وإذا قررت تركيا إغلاق خط الأنابيب فسيحرم ذلك حكومة كردستان في أربيل من معظم دخلها من العملة الصعبة.
ينتج إقليم كردستان العراق نحو 650 ألف برميل نفط يوميًا من حقولها بما في ذلك حوالي 150 ألف برميل من مناطق كركوك المتنازع عليها. ويمثل إنتاج الإقليم 15 في المئة من إجمالي الإنتاج العراقي ونحو 0.7 في المئة من إنتاج النفط العالمي. وتطمح حكومة إقليم كردستان إلى إنتاج ما يربو على مليون برميل نفط يوميًا بحلول العام 2020.
أهمية إقليم كردستان
تهيمن شركات نفط متوسطة الحجم مثل جينيل ودي.إن.أو وجلف كيستون ودانة غاز على إنتاج النفط في كردستان. ولدى شركات النفط الكبرى مثل شيفرون وإكسون موبيل وروسنفت مشاريع أيضًا في كردستان لكن أغلبها في المرحلة الاستكشافية. غير أن شركة النفط الروسية العملاقة روسنفت أقرضت حكومة إقليم كردستان ما يزيد على بليون دولار بضمان مبيعات النفط وتلتزم بأربعة بلايين دولار إجمالًا لمشاريع مختلفة في كردستان. وأقرضت مؤسسات تجارية دولية، مثل فيتول وبيتراكو وترافيجورا وجلينكور، نحو بليوني دولار إجمالًا لكردستان بضمان مبيعات النفط. وقدّمت تركيا أيضًا 1.5 بليون دولار في المجمل دعمًا لأربيل في العامين الأخيرين.
مَن يحق لهم التصويت وأين؟
يحق التصويت لجميع السكان المسجلين الأكراد وغير الأكراد في المنطقة الخاضعة للأكراد بشمال العراق. وتشمل المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد مناطق داخل الحدود الرسمية لإقليم كردستان ومناطق محيطة سيطرت عليها قوات البشمركة خلال حربها مع داعش.
وتقع كركوك خارج إقليم كردستان وتطالب بغداد بالسيطرة عليها.
وسيُسمح للنازحين داخليًا من المناطق المتنازع عليها بالتصويت. كما يُسمح للأكراد العراقيين المقيمين بالخارج بتقديم بطاقات اقتراع إلكترونية أمس واليوم.
بماذا تطالب تركيا؟
دعت تركيا إقليم كردستان العراق إلى إلغاء الاستفتاء المزمع على الاستقلال قائلة إنه سيمثل تهديدًا لأمنها وسيضطرها إلى فرض عقوبات على جار وشريك تجاري.
وقال المتحدث باسم الحكومة التركية، بكر بوزداج، في مؤتمر صحفي «جميع الخيارات مطروحة» فيما يتعلق بالاستفتاء رغم أنه امتنع عن الإدلاء بتفاصيل بشأن العقوبات المترتبة على ذلك.
وأضاف بوزداج للصحفيين: «من غير الممكن بالنسبة لنا أن نقبل تأجيل الاستفتاء. نطالب بإلغاء كامل حتى لا نضطر إلى فرض عقوبات».
جاءت تعليقات بوزداج بعد اجتماعين متتاليين للحكومة ومجلس الأمن القومي في تركيا. ورأس الاجتماعين الرئيس رجب طيب أردوجان. وقال الرئيس أيضًا إن البرلمان اجتمع أمس السبت لمناقشة الرد على الاستفتاء.
وفي وقت سابق دعا مجلس الأمن القومي رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني إلى وقف إجراءات الاستفتاء.
وقال المجلس إن تركيا تحتفظ بحقوقها الواردة في اتفاقيات ثنائية ودولية إذا أجري الاستفتاء. ولم يذكر المجلس طبيعة تلك الحقوق.
وحذّرت تركيا، التي يوجد بها أكبر عدد من الأكراد في المنطقة وتقاتل تمردًا كرديًا، من أن أي تقسيم للعراق أو سوريا قد يؤدي إلى صراع عالمي.
وقال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إن الاستفتاء مسألة تمس الأمن القومي التركي، وإن أنقرة لن تقبل أبدًا تغيير الوضع في العراق أو سوريا.
وأضاف يلدريم: «أي تحرك يؤدي لتغيير الوضع في سوريا والعراق هو نتيجة غير مقبولة لتركيا وسنفعل ما يلزم».
وكان الرئيس التركي قد هدد بفرض عقوبات على الأكراد في شمال العراق.
وبدأ الجيش التركي يوم الاثنين تدريبًا عسكريًا ضخمًا قرب معبر الخابور الحدودي وقالت مصادر عسكرية إنه سيستمر حتى 26 سبتمبر أي بعد يوم من الاستفتاء المزمع.
وتعتبر تركيا منذ سنوات الوصلة الرئيسية بين حكومة إقليم كردستان والعالم الخارجي. وقد أقامت روابط تجارية قوية مع المنطقة شبه المستقلة التي تصدّر مئات الآلاف من براميل النفط يوميًا للأسواق الدولية عبر تركيا.