ناصر بن سلطان العموري
abusultan73@gmail.com
المتقاعدون هل هم الفئة المنسية كما يصفون أنفسهم... وهل من يخرج للتقاعد يكون أشبه بالذكرى لا حقوق ولا مميزات ولا حتى اهتمام ؟!
لو نظرنا إلى حال المتقاعدين في الدول الغربية فهم أحسن شأنا وأرفع حالاً من مثلهم في الدول العربية فهناك لهم الاولوية وقصب السبق في جميع الامور بل لهم من الميزات ما لهم. والذي دعاني للتطرق لهذا الموضوع هو تلك المناشدة التي تلقاها عمود نبض قلم عبر البريد الإلكتروني لمواطن يسرد واقع حال المتقاعدين في القطاع الخاص ننقلها لكم بكل أمانة وشفافية في الطرح:
"أنا مواطن عماني أعمل في القطاع الخاص منذ مدة ليست بالقصيرة أفنيت فيه سنوات عمري وعرق جبيني. نعم، هناك بعض القرارات الإيجابية التي تم اتخاذها فيما يتعلق بمصلحة المواطن العامل بالقطاع الخاص في الآونة الاخيرة إلا ان الهوة مازالت شاسعة بل عميقه بين القطاع الخاص والعام على الرغم من أن القطاع الخاص هو المحرك الرئيسي والعمود الفقري للاقتصاد الوطني سواء كان النفط والغاز والكهرباء واﻻتصاﻻت والصناعة وغيرها... إذن، والسؤال هنا للجهات المعنية: لماذا حق المتقاعد في القطاع الخاص مهضوم بل يكاد يكون معدوما؟ فلا راتب يغني عن احوال الدهر المتقلبة ولا مميزات تدفع المتقاعدين الى وضع أفضل.. هذا على الرغم من أن التامينات الاجتماعية تملك استثمارات كبرى وبها أكبر صندوق تقاعدي على مستوي السلطنة ولكن فى المقابل تمنح أقل مميزات للعامل لديها عند التقاعد بل إن مكأفاة ما بعد الخدمة فيها إجحاف في حق المواطن فلا تحصل على مكافأة إلا اذا وصل عمرك 60 عاما أو حالة وفاة أو مرض - عافاك الله - لماذا ﻻ يكون له نفس مميزات الصناديق التقاعدية الاخري بالسلطنة؟ فكلنا عمانيون نخدم وطننا الحبيب عمان فأين المساواة هنا؟.. لا أقول سوى (ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء)".
مناشدة خرجت من صميم طارحها ومن غيرته على بلده واخوانه العاملين في القطاع الخاص وهي انعكاس لواقع الحال لما يعانيه هو وآخرون. نعم، هناك فئة تتوق إلى التقاعد لكي تعيش في بحبوبة مالية نظير راتب التقاعد المجزي لدى بعض الجهات، وفي المقابل هناك فئة أخرى وتكاد تكون الاكثرية لا تود سماع هذه الكلمة لانها عندهم بمثابة الراحة الجسدية التي يكمن فيها شقاء الفكر والبال فليس كل أنظمة التقاعد سواء.
ومن خلال استقرائي للامر تبينت أن الدراسات الخاصة بالتقاعد والمتقاعدين في الوطن العربي ضئيلة للغاية، بعكس الدول المتقدمة، والمتوفر منها ركز على البعد الإنساني والاجتماعي، وعلى مدى الاستفادة من المتقاعدين... ومعظم هذه الاجتهادات ركزت على الحالة الاجتماعية للمتقاعدين، ولكن ما يخص أمر الاستفادة منهم كخبرات وبنُظم مدروسة ومنضبطة يبقى ضعيفاً أو منعدماً للاسف.... فالمطلوب هنا هو راحة المتقاعد بمميزات تعينه على الحياة بعد التقاعد لا سيما اذا كان لديه اعباء مالية سابقة. وللاسف فإن الكثير من الجهات سواء الحكومية او الخاصة او حتى العسكرية منها تمنح التقاعد دون النظر للاحوال المالية للمتقاعد ان كانت لديه قروض والتزامات مادية ربما تقف حائلا لاسيما اذا علمنا ان الراتب بعد التقاعد قد يهوي الى ما يصل إلى ربع الراتب الاجمالي فمن أين له ترتيب اموره وقد باغته ريب التقاعد؟
ومن اوجه الاهتمام في الدول الغربية بالنسبة للمتقاعدين الاستفادة من خبراتهم بما يتناسب مع اوضاعهم وبما لا يقلل من شأنهم. في المقابل، في بلدنا ونتيجة لعوز الحالة المادية لدى البعض قبل التقاعد واستفحالها بعده نجده يعمل في اماكن لا تناسب البتة حاله وعمره ووظيفته قبل التقاعد. ولكنها الحاجة يا سادة.
ما هو المطلوب الان؟ أعتقد أن المطلوب واضح وضوح الشمس وهو الاهتمام بالمتقاعد وايجاد جهة تعنى وتهتم بالمتقاعد نفسيا واجتماعيا بل وترعى شؤونه غير صناديق التقاعد الموجودة حاليا والتي لها اختصاصات معينة، وعدم اعتباره من الماضي بعد خروجه من العمل فهو قد خدم وطنه وأفنى زهرة شبابه في سبيل رقيه وتطوره فلا يجب اهماله ونسيانه.
نعم، ليس كل المتقاعدين سواء من الناحية المادية ولكن جلهم قد يكون بحاجة لرعاية وعناية واهتمام حتى يستشعر أنه ما زال عنصرا مهما ومشاركا في المجتمع.