المستهلك تحذِّر: الألـوان الصناعـيـة تهدد صحة الأطفال

مؤشر الأربعاء ١٣/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٤:٢٠ ص
المستهلك تحذِّر: الألـوان الصناعـيـة

تهدد صحة الأطفال

مسقط -

يُمثِّل الغذاء عاملًا أساسيًا من عوامل العيش والبقاء، لكنّ هذا العامل على أهميته قد يكون سببًا في إصابة الإنسان بأمراض عديدة إذا أُسيء استخدامه، أو إذا أضيفت إليه مواد تتفاعل فيما بينها لتنتج سمومًا تتحرك في الجسد مُحدثة آثارًا لا تُحمد عُقباها.

وكون الأطفال في مراحل نموهم الصغيرة يعتمدون على الغذاء بشكل كبير فإنه من الأهمية بمكان أن يكون غذاؤهم صحيًا وخاليًا من الشوائب، ومن بينها الألوان الصناعية المُضافة إلى الأغذية.
تقول مختصة ضبط جودة سلع وخدمات بالهيئة العامة لحماية المستهلك أسماء بنت محمد الشريقية: «إن الغذاء وفقًا للتشريعات الغذائية لا بد من أن يكون آمنًا وصحيًا للمستهلك، وأن يتوافر به حد معين من الجودة والنوعية بحيث يكون خاليًا من الغش والخداع وأي تضليل، وفي هذا الإطار فإن الأغذية المصنعة تضاف لها مواد طبيعية أو صناعية بهدف تغيير إحدى الصفات الغذائية كتحسين عملية الحفظ أو الصفات الحسية أو الطبيعية للمنتج النهائي أو للحد من تعرض المستهلك للتسمم والأضرار الصحية نتيجة للحفظ وطرق التداول غير الملائمة، ومثال ذلك إضافة المواد الملونة للأغذية المصنعة بهدف زيادة إقبال المستهلكين وجذب انتباههم نحو شرائها وتناولها عن طريق إعطاء الغذاء مظهرًا رائعًا ومثيرًا للحواس، والتي غالبًا ما نجدها مكتوبة على عبوات المواد الغذائية المصنعة وبعض مستحضرات التجميل وغيرها على هيئة الرمز E متبوعًا بالأرقام من 100 إلى 199».

أمان المواد الملونة

تضيف الشريقية: «تتبادر إلى أذهان المستهلكين كافة بعض التساؤلات المتعلقة بمأمونية المواد الملونة المضافة للأغذية وإلى أي حد يمكن استهلاكها كونها تدخل في غالبية المواد الاستهلاكية سواء كانت غذائية أو غيرها، ومن هذا المنطلق عملت جهات دولية عدة بالتعاون مع بعضها من أجل سن تشريعات وقوانين ولوائح ليست للمواد الملونة المضافة للغذاء فقط، وإنما لكافة أنواع المضافات الغذائية ومن ضمن هذه الجهات الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية واللجنة العلمية للغذاء (SCF)، وهيئة الدستور الغذائي ذات الصفة الدولية المرجعية العالمية للمستهلكين ومنتجي ومصنعي الأغذية والتي تمثل المرجع لأجهزة رقابة الجودة سواء على الصعيد المحلي أو الدولي أو على صعيد التجارة الدولية، ووفقا لتلك التشريعات فإن العاملان الأساسيان لسلامة المواد المضافة للغذاء هما: التركيز والحد الأقصى لتناول المادة المضافة».

جهود الهيئة

وأكدت الشريقية على أن الهيئة تعمل إلى جانب الجهات الرقابية الأخرى بصفة مستمرة من أجل التأكد والتحقق من مدى مطابقة المنتجات كافة الموجودة بالأسواق المحلية للسلطنة للمواصفات القياسية واللوائح الفنية والتشريعات الأخرى المعتمدة في هذا الإطار، وخاصة مدى التزام الشركات المنتجة للمواد الغذائية والموردين نحو توفير منتجات آمنه للمستهلكين باختلاف فئاتهم العمرية، وتؤكد على ضرورة الالتزام بوضع التحذيرات الملزمة بموجب المواصفات القياسية واللوائح الفنية المعتمدة ومثال ذلك وضع التحذير الخاص بعدد من المواد الملونة المضافة للأغذية، ومنها: (E 102، E 104، E 110، E 122، E 124، E 129)، ويتعين وضع نص التحذير بكافة عبوات المواد الغذائية (الصلبة والسائلة) التي تحتوي على أي مادة من المواد الملونة آنفة الذكر كالآتي: «هذه المواد قد يكون لها تأثير سلبي على النشاط والتركيز لدى الأطفال».

جدل كبير

وتقول مختصة الغذاء والتغذية وعضوة هيئة تدريس بكلية الزراعة في جامعة السلطان قابوس د.أماني بنت سالم الرواحية: «إن الملون الغذائي يُعرف بأنه مادة تضاف إلى الأطعمة والأشربة لتغيير لونها وتحسين مظهرها، وتستخدم في الأطعمة التجارية كما قد تستخدم في الطبخ، وبسبب توافرها وأمانها فإنها قد تستخدم في أماكن أخرى كالأماكن التعليمية. وقد تكون من مصدر طبيعي أو اصطناعي، وبعضها يسمح به ضمن حدود معينة، كما يوجد من يحرّم استخدامها، ومن الجهات التي تنظم شرعية الملونات الغذائية على المستوى العالمي هيئة الدستور الغذائي وتوجد جهات أخرى كإدارة الغذاء والدواء الأمريكية وغيرها من الجهات الأوروبية والغربية التي تُعنى بتنظيم المضافات الغذائية عمومًا والملونات بشكل خاص. وبأنها مركبات كيميائية يجري تصنيعها بدرجة نقاوة عالية وهذه إحدى خصائص المواد الملونة الصناعية، كما أن لها قوة تلوين عالية وتوجد المواد الملونة الصناعية على عدة أشكال ويمكن تقسيمها إلى مجموعتين رئيستين: الأولى تسمى الأشكال القياسية وتضم كلًا من أشكال المساحيق والبودرة والحبيبات والسوائل، أما المجموعة الثانية فتسمى الأشكال ذات الاستعمال الخاص وهذه تشمل أصباغ الطلاء والعجينة والمعلق. ومما يجدر ذكره أن التشريعات الخاصة بالمواد الملونة الصناعية تختلف من بلد إلى آخر فبينما تجد مادة ملونة مسموح بها في بلد ما قد تجد أنها ممنوعة في بلد آخر. وتوضح الدكتورة أن المواد الملونة يتم الحصول عليها من مصادرها الطبيعية كالخضروات والفواكه، وهناك المواد الملونة الشبيهة بالطبيعية التي تعد مرادفات صناعية للمواد الملونة الطبيعية، وقد قل الطلب على المواد الملونة الطبيعية بعد اكتشاف المواد الصناعية حيث إن الألوان الطبيعية غالبًا ما تكون ذات ثباتية قليلة للحرارة والضوء كما أنها لا تتوفر باستمرار، إلا أنه نتيجة لنتائج البحوث في السنوات القليلة الماضية والتي أثبتت أن بعض المواد الملونة الصناعية ضارة بالصحة فقد تمت العودة ثانية إلى المواد الملونة الطبيعية وجرى تطوير التقنيات الخاصة بصلاحيتها».
وتوجد المواد الملونة الطبيعية على نطاق تجاري على هيئة مستخلصات طبيعية، لذا قد يختلف لونها بناء على مصدر الصبغة وطريقة الاستخلاص، وعمليات الخلط للحصول على الشكل المناسب لغرض الاستعمال، وتوجد المواد الملونة الطبيعية الرئيسية على هيئة سائل أو مسحوق أو معلق. كما أنه يوجد عدة جهات رقابية عالمية ومحلية تحرص على أن تكون جميع المواد المضافة للأغذية ذات أمن أو مصرح باستخدامها في الحدود الآمنة على سبيل المثال فإن إدارة الدواء والغذاء الأمريكية (FDA) لديها معايير خاصة لصلاحية هذه المواد، وفي حالة ظهور أية معلومات قد تسبب ضررًا على صحة الفرد، فإنه يستلزم توفر شروط محددة في المادة الملونة للأغذية المراد استخدامها لكي يجري السماح والموافقة عليها من قبلها كتقديم معلومات تفيد أن الاستعمال المقترح للمادة المضافة يعد آمنًا ولا يشكل أي خطورة على الصحة، وأن الاستعمال المقترح لا ينطوي على غش المستهلك والاحتيال عليه، وأن استعمال المادة المضافة سيعمل على تحقيق الهدف التكنولوجي المقصود، وأن استعمال المادة المضافة لا يؤدي إلى سرطانات لا قدر الله.

مخاطر الصبغات الصناعية

وحول المخاطر التي تسببها الألوان الغذائية الصناعية على صحة الإنسان تقول الدكتورة بأن الكثير من الدراسات القائمة حول هذا الموضوع ما زالت تثير عدة تساؤلات حول ارتباط الألوان الصناعية بالغذاء وصحة الأطفال، حيث تشير بعض هذه الدراسات إلى وجود ارتباط بين الألوان الصناعية وبعض الأمراض السلوكية كمتلازمة فرط الحركة أو النشاط ADHA عند الأطفال، وأمراض الحساسية الجلدية والصدرية وغيرها، كما ربطت بعض الدراسات بين هذه الألوان الصناعية وبعض أمراض السرطان وآلام المعدة. وتضيف الرواحية: «أبرز السلع والمنتجات المحتوية على الألوان الصناعية الغذائية والتي يستهلكها الأطفال بكثرة هي الحلويات والجلي وقوالب الشوكولاتة والكعك المصنع، والعصائر وغيرها من المواد الغذائية، وللتمكن من اكتشافها بسهولة يجب البحث عن جملة «تحتوي على Red أو ألوان صناعية» أو اسم اللون ومن بعده رقم معين مثل «40#»، فإذا وجدت مثل هذه المسميات على الأغذية وجب تجنبها عن طريق الابتعاد عن شرائها للأطفال كما توجد منتجات غذائية أخرى يوضع عليها ألوان طبيعية وهذه آمنة ولا خوف منها».

معايير في الاختيار

وتوضح المستهلكة سامية بنت سنان الجهورية رأيها قائلة: «من المعروف أن الأطفال تشدهم الألوان المميزة والأشكال الجميلة، وبسبب ذلك يستهلكون كميات كبيرة من الحلويات يوميًا، ولذلك تقوم بعض الشركات بإضافة هذه الألوان لزيادة نسبة مبيعاتها ولا تهتم بصحة مستهلكي هذا النوع من الغذاء وقد تشكل خطورة كبيرة على صحتهم». وتضيف: «هناك معايير عدة يمكن أن تتحكم في عملية شراء حاجات الأطفال، منها الإحساس بالأمان، فلا بد من مراعاة معيار الأمان عند الشراء إذ إن الطفل مسؤولية كبيرة ويجب أن نحافظ على صحته ولا يمكن شراء أي سلعة غير صحية أو آمنة له، كذلك معيار السلوك إذ إنه لابد أن يكون لدى الطفل سلوكيات تساعده على أداء دوره داخل محيطه ومنها تنتج حاجياته، وكذلك معيار الصحة إذ لا بد من خلو المنتجات من أي مواد تضر بصحته». وتتمنى الجهورية من حماية المستهلك القيام بحملة تستهدف الكبار والصغار كإرشادات بالرسائل النصية أو إعلانات مرسومة خاصة بالأطفال أو محاضرات قصيرة.

مهمة ليست سهلة

ويذكر المستهلك سعيد بن محمد الهنائي أن الحصول على غذاء صحي مهمة ليست سهلة في أيامنا هذه، وبشكل خاص مع النمط الغذائي الذي بات يحاصر الجميع باستهلاك الوجبات السريعة والحلويات والمعلبات والعصائر المستوردة وخلافه، والضحية الأكثر تعرضًا للخطر هم الأطفال لعدم وعيهم من جهة وإهمال الأهل من جهة أخرى. ويوضح الهنائي أن الملونات التي تضاف إلى الأغذية وبشكل خاص أغذية الأطفال يمكن أن تشكل خطورة كبيرة وبشكل خاص إذا ما استهلكت هذه الأغذية بشكل مبالغ فيه، إذ تستعمل بكثرة في إعطاء اللون للحلويات وسكاكر الأطفال، وأهم المشاكل الصحية لهذه الملونات هي الحساسية الجلدية وحساسية الجهاز التنفسي كالربو وهي مشاكل تنتشر بكثرة، والحذر هنا واجب إذ يستهلك الأطفال كميات كبيرة من السكاكر يوميًا من غير أي ضابط، وهذه المواد تشكل خطورة على صحة الطفل من حيث كميات السكريات التي بها بلْه الملونات.

توعية صحية

ويتحدث المستهلك سليمان بن خصيب الحراصي قائلًا إن معرفته بموضوع الألوان الصناعية في الأغذية محدودة وفي هوامش صحية عامة لا تتعدى حدود الشكل والكميّة والسعر. موضحًا أنه لن يستطيع أن يمايز بين الغث والسمين بسبب الكثرة والتكدس والتشابه والاختلاط بين عناصر السوق الغذائي الحالي. ويتطلع الحراصي إلى وجود توعية صحية عالية المستوى في هذا الجانب وغيره خصوصًا ما يتعلق بسلامة الغذاء، بالإضافة إلى ضرورة الرقابة الصحيّة على المنتجات قبل نزولها للسوق، قائلًا: «ما المانع من أن تدرج مثل هذه المواضيع في قوائم المناهج الدراسية، ليتسنى للمجتمع التنبه للأمر مبكرًا».

الابتعاد عن السلع الرخيصة

وتقول م.بشرى بنت جعفر العبدوانية: «نحن نحاول ونجتهد أن نبتعد عن الملونات الصناعية لما لها من آثار سلبية على المستوى البعيد لأبنائنا، ونحن بالتأكيد نحاول أن نبتعد أولًا عن بعض الدول المصنعة للحلويات الرخيصة، كما نعتمد الابتعاد عن الملونات الصناعية ومادة الجلاتين الحيواني، والأهم إبعاد أبنائنا عن السكريات خصوصا مادة الســبرتيوم البديل للســـكر، والابتـــعاد كليًا عن المعلبات، واعتماد المواد الطبيعية، حتى بالنسبة الفواكه والخضروات فأنصح بالابتعاد عن الذي يتعرض منها للأسمدة الكيماوية».
وتتمنى بشرى التدخل المباشر من الجهات المعنية والرقابة، والإشراف المباشر، وتجنب استيراد المواد التي تضر بالأطفال، فليس الجميع لديه التوعية الكافية ببعض المنتجــات فالســـوق مفتوح، وليس الجميع متساوين بالمعارف فهذا الشيء سيقلل من فاتورة وزارة الصحة حول ما تنفقه جراء معالجة الأمراض التي تسببها تلك المنتجات والأطعمة التي تكون معلوماتها مغيبة لدى الكثير، كما تتمنى تكثيف التوعية بتلك المنتجات الضارة.